..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

انهيار سوريا أولا..ثم لبنان

ساطع نور الدين

٢٢ إبريل ٢٠١٩ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3119

انهيار سوريا أولا..ثم لبنان

شـــــارك المادة

لعلها مجرد مصادفة أن يتزامن وقوف لبنان وسوريا وإيران هذه الايام على حافة الهاوية الاقتصادية، من دون ان يكون العراق، بصفته حلقة مهمة في ذاك المحور المزعوم، في حالة استقرار اقتصادي أيضاً. لكن الخيط الرفيع الذي يربط البلدان الاربعة ليس منسوجاً من خيال قادتها ومعاركهم الدونكيشوتية، هو أيضا معقوٌد بإحكام في نظرة الآخرين، أميركيين وأوروبيين وروس وصينيين، الذين ما عادوا يميزون كثيراً، كما في الماضي بين الهويات الاربع وخصوصياتها.
 

الادعاء الايراني الاخير بالسيطرة على أربع عواصم عربية، بإضافة صنعاء الى كل من بيروت ودمشق وبغداد، والذي لم يؤخذ يوماً على محمل الجد، بناء على حقيقة أن طهران لم ولن تمتلك المقومات السياسية والاقتصادية والثقافية لكي تكون عاصمة "إمبراطورية" تحكم اي عاصمة عربية ضعيفة أو مضطربة. هي تتمتع بلا شك بالإمكانات الامنية (وليس العسكرية) لإطلاق مثل هذا الشعار، لكنها ليست مؤهلة حتى لأدوار حاسمة سواء كان في لبنان او سوريا او العراق او طبعا اليمن.
 

لكن، ولسوء الحظ، صدق الأميركيون والاوروبيون خاصة، ذاك الادعاء على الفور، وتعاملوا معه كأمر واقع. كانت هنا بالطبع حاجة الى تضخيم التوسع الايراني في العالم العربي، وفي تحويله الى خطر وجودي، يفوق الخطر الاسرائيلي ويحل محله تماماً. وكانت هناك رغبة في اختبار قوة العقوبات الاقتصادية وقدرتها على ان تكون بديلاً من الحروب العسكرية الطائشة او المكلفة. كان اختيار إيران لتكون هدف الحصار، نموذجياً، لا سيما في ضوء الخطاب الايراني المتفلت.
 

الاختبار دخل الآن في مراحله النهائية الحرجة، والسؤال لم يعد كيف ستنهار تلك السلسلة الايرانية؟ بل متى؟ ومن هي الحلقة الاولى التي ستتهاوى وتجر معها بقية حلقات "المحور المزعوم"؟ الظاهر هو أن سوريا هي الحلقة الاضعف والاقل قدرة على الصمود. وقد تأخر النظام كثيراً في إعلان نواياه بفك الارتباط مع طهران. ثمة من يرى أنه أعلن العكس تماما في الأسابيع القليلة الماضية، لا سيما عندما زار رئيسه بشار الاسد طهران، واستقبل أكثر من موفد إيراني. لكنه لم يحصد حتى الآن ثماراً وافية لاحتواء أزمته المعيشية الخانقة.
 

الانهيار السوري وشيك، وقد يكون مدمراً أكثر من سنوات الحرب الثماني الماضية. والاسوأ من ذلك أنه سيعبر الحدود نحو لبنان بشكل أسوأ وأخطر من النزوح السابق، الذي ترافق مع حركة انتقال للأموال والاستثمارات السورية، بحيث بات نحو نصف "النازحين" السوريين المقيمين داخل الاراضي اللبنانية يصنفون من موالي النظام ومموليه ومعاونيه على التهرب من العقوبات الدولية، كما صار أكثر من نصف المشرفين الايرانيين على الشأن الداخلي السوري يقيمون في لبنان او يمرون عبره.
 

هذا هو التقدير الدولي الذي يجعل لبنان هدفاً رئيسياً لنظام المراقبة والمحاسبة المفروض على إيران وسوريا، والذي يتخلى يوماً بعد يوم، تفهمه لحساسية الوضع اللبناني وتعاطفه مع الغالبية اللبنانية التي تناهض "محور الشر" الايراني.. ولا يمانع في أن يختبر فكرة الانهيار اللبناني، الذي لا يقتصر فقط على خطة ضرب حزب الله وجمهوره، بل بات يعتبر صدى طبيعياً للانهيار السوري الذي يتسارع على نحو خطير هذه الايام.
 

الهامش اللبناني يضيق يوماً بعد يوم. والاعتماد على التعقل الاميركي، او العطف الاوروبي، لم يكن له أساس، ولن يكون له أي مفعول. اما الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة، التي تناقشها السلطة اللبنانية، الان، فثمة ما يوحي بأنها تأخرت أيضاً، ولن تكون مجدية في منع تداعيات الانهيار السوري، أو التعثر الإيراني، كما لن تكون مقنعة في كسب ود الاميركيين، الذين يعتمدون الحصار الاقتصادي وسيلة لتغيير سياسي جذري في المحور الايراني وتوابعه، ويعتبرون أن الوقت مناسب لما يشبه" صفقة القرن "التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية نهائياً.    

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع