جريدة المدن
تصدير المادة
المشاهدات : 2877
شـــــارك المادة
بينما يشتكي السوريون في مواقع التواصل الاجتماعي من أزمة البنزين الخانقة، في مناطق سيطرة النظام السوري، يعمم الإعلام الرسمي حالة من النكران والتهريج التي تستخف بالحالة المعيشية الصعبة وتضعها في إطار الصمود والتحدي المطلوب من الشعب لدعم "الدولة السورية".
وبينما انتشرت صور لطوابير السيارات والناس المصطفين لساعات طويلة للحصول على البنزين من محطات الوقود، صورت قناة "الإخبارية السورية" الرسمية، تقريراً في أحد هذه الطوابير، عن "سعادة" الناس وكيفية قضائهم وقتاً ممتعاً، وتحدثت في برامجها الحوارية عن تحول هذه المشكلة إلى ناحية إيجابية من خلال اجتماع الناس معاً وتعارفهم وحتى تشكيل صداقات جديدة! وبدأ تقرير القناة بأغنية لميادة بسيليس كررت كلماتها معدة التقرير: "ما في شي مستاهل ما في شي حرزان.. بكرا كل شي رايح.. نيالو الرضيان"، في حين طالب الإعلام الرسمي المواطنين بالرضا والصبر وتحدي العقوبات الكونية، بلعب الورق أو تناول الطعام داخل السيارة، وكانت عبارة "شفنا أيام أصعب" رائجة للتقليل من أهمية الأزمة الحالية، فالدولة السورية صمدت في وجه "الإرهاب" ولن تكسرها "أزمة بنزين". هذا الاتجاه التهريجي وتمييع الموضوعات الجدية بإطلاق النكات وسرد "المواقف الطريفة" التي تفقد الحدث معناه، هو أسلوب كلاسيكي تتبعه دعاية النظام منذ عقود لتنفيس الغضب الشعبي، تجاه أي قرار أو حدث مستفز، خصوصاً مع عدم قدرة النظام على تقديم حلول عملية يمكن الحديث عنها في إعلامه، بموازاة عدم قدرته على التحدث بصراحة عن أزماته لأن ذلك يصوره على حقيقته كنظام لا يمتلك السيادة ولا الشرعية ولا القدرة على تأمين المستلزمات الأساسية لمواطنيه. يمكن تلمس ذلك في مقطع آخر، حيث بث الإعلام الرسمي مقاطع لـ"عراضة شامية" ومقاطع للرقص والدبكة في طوابير الانتظار، وتم تقديمها على أنها طريقة الشعب السوري "العفوية" في تحدي الأزمات ورفض العقوبات الدولية، قبل حرف الحديث نحو "الحروب الاقتصادية" كأسلوب جديد من "الغرب" للضغط على الشعوب. ونقلت القنوات الرسمية أيضاً، لقطات لتوزيع الورود على المواطنين، من قبل متطوعين، للتعبير عن حالة الحب الشعبي، بوصفها رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن السوريين متحدون ولا يهتمون بالعقوبات. فيما عُرضت تقارير أخرى عن متطوعين آخرين، أكثر "نخبوية" على ما يبدو، يقدمون الكتب كي يستغل المنتظرون في الطابور وقتهم في شيء مفيد. وكانت وزارة النفط السورية قد خفضت، مطلع الأسبوع، مجدداً كمية البنزين المخصصة للسيارات الخاصة، لتصبح 20 ليتراً كل خمسة أيام، في إجراء تقشفي جديد. وتخطى الزحام على محطات الوقود في سوريا، المألوف، إذ تشهد دمشق زحمة سيارات تنتظر الوقود. وتعاني المدينة، منذ أشهر، نقصاً حاداً في المشتقات النفطية، تفاقم مؤخراً بشحّ البنزين الذي شل حركة السوريين.
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة