ريان محمد
تصدير المادة
المشاهدات : 2515
شـــــارك المادة
تواجه قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها صعوبة كبيرة في التقدّم داخل تلول الصفا، التي تأخذ شكل دائرة قطرها نحو 19 كيلومتراً، تتوزع ما بين المنطقة الإدارية للبادية الشرقية للسويداء وبادية ريف دمشق، وهي عبارة عن مجموعة من الكتل البركانية صعبة التضاريس وكثيرة الكهوف والوديان، والتي يتحصن فيها مئات المقاتلين من تنظيم "داعش"، الأمر الذي يسبّب حالة من الاستنزاف لقوات النظام في العديد والعتاد. وقالت مصادر متابعة، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام تعرضت يوم الأحد الماضي إلى كمين من قِبل مقاتلي داعش، تسبّب بمقتل نحو 19 عسكرياً بينهم ضابط، في حين جرح العشرات"، لافتة إلى أن "هذا الكمين ليس الأول من نوعه، فقبل أيام قُتل نحو 20 مقاتلاً من قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وقبلها بفترة سقط نحو 70 عسكرياً أيضاً، وكان أكبر الكمائن إلى اليوم، إضافة إلى تدمير العديد من المدرعات". وأوضحت المصادر أن "طبيعة تضاريس المنطقة تجعل التفوّق لمقاتلي داعش، المتحصنين في المنطقة منذ سنوات، وقد عملوا على تجهيزها ليصمدوا فيها أطول فترة ممكنة، خصوصاً أن عدد المقاتلين يُقدّر بنحو 1500 مقاتل، بعض منهم معهم عائلاتهم، وهم مقاتلون شرسون، جزء منهم جاء من جنوب دمشق، وآخرون تسللوا من ريف درعا، إضافة إلى عدد من مقاتلي بدو المنطقة المبايعين لداعش". ولفتت إلى أن "قوات النظام لا تزال في محيط التلول ولم تستطع بعد التقدّم داخلها وتثبيت نقاط لها فيها، على الرغم من الاشتباكات العنيفة التي تدور بين الطرفين والقصف المدفعي وغارات الطيران التابع للنظام، إلا أن طبيعة تضاريس المنطقة لا تجعل لعمليات القصف تلك أي أثر واضح"، مضيفة أن "التنظيم يتمتع بالسيطرة على شبكة طرقات داخل التلول ما يساعده على خفة التنقل بين أطراف المنطقة، إضافة إلى وجود تجمّعات مائية داخل مناطق سيطرته، كما أنه يطل على نقاط تمركز قوات النظام والمليشيات الموالية لها، المتواجدة في منطقة سهلية مكشوفة، الأمر الذي يسهّل من استهدافها". في المقابل "لم تتمكن قوات النظام من إطباق الحصار على تلول الصفا، فما زالت تحاصره من ثلاث جهات هي الشمالية والجنوبية والغربية، في حين لا تزال الجهة الشرقية تؤمن للتنظيم طرق تواصل مع بادية حمص ودير الزور اللتين يتمركز فيهما مقاتلو داعش الذين انسحبوا من دير الزور والرقة وغيرهما من المدن والبلدات التي كانوا يسيطرون عليها"، بحسب المصادر. من جهته، أبدى خبير عسكري في دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، استغرابه من عدم جدية الروس في الدخول بمعركة تلول الصفا، "التي تحوّلت اليوم إلى مثلث برمودا أو ثقب أسود بالنسبة لقوات النظام"، قائلاً "منذ تدخّل سلاح الطيران الروسي في سورية، أصبح من المعلوم أن سبب التفوّق الميداني لقوات النظام والإيرانيين وحزب الله اللبناني وغيرهم من المليشيات والمرتزقة، بمن فيهم قوات النمر التي يتزعمها العميد سهيل الحسن، يعود إلى القدرة التدميرية العالية للطيران الروسي الحديث، الذي يمتلك صواريخ وقذائف خاصة بالكهوف، إضافة إلى أجهزة استطلاع ترصد تحركات المقاتلين". لكنه أشار إلى "عدم تواجد الروس في معركة تلول الصفا، بل منذ بدء المعركة قبل نحو شهرين، إثر المجزرة التي ارتكبها داعش في القرى الشرقية من محافظة السويداء وراح على أثرها أكثر من 500 قتيل وجريح، وخطف نحو 30 طفلا وامرأة، يُعتقد أنهم موجودون في تلول الصفا، على الرغم من أن مصادر أخرى تعتقد أنه تم نقلهم إلى منطقة أخرى في عمق البادية". ولفت الخبير العسكري إلى أن "مثل هذه المناطق الوعرة، والتي تُعتبر كحصن صعب الاختراق، لا يمكن السيطرة عليها بالطرق التقليدية وبمجموعات صغيرة من المقاتلين، وهي التي تبدو الاستراتيجية المتّبعة اليوم، والتي تتسبّب في وقوع قوات النظام وحلفائها بهذه الكمائن وقتل وجرح العشرات منهم"، مضيفاً "هذا الأمر يستدعي تغيير الاستراتيجية عبر إطباق الحصار على المنطقة لقطع الإمدادات التي تأتي لمقاتلي داعش، إضافة إلى حرمانهم من مصادر المياه، واعتماد سياسة الأرض المحروقة في ظل رصد دقيق لتحركات مقاتلي التنظيم، والعمل على استنزافهم عبر معركة غير متوقفة، بالاستفادة من التفوّق العددي لقوات النظام وحلفائها حتى تتمكن من إحداث خرق وقضم مناطق سيطرته داخل تلك التلول". ورأى الخبير أن "استراتيجية النظام في اعتماد ترحيل مقاتلي داعش من منطقة إلى أخرى بهدف إعلان انتصارات جزئية، واختياره البادية كمنطقة تمركز للتنظيم، هي خطأ استراتيجي، إذ إن التنظيم نشأ في هذه البيئة، ولديه القدرة على اتّباع استراتيجية قتالية لاستنزاف أي قوات ميدانية، إضافة إلى ضعف الطيران في المناطق المفتوحة كالبادية، فعملية التمويه سهلة لمقاتلي التنظيم الذين في الغالب يتنقلون في مجموعات صغيرة"، معتبراً أن النظام "يدفع اليوم ضريبة إخراج التنظيم وجلبه إلى بادية السويداء". وبحسب الخبير نفسه، فإن "معركة القضاء على التنظيم في البادية ستكون من أصعب وأطول المعارك، وقد تستغرق سنوات، إن لم تكن هناك رغبة دولية غير معلنة بالطبع بالإبقاء على التنظيم في البادية كبؤرة إرهاب تشرعن بقاء القوات الأجنبية والتدخّل في الملف السوري". يُشار إلى أن "داعش" ما زال يحتفظ بمساحات واسعة ما بين بادية ريف دمشق على أطراف بادية السويداء، إلى بادية حمص ودير الزور، وهي تقريباً ذات المناطق الصحراوية التي خرج منها مقاتلو التنظيم واحتلوا العديد من المدن والبلدات السورية، ما يجعل خطر "داعش" قائماً إلى اليوم، على الرغم من إعلان قوى دولية والنظام السوري انتصارهم على التنظيم. وكانت وكالة "أعماق" المتحدثة باسم "داعش"، أعلنت الإثنين الماضي أن قتلى قوات النظام تجاوز عددهم 30 خلال الأيام الثلاثة الماضية، في منطقة تلول الصفا، ما يرفع حصيلة قتلى قوات النظام خلال أسبوعين إلى أكثر من 100 عنصر، بينهم ضباط برتب رفيعة.
الأناضول
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
العربية نت
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة