..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية لم تنهزم

عبد الإله فهد

١٠ يوليو ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2516

الثورة السورية لم تنهزم

شـــــارك المادة

يرى بعض مؤيدي نظام بشار الأسد أن الأمور تسير في مصلحتهم، وأن علامات الانتصار وانتهاء ما يسمونه بالأزمة بدأت تلوح في الأفق، من خلال استعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، وريفي حمص الشمالي، وحماة الجنوبي، ليؤكد النظام أن المعركة الحاسمة ستكون في الجنوب السوري من ناحية، إلا أنه يخدعهم بأنه المنتصر من ناحية أخرى.

لكن الحقيقة التي لا يراها المؤيدون، أو يحاولون تجاوزها، هي أن الأسد لم يعد موجودا في الحسابات الإقليمية والدولية منذ زمن، ولم يتنبهوا إلى أن المفاوضات التي تمت في الغوطة الشرقية، والتي كانت تبعد عن قصر الشعب بضع كيلومترات فقط، لم يكن فيها للقابع هناك (الأسد) أي دور فيها، سوى تقديم القرابين من الضباط والمجندين التابعين له، كذلك الأمر في مفاوضات ريف حمص الشمالي، وريف حماة الجنوبي، إذ لم يكن له أي دور فيها.

والآن مفاوضات الجنوب السوري، (الأسد) أيضا هو بعيد كل البعد عنها، وممنوع عليه الاقتراب إلا لتقديم مزيد من القرابين التي نراها منذ بدء العمليات العسكرية على الجنوب السوري، حيث اكتظت بالجثث مشافي مدن حماة وحمص وطرطوس، وما أدراكم بما حدث في محافظة طرطوس؟ إذ تشير الإحصاءات إلى أن عدد الذين قتلوا من طرطوس في هذه الحرب تجاوز مئة ألف قضوا دفاعا عن نظام الأسد، وأن كل المفاوضات تتم بين فصائل الجيش الحر من جهة، وممثلين عن روسيا الاتحادية من جهة أخرى.

أما على الصعيد السياسي، فقد تم الاتفاق على مؤتمر الحوار الوطني في مدينة سوتشي الروسية من قبل الدول الضامنة لاتفاق خفض التصعيد في العاصمة الكازاخية أستانة، وهي تركيا وروسيا وإيران، وانحصر دور بشار الأسد بالتنفيذ وحسب، فقد تم في مؤتمر سوتشي إقرار ورقة المبادئ الاثني عشر، التي تم الاتفاق عليها بين وفد المعارضة والأمم المتحدة، والتي رفضها النظام رغم المحاولات المستمرة من قبل الأمم المتحدة لجعل النظام ينخرط بنقاشها، والقبول بها، دون إحراز أي تقدم، والأهم أيضا في مؤتمر الحوار الوطني، الإقرار من المجتمعين الذي تم انتقاؤهم من قبل بشار الأسد، أن دستور عام 2012 غير صالح، ولا بد من استبداله بدستور يلبي تطلعات الشعب السوري، من خلال موافقتهم على تسمية اللجنة الدستورية، وأن تكون مرجعيتها الأمم المتحدة، ومع انتهاء أعمال مؤتمر سوتشي للحوار الوطني، وانتهاء العمليات العسكرية على الغوطة الشرقية، تم استدعاء بشار الأسد إلى سوتشي وبمفرده، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليبلغه أن عليه إرسال أسماء ممثليه في اللجنة الدستورية إلى الأمم المتحدة بعد أن سلمه قائمة بالأسماء الذي ستكون ضمن اللجنة، لتنقضي عدة أيام على الاستدعاء، دون أن يرسل بشار الأسد إلى الأمم المتحدة قائمة الأسماء، ليصل لاحقا إلى دمشق مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف ويحذر الأسد من المماطلة واللعب مع الكبار، وما هي إلا ساعات حتى تم إرسال القائمة إلى الأمم المتحدة.

في هذه الأثناء، تم الإيعاز للأسد بالتواصل مع ما يعرف بـ "قوات سورية الديمقراطية" التي يشكل عمودها الفقري تنظيم (ب ي د) الإرهابي في شرق سوريا، وإبرام اتفاق معهم حول إنهاء ما يسمى "الإدارة الذاتية"، وأن هذا الاتفاق تم بموافقة أمريكية روسية، وأنه سيوقع على الاتفاق دون الخوض بأي تفاصيل، وأن هذه القوات وصلها الاتفاق ولن تستطيع فعل شيء على غرار الاتفاق الذي حصل بين الجمهورية التركية وروسيا الاتحادية في معركة "غصن الزيتون"، والذي على إثره هرب قيادات هذه القوات، قبل سقوط عفرين بأيام على أيدي الجيش الحر، بمساعدة القوات التركية.

أما اللقاء المرتقب في 16 تموز / يوليو الحالي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي سيعقد في العاصمة الفنلندية هلسنكي، فسيتم الاتفاق خلاله على المرحلة الثالثة حول الملف السوري، والذي سنرى من خلاله بدء خروج المليشيات الإيرانية من سوريا، وكذلك مليشيا حزب الله التي بدأت بالفعل بسحب مقاتليها بشكل تدريجي، ضمن اتفاق امريكي روسي، مقابل رفع بعض العقوبات عن إيران، وإعطائها بعض الامتيازات الاقتصادية لمنع انهيارها، إذ ظهر ذلك للجميع من خلال انهيار سريع لسعر صرف العملة الإيرانية، رغم كل المحاولات الإيرانية التي باءت بالفشل، وتسببت بموجات احتجاج واسعة على الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، والمطالبة بعودة القوات من سوريا، ووقف دعم الأسد الذي يعتبر جزءا من المشكلة بالنسبة إلى الشعب الإيراني، فضلا عن تفكيك مليشيات الشبيحة، حيث بدأ بالفعل تحويل قسم منهم إلى السجون أو التصفية وسحب أسلحتهم منعا من اندلاع مواجهات في المناطق الساحلية، لحظة اكتشاف الحقيقة بأنهم كانوا مجرد أدوات بيد بشار الأسد وقد تخلى عنهم.

لم يعد يخفى على ذي عقل أن نظام الأسد لم يعد له وجود حقيقي، ولن يستطيع تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا بعد الآن، وما هو إلا أداة يتم استدعاؤه وتسليمه قائمة الأعمال الواجب تنفيذها، فيما تنحصر صلاحياته بالضحك أمام الكاميرات، والعودة لتنفيذ التعليمات دون أي نقاش، تطبيقا للتفاهمات والاتفاقات الدولية، خصوصا بين أمريكا وروسيا فيما يتعلق بالخوض الجدي بالعملية السياسية للوصول إلى تنفيذ بنود القرار 2254 والذي لم تتخلَ أمريكا ودول أخرى عنه، والذي ينتهي بالانتقال السياسي بلا الأسد.

خلاصة القول أن الثورة السورية لم تنهزم بعد سبع سنوات ونصف سنة أمام نظام الأسد، بل استطاعت تحجيم النظام وحصاره إقليميا ودوليا.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع