الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3180
شـــــارك المادة
لقي بيان الإخوان المسلمين في سوريا، الذي صدر أول من أمس في اسطنبول، ترحيبا دوليا واسعا، وخاصة بعد أن تعهد إخوان سوريا فيه بإقامة دولة ديمقراطية مدنية تعددية بعد رحيل الأسد واحترام حقوق الإنسان والحريات وإقرار دستور مدني يحمي حقوق الأفراد والجماعات.. وبينما قال مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب إنه لم يفاجأ بالوثيقة، فضلت أغلب القوى الإخوانية المحلية عدم التعليق.
ورحبت واشنطن بالبيان، وأشار مصدر مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «احترام جماعة الإخوان المسلمون لهذه المبادئ والقيم، والتزام أطياف المعارضة السورية بتحقيق الديمقراطية أمر جيد، ويشجع على مواصلة العمل مع المعارضة والمجلس الوطني السوري وغيره من الجماعات، حتى يتمكنوا من توحيد رؤيتهم لمستقبل سوريا، وطمأنة الأقليات في البلاد وضمان المساواة وحقوق الإنسان والحريات السياسية والدينية».
وأكد المصدر على أهمية التحضير لاجتماع أصدقاء سوريا الذي يعقد في اسطنبول في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وضرورة التشاور مع كافة أطياف المعارضة والتنسيق مع الشركاء الإقليميين.
كما رحب المعارض السوري رضوان زيادة، عضو المجلس الوطني السوري، ببيان الإخوان المسلمين بإقامة دولة ديمقراطية مدنية، مؤكدا أنه يعد خطوة في الاتجاه الصحيح وإبعاد الشكوك عن اتجاه الإسلاميين في سوريا لإقامة الدولة الإسلامية أو رغبة الإخوان في الانتقام إذا وصلوا للسلطة.
وقال زيادة إن «التزام الإخوان بالمصالحة ترك انطباعا إيجابيا لدى المسؤولين في واشنطن، وسمعنا انطباعات إيجابية عن البيان باتجاه دعم برنامج كامل للمرحلة الانتقالية في سوريا، على اعتبار أن التزام الإخوان بمبادئ الديمقراطية - وهم فصيل منطوٍ داخل المجلس الوطني السوري - يعبر عن كل مبادئ المعارضة السورية التي تتوحد لوضع تصورات كاملة لإدارة المرحلة الانتقالية، والتأكيد على فكرة المصالحة ومشاركة كل السوريين في العملية الانتقالية بهدف الوصول إلى دولة مدنية».
من جهته، قال الشيخ إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب إنه لم يفاجأ بوثيقة إخوان سوريا.. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على اتصال دائم مع المهندس رياض الشقفة، المرشد العام لإخوان سوريا، ونائبه الشيخ علي صدر الدين البيانوني.. ونهنئهما بصدور تلك الوثيقة التي تؤكد على مدنية الدولة». وأوضح منير أن الوثيقة جاءت من قبل في رؤية جماعة إخوان سوريا أصدرتها عام 2004، ووافق عليها مجلس شورى الإخوان، واعتبر أن الوثيقة «خطوة تاريخية» من قبل «إخوان سوريا» تتقدم بها الجماعة وهي ملتزمة بها نصا وروحا، ووصفها بأنها: «عهد يصون الحقوق، وميثاق يبدد المخاوف، ويبعث على الطمأنينة والثقة والرضا».
إلا أنه اعتبر أن الوثيقة أيضا رد على تلميحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أصدر موقفا لافتا قبل أيام، اتهم فيه عددا من الدول بالمنطقة «بممارسة ضغوط من أجل إقامة نظام حكم سني في سوريا» في حال سقوط النظام الحالي، مما سبب موجة من ردود الفعل السياسية الرافضة لهذه التصريحات بالمنطقة. مشيرا إلى أن قوى سياسية أخرى لا تريد أن يكون للإسلاميين موضع قدم في النظام المقبل في سوريا بعد بشار الأسد.
وأكد منير أن إخوان الغرب حذروا من التدخلات في سوريا، وقال: «وجهنا رسائل إلى كل القوى، بما فيها إيران، ندعوهم إلى التوقف عن التدخل في الشؤون السورية»، وأوضح قناعته أن «الوثيقة ستجد استجابة حقا من جميع فئات الشعب السوري».
وقال إن ما يحدث الآن على الساحة يتشابه مع القوى السياسية التي استفادت من الأنظمة الشمولية في مصر ونعمت بخيراتها، والآن تريد إقصاء الآخر، مثل الليبراليين والعلمانيين، دون التزام بمبادئ هذه الشعارات التي تعطي للناس حق تقرير مصيرها. وأكد منير أن المسالة في سوريا ليست طائفية، ولكن تفاقم العنف يحدث بسبب ديكتاتورية النظام، مشددا على أن «إخوان الغرب لا ينظرون إلى ما يحدث في سوريا على أساس أنه صراع طائفي، وإنما ثورة لاسترداد حقوق الشعب المسلوبة».
وفي لبنان، لاقت الوثيقة ردود فعل مرحبّة وارتياحا تجاه ما تضمنت من «تطمينات» للمجتمع الداخلي والخارجي ولا سيّما للطوائف الأخرى، ورؤيتها للوصول إلى «دولة مدنية تعدّدية». وهو ما أكّده سجعان قزي، نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «ننظر بارتياح إلى وثيقة الإخوان المسلمين، ولا سيّما الشق المتعلّق بقضايا حقوق الإنسان والتعددية والمساواة والديمقراطية والدستور والدولة المدنية».
واعتبر قزي أنّ «هذا البيان هو بمثابة إعلان نيات بعدما تزايدت المخاوف من وصول الإسلاميين والأصوليين إلى الحكم، كما يأتي توقيت إعلانه بعد الجريمة التي وقعت في فرنسا واستهدفت يهودا، وبعد موقف الإسلاميين في مصر من الأقباط ووفاة البابا شنودة. وعلى الصعيد السوري، أتت بعد عاملين متعلقين بالوضع السورين وهما بروز المكوّن العسكري المتمثّل بالجيش السوري الحر، ليختصر الحالة الثورية لمقاومة النظام وعشية انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني في اسطنبول».
وأضاف «في كلّ الأحوال، أعتقد أنّ الموقف الذي أعلن عنه في الوثيقة، يستحق الثناء والدراسة، لكن كلماته تحتاج إلى مضمون دستوري متكامل، وننتظر بالتالي التطورات وترجمة لهذا البيان اليوم قبل الغد». كذلك، أعلنت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» أنّها «قرأت بعينٍ إيجابية هادئة وثيقة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا والذي أكدت فيه الجماعة التزامها بـ(دولة ديمقراطية تعددية وفق النظام الحديث ونظام جمهوري على أساس انتخابات نزيهة حرة، ودولة مواطنة ومساواة بين المواطنين على اختلاف مذاهبهم ويتساوى فيها الرجال والنساء، ودولة تلتزم باحترام حقوق الإنسان كما أقرّتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية)»، مبدية ترحيبها بهذا «العهد والميثاق»، وبالأخص فيما يتعلق بلبنان، على أمل أن تكون العبرة في التنفيذ.
من جهتها، رحبت الرابطة السريانية بما جاء في وثيقة الإخوان المسلمين في سوريا واعتبرته أول بيان يلفت إلى قبول التنوع والتعددية ويقر بانتخابات، وبتداول سلطة وبالمساواة بين الأديان. وأضافت أن «أهم ما يجول في خاطر كل مسيحي مشرقي هو التزام الأحزاب الإسلامية بأقوالها وتنفيذها. إن هذه الخطوة بداية وعي لحقوق كل مواطن وكل مجموعة، في تمثيل صحيح وفي مواطنة تامة بعيدا عن مبدأ الذمية والدونية أو المنة ومنطق الأقليات».
وأكدت الرابطة أن التيارات الإسلامية بأسرها مطالبة بحوارات هادئة عقلانية مع مسيحيي الشرق لإزالة الهواجس والقلق والمساهمة مع كل القوى في بناء أوطان لها نكهة احترام الإنسان وحقوقه.
بدوره، تطرّق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط خلال مشاركته في إسطنبول في مؤتمر للاشتراكيّة الدوليّة ناقش الثورات العربية والتطورات في المنطقة، إلى وثيقة الإخوان المسلمين، واعتبر أنّ الخطاب الأخير لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا يؤكد على الاعتدال والتنوع والتعددية والتعايش والمساواة، وسأل «مثال مصر وتونس أيضا يؤكد على هذا التوجه، فلماذا الخوف أو التخويف من التيارات الإسلامية؟ لافتا إلى أنّ لكلام الجماعة المتسم بالإيجابية والانفتاح كل الثناء والتقدير والتشجيع».
من جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن جميل أبو بكر إن الإخوان السوريين لم يطلعوا جماعة إخوان الأردن على تفاصيل الوثيقة التاريخية التي صدرت أول من أمس في اسطنبول.
وأضاف أبو بكر «إننا لم نجتمع كي نناقش هذه الوثيقة»، موضحا أن الجماعة ستلتقي وفدا من جماعة الإخوان المسلمين السوريين للاطلاع ومناقشة حيثيات هذه الوثيقة. وقال «إننا جماعة الإخوان المسلمين في الأردن نلتقي بين فترة وأخرى مع إخواننا السوريين، ولكن لا يوجد خط ساخن بين الجماعتين، وإنما نلتقي على فترات متقطعة».
وحول رأي الجماعة في هذه الوثيقة، قال أبو بكر: «حتى الآن لم تناقش الجماعة بنود هذه الوثيقة»، موضحا أن «جماعة الإخوان المسلمين السورية تعيش واقعا معينا، وهي الأقدر على تقدير الأمور وما يتناسب معها ومع طبيعة مجتمعها داخل سوريا».
إلى ذلك، رفض عدد من قيادات الإخوان المسلمين في مصر التعليق على الوثيقة دون إبداء أسباب، كما رفضت بعض القوى التركية الإسلامية التعليق بدورها، مستشعرة حساسية في الأمر.
الأناضول
عامر قلعجي
مهند الخليل
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة