..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

إسقاط الطائرة الإسرائيلية: منظومة دفاع روسية أم كمين إيراني؟

عدنان علي

١٠ فبراير ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2789

إسقاط الطائرة الإسرائيلية: منظومة دفاع روسية أم كمين إيراني؟

شـــــارك المادة

بعد إسقاط الطائرة الإسرائيلية بصاروخ أطلقته الدفاعات الجوية التابعة للنظام السوري راجت تكهنات حول كيفية إسقاطها، وبحسب محللين تحدثوا لـ"العربي الجديد" فإن هناك احتمالية أن تكون واحدة من منظومات الدفاع روسية الصنع قد أسقطت الطائرة، إضافة إلى فرضية تقول إن العملية تمت من خلال كمين إيراني لاستدراج سلاح الجو الإسرائيلي.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي  قال إنه تم استهداف 12 هدفاً في سورية، بينها ثلاث بطاريات دفاع جوي سورية وأربعة أهداف إيرانية في سورية.

وحسب مصادر عدة، فإن الأهداف التي قصفتها إسرائيل اليوم شملت الفوج 150 في منطقة تل الصبا بريف درعا الشمالي، واللواء 89 في منطقة جباب شمالي درعا، واللواء 75 في جبل المانع بمنطقة الكسوة في ريف دمشق، وتل المانع جنوب دمشق، الذي يعتقد أنه يضم قوات وتجهيزات إيرانية.  
كذلك شمل القصف مواقع عدة غرب دمشق، منها اللواء 104 دفاع جوي التابع للحرس الجمهوري في منطقة عين الخضراء، كما شمل موقعاً للدفاع الجوي التابع للفرقة الرابعة بالقرب من بلدة يعفور في منطقة الديماس.

غير أن أكبر استهداف كان لمطار التيفور شرق تدمر، حيث أسفرت الغارات عن تدمير أجزاء من المطار وبرج المراقبة، ما أدى إلى توقف حركة إقلاع الطائرات التي عادة ما تنطلق منه مستهدفة الغوطة الشرقية في ريف دمشق ومحافظة إدلب.

وقال المحلل العسكري العميد أحمد رحال لـ"العربي الجديد" إن إسرائيل ركزت على منظومات الدفاع الجوي، التي تدخل ضمنها منصات الإطلاق، وهذا بسبب إطلاق طائرة إيرانية مسيرة من هذه القواعد، تم إسقاطها من قبل المروحيات الإسرائيلية، إضافة إلى محاولة تدمير غرف عمليات التحكم في هذه الأهداف.

ورأى رحال أن أهم الأهداف التي تستهدفها إسرائيل وسائط إطلاق الطائرات المسيرة ومراكز القيادة الإيرانية، وتتوازى معها في الأهمية وسائط الدفاع الجوي بكافة أشكالها وأنواعها، مشيراً إلى أن إسرائيل قد لا تهتم بأنظمة الدفاع الجوي القديمة، بل تلك الحديثة التي قد تشكل خطراً على الطائرات الإسرائيلية.

وأضاف رحال أن استهداف مطار (التيفور – T4) في ريف حمص جاء لكونه مطاراً إيرانياً إلى حد بعيد، معتبراً أن روسيا ستكون مستفيدة من هذه العملية، لأنه من مصلحتها إخراج الإيرانيين من سورية أو إضعافهم، وتحجيم وجودهم العسكري، لأنه لا يمكن للروس الدخول في مواجهة مباشرة مع من يمكن اعتباره حليفاً لهم.

وتستدعي هذه التطورات إلقاء الضوء على ما بحوزة النظام السوري من إمكانات للدفاع الجوي، التي تمكنت من إسقاط الطائرة الإسرائيلية المتطورة من طراز إف 16، في حادث يعتبر الأول من نوعه منذ عام 1986.

والواقع أن النظام السوري يحيط أنظمة الدفاع الجوّي التي بحوزته بسرية كبيرة، لكن بشكل عام تُجمع التحليلات على أن هذه المنظومة تطوّرت بشكل ملحوظ منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وفشل منظومة سام – 6 التي أُدخلت إلى سهل البقاع اللبناني في تلك الفترة، إذ تم في السنوات الأخيرة التزوّد بأنظمة مختلفة من الصواريخ المضادة للطائرات، وآخرها صواريخ "إس 200 سام 5" التي يعتقد أنها المسؤولة عن عمليات التصدي الأخيرة للطائرات الإسرائيلية.

وصواريخ "إس 200 سام 5" هي منظومة دفاع جوية روسية بعيدة المدى تتصدى للأهداف المتوسطة إلى عالية الارتفاع، وصممت بالأساس للدفاع عن مساحات واسعة من الأراضي ضد الطائرات المهاجمة والطائرات الاستراتيجية.

وتتألف كل بطارية سام 5 من ستة قواذف صواريخ ورادار تحكم بالنيران يمكن أن توصل بمحطة رادارية بعيدة المدى. ويبلغ طول الصاروخ 10 أمتار وقطره متراً واحداً، ووزنه نحو عشرة أطنان، ويتم إطلاقه من منصة ثابتة ويبلغ مداه الأقصى نحو 300 كلم.

وقبل اندلاع الثورة السورية عام 2011 كانت الدفاعات الجوية للنظام تضم 22 موقعاً للإنذار المبكر، و130 موقعاً فعالاً لصواريخ "سام"، و4 آلاف مدفع للدفاع الجوي، وبضعة آلاف من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف.

وقد أتاح لها ذلك تأمين تغطية للمدن الكبرى والمراكز الاقتصادية القريبة من إسرائيل، خاصة في المنطقة الساحلية، ووسط - غرب البلاد، ومنطقة دمشق، وفي الجنوب. أما في شرق سورية، حيث تقل الكثافة السكانية، فقد كان الدفاع فيها أقل بشكل كبير.

وبعد الحرب الداخلية، تعرّضت الدفاعات الجوية لنكسات كبيرة. ومن المرجح أن يكون العديد من المنظومات قد أهمل خلال الفترة الماضية، خاصة بعد تحويل جزء منها لمحاربة معارضي النظام، أو وقوعها بيد هؤلاء المعارضين، خاصة في الشمال، وفي منطقة دمشق، والمناطق المتاخمة لهضبة الجولان المحتل، ما خلق ثغرات أو ضعفاً في التغطية.

والأهم من ذلك، لا تتمتع الدفاعات الجوية للنظام السوري بالتكامل المناسب لضمان سلاسة وحسن القيادة والتحكم والاتصالات بوجه كافة أشكال التهديدات. لكن بإمكان هذه المنظومة أن تستهدف بنجاح أهدافاً يمكن توقعها وغير خطرة ولكن ربما لا تتمتع بالمرونة الكافية لمواجهة هجوم مفاجئ ومدبر جيداً، إذ من المعتقد أن إسقاط الطائرة الإسرائيلية كان خطة (عملية استدراج) إيرانية لإسرائيل، فتم نصب "كمين" للطائرات الإسرائيلية واستهدافها بـ 25 صاروخاً من طراز "سام 5" المتطور، في عملية محكمة ومعد لها جيداً، أي غير مفاجئة.

ويرى خبراء عسكريون أنه بعد قيام إسرائيل بغارة جوية على "مفاعل نووي" في منطقة الكُبر عام 2007، استثمرت سورية بكثافة في النظم الروسية الحديثة لتعزيز شبكة دفاعها الجوي. وكان التركيز على رفع مستوى عصب الشبكة، المكون من صواريخ "سام" من الحقبة السوفييتية من خمسينيات وستينيات القرن الماضي. 

وبعد سلسلة غارات إسرائيلية على مواقع داخل سورية خلال السنوات الماضية بدون أي رد عليها جرى أول استهداف للطائرات الإسرائيلية المغيرة في 17 مارس/ آذار الماضي، حين قامت أربع طائرات حربية إسرائيلية بضرب أهداف لقوات النظام السوري في تدمر، ورداً على ذلك تم إطلاق صواريخ مضادة للطائرات من منظومة "إس - 200"، ما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي أفغيدور ليبرمان إلى التهديد وقتها بتدمير أنظمة الدفاع الجوي السورية، إذا تم إطلاق الصواريخ مرة أخرى على الطائرات الإسرائيلية.

وحسب تقرير لوكالة سبوتنيك، ففي المحاولة الأخيرة لإسقاط الطائرات الإسرائيلية استخدمت قوات النظام السوري منظومة "إس-200"، وهي منظومة قادرة على ضرب أهداف على بعد 240 كم، وعلى ارتفاع 40 كم، ولكن العيب الأساسي في منظومة "إس-200" أن الهدف الذي يجب أن تضربه ينبغي أن يكون على ارتفاع 300 م، وأية طائرة حديثة يمكن أن تُحلّق على ارتفاع أقل من ذلك بكثير.

بالإضافة إلى ذلك تم تصميم "إس-200" من أجل ضرب الأهداف الكبيرة مثل القاذفات الاستراتيجية أو طائرات الإنذار المبكّر، ومن الصعب عليها ضرب مقاتلة مناورة من الحجم الصغير. ولذلك أصبح نظام "إس-200" قديماً نوعاً ما. ويملك النظام السوري أنظمة دفاع جوي حديثة من طراز "بوك-إم 2 إي" ونظام الدفاع الجوي أرض – جو والمتوسط المدى من طراز "بانتسير – إس 1".

وتستطيع منظومة "بوك – إم 2 إي" ضرب أهداف عدة في آن واحد على بعد 45 كم وارتفاع من 15 – 25 كم، وهي تؤمن الدفاع على نطاقات متوسطة، ولكن عددها لدى قوات النظام السوري محدود جداً.

أما في ما يخص "بانتسير – إس 1"، فإن هذه المنظومة تؤمن الحماية على مسافات قريبة بتدمير الطائرات والمروحيات والصواريخ والقنابل، وتستطيع ضربها على بعد 20 كم وارتفاع 15 كم، ويمكنها إطلاق النار على أربعة أهداف، وحصل جيش النظام على 36 منظومة من هذا النوع في عام 2011.

يُستخلص مما سبق أن النظام السوري ليس لديه سوى عدد محدود جداً من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، ومن الأنظمة بعيدة المدى لديه فقط "إس – 200"، وهي لن تستطيع حماية سوى مناطق محددة من الأراضي السورية.

من جانبها، تمتلك إسرائيل عدداً كبيراً من المقاتلات الأميركية من الجيل الرابع؛ نحو 300 مقاتلة من طراز "إف – 16" و"إف – 15" الأميركية، إضافة إلى صواريخ AGM-88 HARM وربما تكون قد حصلت على صواريخ مضادة للرادارات تطير إلى مركز إشعاع رادار العدو وتضرب الهدف على بعد 106 كم.

وطبعاً، توجد على الأراضي السورية أنظمة دفاع جوي حديثة بعيدة المدى من طراز "إس - 400" و"إس – 300" جلبتها القوات الروسية المنتشرة في سورية، ومن غير المرجّح أن تقوم القيادة الروسية بمواجهة إسرائيل، نظراً إلى الاتفاقات عالية المستوى من التنسيق بين روسيا وإسرائيل في المنطقة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع