خورشيد دلي
تصدير المادة
المشاهدات : 2746
شـــــارك المادة
يوما بعد آخر، يتصاعد الخلاف التركي – الأميركي بشأن دعم واشنطن كرد سورية. ومع تواصل العملية العسكرية التركية في عفرين، تحول هذا الخلاف إلى واحدٍ من أشكال الاشتباك الدبلوماسي والسياسي، ولعل التصريحات المتناقضة لمسؤولي البلدين، عقب الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، أردوغان وترامب، والذي كان يؤمل منه إزالة الخلافات، تكشف عن عمق هذا الخلاف، واحتمال تفاقمه في ظل الأجندة المختلفة للجانبين. يقول أردوغان إن القوات التركية ستتوجه، بعد عفرين، إلى منبج، وصولا إلى الحدود العراقية. فترد إدارة ترامب بأن عملية عفرين يجب أن تكون محدودة، وأن لا تطول، وأن لا تقع ضحايا بين المدنيين. وعليه، إذا ما سارت الأمور على هذا النحو، في ظل تأكيد أنقرة أنها ستواصل عمليتها العسكرية حتى النهاية، فان خطر الصدام في منبج يصبح واقعا، إذا ما عملنا بوجود قوات عسكرية أميركية هناك، حيث يرفع العلم الأميركي إلى جانب علم وحدات حماية الشعب وقوات سورية الديمقراطية. وفي الأساس، ثمة خلاف تركي – أميركي يعود إلى أكثر من سنتين على منبج، إذ تتهم أنقرة الإدارة الأميركية بأنها لم تنفذ وعودها بشأن سحب وحدات حماية الشعب الكردية من المدينة، كما وعدت، عقب سيطرة الأخيرة على منبج، حيث كانت أنقرة تقول إن وجود هذه القوات غربي نهر الفرات خط أحمر. ولعل للهاجس التركي هنا علاقة بأن بقاء منبج تحت سيطرة القوات الكردية يبقي إمكانية ربط عفرين بالكانتونات الكردية (كوباني والجزيرة) قائمة عبر مثلث منبج - تل رفعت – الشيخ عيسى. وما يضاعف من محنة تركيا هنا أنها تحس، في العمق، بأن الحليف الأميركي يكذب عليها، حيث باتت الثقة بين الجانبين شبه مفقودة، ولعل رفضها طرح وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كلم في شمال سورية يكشف عن هذا الجانب، بعد أن كانت إقامة مثل هذه المنطقة مطلبا تركيا طوال السنوات الماضية، في ظل رفض أميركي. السؤال الأساسي هنا هل فعلا الصدام بينهما بات واقعا في منبج، إذا سارت الأمور على هذا النحو؟ تقول صفحات العلاقة بين البلدين إن وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، عندما اجتمع بالرئيس التركي، عشية العملية العسكرية التركية في شمال قبرص عام 1974، خرج بقناعة أن تركيا ستقوم بهذه العملية، علما أن الرئيس التركي رفض إخباره بذلك، ولعل العلاقات المتوترة حينها بين الجانبين هي التي عززت تلك القناعة لدى كيسنجر، وهي تشبه ما هي عليه الآن من توتر وغياب للثقة وتراكم للخلافات إلى حد التهديد بإجراءات متبادلة. ومع أن الظروف مختلفة تماما كما هي القضية، إلا أن الحساسية القومية التركية من قضية الأمن القومي التركي عالية جدا. يزيد منها وجود رجلٍ مثل أردوغان، له مشروعه الخاص، ويرى أن التطورات الجارية في المنطقة والعالم تتيح لتركيا تحديد خياراتها السياسية بعيدا عن التبعية لأميركا، كما كانت في العقود التي سبقت حكم حزب العدالة والتنمية. الثابت أن الإدارة الأميركية لا تريد الدخول في حربٍ أو صدام مباشر مع تركيا في سورية أو خارجها، وهي تحاول، في سبيل ذلك، تدوير الخلافات معها من دون التخلي عن حليفها الكردي السوري. وعليه، تتبع استراتيجية خاصة بهذا الخصوص، وهي استراتيجية تقوم سياسيا على منع الصدام، وميدانيا على ترك الأمر للقيادات العسكرية. وفي الميدان قد تختلف الاستراتيجية المتبعة من منطقة إلى أخرى، إذ تختلف هذه الاستراتيجية في شرقي الفرات عن عفرين، وفي الأخيرة عن التنف، وفي التنف عن درعا. وهكذا كأننا أمام تناقضٍ بين الميدان والسياسة من جهة. ومن جهة ثانيةٍ، عن اختلافٍ في الميدان نفسه، تبعا لخصوصية كل منطقة، وعوامل الصراع التي تتحكم بها، لكن الثابت أن ما يجري في عفرين يحظى باهتمام أميركي، انطلاقا من أنها تدخل في إطار لعبة الصراع على مناطق النفوذ في سورية، وربما تحس، في العمق، بأن بوتين أراد توريط تركيا في العملية، كي تتحول إلى كرة متدحرجة ضد النفوذ الأميركي لاحقا. لذلك، فإن الحذر الأميركي إزاء عفرين قد لا يبقى على حاله، خصوصا إذا رأت أن تركيا فعلا بصدد القيام بعملية عسكرية في منبج. وعليه، ما لم تنتج السياسة تفاهمات بين الجانبين، ستكون منبج الامتحان الأكبر للعلاقة بين البلدين.
فيصل القاسم
أحمد راشد سعيّد
عمر كوش
أحمد أبو دقة
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة