مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3975
شـــــارك المادة
-1-
ينبغي أن نقرر ابتداءً أن الثورة هي "خيار اليائسين"، لأن كلفتها أعلى بكثير من مجرد تحقيق مزيد من الرفاهية في حياة الناس أو إجراء إصلاحات محدودة في مؤسسات الدولة ونظامها السياسي.
فإذا كان من شأن "الإصلاحات السياسية" أن تتم عبر مناورات ومداورات تتّسم بالمرونة والواقعية السياسية وتؤدي إلى حلول وسطى قابلة للتطبيق فإن الثورة ليست كذلك؛ إنها حالة تغيير جراحي وصراع صِفْريّ لا يحتمل أنصافَ الحلول، لأن نصف الثورة انتحار. هذا أمر يعرفه حتى الأطفال، وهو مبدأ صارم وقاعدة مطّردة في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية التي يثور عليها الناس، غيرَ أنها في حالة النظام السوري أكثر من ذلك بكثير: إنها أصل الثورة وأمّ القواعد وكُبرى المسلَّمات.
-2-
لا يَقبل بتجرّع المُرّ عاقلٌ إلا فراراً مما هو أشدُّ مَرارة، وعندما يثور شعب مسحوق على نظامٍ مُغرق في الاستبداد والطغيان فإنه يدفع ثمناً باهظاً ويقدم تضحيات ليس لها حدود، فلولا أن ثمن الخنوع أشدّ مرارة لما دفع الشعبُ الثائر ثمنَ التغيير المرير، ولولا أن الواقع أعظم هولاً وفظاعة لما سلك الدربَ المزروع بالفظائع والأهوال.
من أجل ذلك كله يقول الثوار والأحرار: إن الواقعية السياسية مبدأ صحيح في غير الثورات، صحيح في حالة التدافع السياسي السلمي ضمن منظومات سياسية آمنة عادلة مستقرة، أما في الثورة فإن ما نحتاج إليه هو "الواقعية الثورية"، وهي لا تعني اختيار المسار الآمن، إنها تعني بكل بساطة: اختيار المسار الأقل كلفةً ومرارةً وخطورةً من بين مساراتٍ وخياراتٍ كلُّها مُرٌّ مُكلفٌ خطير.
-3-
نعم، لقد كان خيار الثورة مُرّاً منذ البداية، وكان قرار الاستمرار في الثورة مُرّاً في كل الأوقات، وما يزال، فماذا عن مسار "الواقعية السياسية" الذي يعتمد على استسلام ذليل يقبل بفكرة بقاء الطاغية ونظامه الموغل في الإجرام؟ هل هذا الطريق أقلُّ مَرارةً من طريق الثورة الشاقّ الطويل؟
إذا عجز غيرُ السوريين عن التمييز بين الخيارات الصعبة فإن أهل سوريا يعرفون الجواب؛ إنهم على يقين من أن الاستسلام للضغط الدولي والموافقة على بقاء النظام (بأي شكل من الأشكال) هو أسوأ المآلات التي يمكن أن تؤول إليها ثورتهم العظيمة، وهو الخيار الأعلى كلفةً والأكثر بؤساً وشقاءً في آتيات الأيام.
ومن ثَمّ فإنهم ينطلقون من "واقعية ثورية مبصرة عاقلة" فيقولون: "لا" لمؤتمر الخيانة في سوتشي، و"لا" لأي مشروع أو حلّ يكرّس بقاء طاغية سوريا وهولاكو العصر، بشار الأسد، وفريقه المجرم، الذي سبح في الدم السوري وارتكب في سبع سنواتٍ أشنعَ الفظائع والموبقات.
هذه كلمة الفصل التي ضجَّت بها حناجرُ أحرار سوريا خلال الأسابيع الاخيرة، الكلمة الفاصلة التي ليس عليها استدراك وليست بعدها كلمات.
عبد المنعم زين الدين
فيصل القاسم
المصادر: صفحة الكاتب على الفايس بوك
صفحة الكاتب على الفايس بوك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة