بشير البكر
تصدير المادة
المشاهدات : 3641
شـــــارك المادة
انتهت معركة الرّقة بهزيمة "داعش"، ولم يظهر الأب باولو دالوليو وبقية المخطوفين الذين غابوا، وانقطع ذكرهم طوال السنوات الأربع الماضية. وعلى الرغم من أن الهيئات المعنية بملف المخطوفين كانت تتحدّث عن آلاف صاروا في حكم المفقودين، إلا أنه لم يعد أحد من هؤلاء بعد طرد الدواعش من المدينة في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وباستثناء بعض الأصوات، لم يتحدث أحد عن قضية المخطوفين، ولا عن السجون التي أنشأها "داعش"، وكانت مخصصة للرجال والنساء. وحدهم بعض شباب الرّقة أثاروا قصة "الهوتة"، وهي حفرة كبيرة وعميقة خارج المدينة (65 كلم). وجرى استعادة رواياتٍ عن تحويل "داعش" هذا الجرف الناجم عن انهدام طبيعي إلى محرقة جماعية لمن اختطفهم، منذ أن حكم الرقة في صورةٍ تامة في أواخر عام 2013.
تستحق قضية "الهوتة" تحقيقا مهنيا، يكشف على محتويات المكان، ويقوم بفحصه ودراسته من أجل تكوين صورةٍ عن جريمة ضد الإنسانية، يبلغ عدد ضحاياها الآلاف من شتى الأطراف التي شاركت في حراك الرقة وحروبها، بما فيها أفراد القوات النظامية الذين أسرتهم الفصائل الأخرى. يمكن التوصل إلى تفكيك ألغاز اختفاء الآلاف في الرقة، إذا جرت دراسة جوف الهوتة بصورة علمية، لأن ما هو معروف لا يعدو أن يكون رواياتٍ تداولتها بعض وسائل الإعلام، نقلا عن أطراف أو أهال. الرواية الأولى منقولة عن عناصر من "داعش" الرقة، وتقول "كل من يرفض الانضواء تحت راية الإسلام مصيره الموت. ومهما اختلفت الطرق، تبقى النتيجة واحدة، أولئك الذين ألقيت جثثهم في هوتة سلوك حصدوا ما زرعوه، ووجب أن يلقوا هذا المصير ليكونوا عبرةً لغيرهم ممن قد تسول لهم أنفسهم الارتداد عن دين الإسلام، واتباع أرباب الكفر". والرواية الثانية تقول إن سكان المنطقة لاحظوا في أوائل عام 2015 أن مئات الطيور الكاسرة انتشرت حول الهوتة، وبدأت روائح كريهة تخرج من جوف الحفرة. حينها، أفرغ مسلحو "داعش" صهريجاً من النفط الخام في الحفرة، وأضرموا النار فيها، حتى لا تنتشر الأمراض والأوبئة في المناطق المجاورة.
هذا هو التفسير الذي جرى تداوله، أو التسليم به، بعد سقوط الرقة، ويدلّل بعضهم على ذلك بعدم اكتشاف مقابر جماعية في المنطقة. ويبدو أن كل الأطراف كانت تلقي بخصومها في جوف الهوتة، الأموات منهم والأحياء، وحولوها إلى جهنم صغيرة، بعد أن كانت أحد المعالم السياحية في ريف الرّقة. وهناك من يصدّق هذا التفسير، لأنه لا يجد أمامه أي سببٍ كي يعتقد العكس، طالما أنه لم يظهر حتى شخص واحد من بين آلاف الذين انقطعت أخبارهم في مدينة الرّقة. بالإضافة إلى هذا السبب، فإن سيرة "داعش" ليست بعيدة عن هذا السياق الجهنمي، بل تقع في صلبه، فهو ارتكب من الجرائم ما يجعل من قضية الهوتة مسألةً لا تقبل الشك. من يرتكب جرائم حرق البشر أحياء، وجزّ أعناق الصحافيين، وإطلاق النار على المقاهي، ودهس المارة في الشارع لن يصعب عليه إلقاء آخرين في جوف الهوتة.
تحتاج القضية إلى طرحها على أوسع نطاق، الأمر الذي يستدعي تحرّكا من المنظمات السورية المعنية بمتابعة قضية المخطوفين والمغيبين قسرا منذ بداية الثورة. ولن يكون هذا التحرّك مجديا ومؤثرا إذا لم تتبنّه الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية". ومن أجل معرفة مصير الضحايا، على المعنيين تشكيل هيئة دولية خاصة لمتابعة متابعة هذا الملف، حتى يمكن ملاحقة الجناة، وتقديمهم إلى العدالة الدولية.
علي حسين باكير
عبد الوهاب عاصي
مصطفى النجار
فيصل القاسم
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة