..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اضاءات

لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير

علي الكيلاني

١٥ أغسطس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3695

لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير
1.jpg

شـــــارك المادة

إن الرضا عن الله عز وجل وبالله هو من صفات المؤمنين الصادقين كما قال سبحانه: { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[المائدة : 119] وقال {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة : 100]

 

وفي صحيح مسلم عنه الله صلى الله عليه وسلم (ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا) وهذا الرضا هو بحسب معرفة العبد بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره فكلما كان بذلك أعرف كان به وعنه أرضى، فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة لا يخرج عن ذلك البته كما قال في الدعاء المشهور (اللهم إني عبدك ابن عبدك أبن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك) ومن تمام تحقيق الرضا بالرب سبحانه وتعالى الرضا بكل ما يقدره ويقضيه، ومعرفة أن الله سبحانه متصف بالحكمة وأنه سبحانه لا يفعل أمراً إلا بحكمة بالغة قد يعلمها بعض الخلق ويجهلها آخرون، فكلما قوي الإيمان بالله (سبحانه) في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته : كلما قوي الفهم بأن ما يقضيه الرب للعبد خير له وأثمرت في القلب ثمارها الطيبة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) (صحيح مسلم (4 / 2295)،. والإيمان بهذه السنة والاصطباغ بها هو مقتضى الرضا بالله ربّاً ومعبوداً، ومقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العلا ؛ حيث إن هذه السنة من ثمرات أسمائه (سبحانه) الحسنى، التي منها : الحكيم، والعليم، والكريم، واللطيف، والبر الرحيم .. وغيرها من الأسماء والصفات التي يجب التعبد لله  (سبحانه) بها،  كما يظهر الارتباط بين هذه السنة وبين التوحيد في : أثرها على صدق التوكل على الله (عز وجل)، وتفويض الأمور إليه، واليقين والثقة بوعده، وإحسان الظن به (جل وعلا)، وأنه (سبحانه) لا يريد بعباده المؤمنين إلا الخير والإصلاح، فمهما ظهر من الشرور والمصائب، فله (سبحانه) الحكمة البالغة ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) [آل عمران : 66]
وإن ما نراه الآن من قتل وتشريد ونهب وسفك واغتصاب قد يؤدي إلى ظهور الإحباط واليأس في نفوس بعض المسلمين فكان لا بد من  التذكير بهذه السنة العظيمة التي تقوي اليقين بوعد الله (سبحانه)، والثقة بنصره، والاطمئنان إلى قضائه وتدبيره، وأنه (سبحانه) الحكيم العليم فيما يقضي ويقدر، ولابد أن يأتي الخير بعد الشر والصباح بعد الظلام عندما يأذن الله (سبحانه) في ذلك وفق علمه الشامل، وحكمته البالغة، وسننه التي لا تتبدل ولا تتحول {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(6)}  سورة الشرح
وكم أثمر ما يحصل على أرض الشام من ثمرات يانعة طيبة، فالإقبال على الله والتوبة والاستغفار والانشغال بذكره ودعائه والرجوع إليه والتوكل عليه وحده دون غيره وترك المنكرات والمسارعة في الخيرات مع التعاون والتكافل والانسجام والتوافق والإيثار والشجاعة وعدم الذل والانقياد والسجود إلا لله، مع تحقيق العبودية لله وحده وظهور كثير من الطاعات والقربات والسنن المندثرة بعد سجنها لعقود كلها ثمار يانعة... فلا تحسبوه شرا لكم بل هو خير.
واصطفاء الله لكثير من الناس شهداء الأمر الذي يرجوه كل مؤمن، فقد جاء مكرمة من الله وفضلا لأهل الشام... فلا تحسبوه شرا لكم بل هو خير.
وسقوط أقنعة الدجل والكفر وتمحيص الناس وبيان أوجه الشر ومعرفة الموالي والمعادي والمتخاذل، ورجوع كثير من الناس عن الكذب والزور وعن الرفض والفجور بعدما ظهرت الحقائق من أكبر الخيرات والثمرات التي حصلت بعد الذي يظنه الظان أنه شر.... لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير
وما سيجنيه المسلمون جميعا –بإذن الله- بعد ذلك الشيء الكثير في أرض الشام وغيرها من الثمرات والفوائد الدينية والدنيوية... لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير.
وأخيرا فالأمر المهم الذي يجب  من المؤمن  هو تفويض الأمور إلى حسن تدبيره (عز وجل) واختياره ؛ لأنه (سبحانه) يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، وهو علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما سيكون، ويعلم أين يكون الخير وحسن الظن به (عز وجل)، وأن اختيار الله لعبده أحسن من اختيار العبد لنفسه، ولو ظهر ما يكرهه العبد ويؤذيه .
فكل ما هو على أرض الواقع  ( لا تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم  بل هو خير) [النور : 11]

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع