أبو بكر الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 6102
شـــــارك المادة
* الصبر: هو ثبات القلوب عند موارد الاضطراب والفتن. والتصبّر: هو تكلُّفُ الصبر. وهو من أخلاق النفوس الفاضلة، ومن قواها الخفيّة. ويُقال: صبر فلانٌ عند المصيبة صبراً، وصبّرتُه (أي ساعدته على الصبر).
قال - تعالى - في كتابه الكريم: {واصبر نفسَك مع الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشيّ يريدونَ وجهَه} [الكهف: 28]، (أي احبس نفسك معهم). والصبر الجميل الوارد في قوله - تعالى - على لسان يعقوب - عليه السلام -: {فصبرٌ جميل} [يوسف: 18]. هو الصبر الذي لا جزع فيه ولا شكوى لأحد. والصبر يكون في النفس، أما المصابرة فتكون مع الأعداء، كما قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} [آل عمران: 200]. * وللصبر أهمية عظيمة في حياة الأمة، ولذلك فقد ذكره الله في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً. وقرنه بالصلاة، فقال: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنّها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين} [البقرة: 45]. وجعل الإمامة في الدين موروثة عن الصبر فقال: {وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24]. ولعلّ من أهم أنواع الصبر هو الصبر على الابتلاء، قال تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشّر الصابرين} [البقرة: 155]، حيث يكون الصبر والرضا هنا هما المقياس الحقيقي للإيمان الصادق. قال ابن القيّم - رحمه الله -: "سأل رجلٌ الشافعيّ - رحمه الله - فقال: يا أبا عبد الله، أيهما أفضل للرجل أن يُمَكّن فيشكرَ الله - عز وجل -، أو يُبتلى بالشرّ فيصبر، فقال: لا يُمَكَّن حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم ومحمّداً، صلوات الله عليهم أجمعين، فلمّا صبروا مكّنهم". * ومن مكارم الصابرين في القرآن الكريم: 1. مدح الله لهم، وثناؤه عليهم: {والصابرين في البأساء} [البقرة:155]. 2. معيّة الله لهم: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إنّ الله مع الصابرين} [البقرة: 153]، {واصبروا إنّ الله مع الصابرين} [الأنفال: 46]. 3. أهل الصبر مع أهل العزائم: {لتبلونَّ في أموالكم وأنفسكم، ولتسمعُنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} [آل عمران:186]. 4. الصبر يورث صاحبه الإمامة: {وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24]. 5. اقتران الصبر بمقامات الإسلام والإيمان: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلّكم تفلحون} [آل عمران: 200]. 6. بشرى الله للصابرين: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشّر الصابرين} [البقرة: 155]. 7. ضمان المدد والنصر للمجاهدين الصابرين: {بلى إن تصبروا وتتقوا، ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربُّكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين} [آل عمران: 125]. * وأما أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مدح الصبر والصابرين فلا تكاد تُحصى، ومنها: 1. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة)) الترمذي. 2. عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مُصيبةٍ يُصابُ بها المسلمُ إلا كُفّرَ بها عنه، حتى الشّوكةِ يُشاكُها)) مسلم. 3. وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما يُصيب المسلمَ من نصّبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكةِ يُشاكُها، إلا كفّر الله بها من خطاياه)) البخاري ومسلم. 4. وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: "قلتُ: يا رسول الله: أيُّ النّاس أشدُّ بلاءً"!؟ قال: ((الأنبياءُ، ثمّ الأمثلً فالأمثل، يُبتلى الرجلُ على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دينه رِقّةٌ ابتُليَ على قدر دينه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبد، حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)) الترمذي. 5. وعن أمّ سلمة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من مسلمٍ تُصيبُه مصيبةٌ فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنّا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي وأَخلف لي خيراً منها، إلا أخلفَ اللهُ له خيراً منها)) مسلم. 6. وعن أنس - رضي الله عنه -، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجّل له العقوبةَ في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشرَّ أمسك عنه بذنبه، حتى يُوافى به يوم القيامة)) الترمذي. 7. وعنه - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاء، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرّضى، ومن سَخِط فله السَّخَط)) الترمذي. 8. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوةٍ من الأنصار: ((لا يموت لإحداكنّ ثلاثةٌ من الولد فتحتسبَهُ إلا دخلت الجنّة)). فقالت امرأةٌ منهنّ: "أو اثنين يا رسول الله"!؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أو اثنين)) البخاري ومسلم. 9. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا يموتُ لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد فتمسَّهُ النّارُ إلا تَحِلّةَ القسم)). تَحِلّة قوله - تعالى -: {وإن منكم إلا واردُها}. والقسم في قوله - تعالى -: {فوربّك لنحشُرَنّهم والشياطينَ، ثمَّ لنُحضِرَنّهم حول جهنّمَ جِثِيّا} [مريم: 68]. 10. وأختم بحديثِ خبّابِ بن الأرتّ - رضي الله عنه - قال: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسّدٌ بُردةً له في ظلّ الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا"، فقال: ((قد كان مَنْ قبلكم يُؤخذُ الرجلُ فيُحفرُ له في الأرض، فيُجعلُ فيها، فيُجاءُ بالمنشار، فيُوضعُ على رأسه، فيُجعلُ نصفين، ويُمشطُ بأمشاط الحديد، من دون لحمه وعظمه، فما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليَتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا اللهَ والذئبَ على غنمه، ولكنّكم تستعجلون)) البخاري. وبعد ُ … فيا أيها السوريون الأماجد، ويا أيتها السوريات الماجدات!!! لنصبر، ولنحتسب على ما أصابنا، ولنستمر في ثورتنا، ولنتعاون ونتكافل فيما بيننا، ولننصر اللهَ في عقيدتنا ووطننا، والله معنا، ولن يترنا أعمالنا. {وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين}.
أمير سعيد
عبد المحسن المطيري
سلمان العودة
اللهم انصر الاسلام والمسلمين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة