مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 9310
شـــــارك المادة
رسائل الثورة السورية المباركة (74): انتصارات الثورة
لقد خاضت الثورة إلى اليوم خمسَ معارك رئيسية ضد النظام، انتصرت فيها جميعاً بحمد الله، لم يساعدها أحدٌ إلا الله ولم يقف معها غيره، وبقيت المعركة الفاصلة الأخيرة التي لن ترجوَ فيها سواه. هل تشكّون في هذا الذي أقوله أو ترونه مبالغة مني وضرباً في الخيال؟ لا والله بل هو حق، وإليكم البيان والبرهان:
(1) لقد دخلتم مع النظام في معركة إعلامية حامية الوطيس، سَخّر لها هو فضائياتٍ وصحفاً ومجلات ومواقع وصفحات، واستعان بإذاعيين وصحفيين وإعلاميين سوريين وغير سوريين، وأنفق فيها ما لا يُحصى من المال، حرب واجهتموها أنتم بأقل القليل من التجهيزات وبأكثر الكثير من العزيمة والهمة والشجاعة والإبداع، وكانت النتيجة أن النظام خرج من المعركة مهزوماً مأزوماً وخرجتم منتصرين. مباركٌ يا أيها الأصحاب، لقد كسبتم المعركة، ليس مَن يشهد بذلك هو كاتب هذه السطور، ومن أنا حتى أشهد؟ إنما يشهد به العمالقة المحترفون من أساطين الإعلام الذين صاروا يعرفون أن الإعلام السوري هو مسخرة المساخر، وأن إعلام الثورة هو الإعلام الصادق الموثوق. (2) ودخلتم مع النظام في معركة نفسية معنوية، اعتمد فيها على كل ما يَحِلّ وما يَحْرُم من وسائل وأساليب، وهو أصلاً لا يميز بين حلال وحرام، فنشر الأكاذيب ودلّس على الناس وحاك المؤامرات، وأراد أبداً أن يُدخل في قلوبكم اليأسَ وأن ينشر في نفوسكم التشاؤم والإحباط. ولعله سخّر من أجل هذا الهدف الخبيث عشرات الآلاف من عملائه يَغْزون المواقع والصفحات، وينثرون الأكاذيب، وينشرون الإشاعات، لكن الأيام مرت ولا تزدادون إلا اطمئناناً ويقيناً بنصر الله، وكل زيادة في ثقتكم بربكم الحق تنتقص من ثقتهم بقيادتهم الباطلة، وكل ارتفاع في معنوياتكم يقابله انخفاض في معنوياتهم، حتى اضطر رئيسهم المأفون أخيراً إلى القيام بتلك التمثيلية المفضوحة في ساحة الأمويين، تلك التي أجمع كل من راقبها وكتب عنها على أنها لم يكن هدفها إلا ترميم معنويات عبيده وشبّيحته المتآكلة وإعادة الاطمئنان الضائع إلى قلوبهم. هنيئاً لكم يا أيها الأحرار، لقد انتصرتم في معركة التفاؤل والمعنويات. (3) ودخلتم مع النظام في معركة الخوف، فقد أدرك أن الخوف حبسكم في البيوت أربعين سنة، ونظر بفزع إلى جدران الخوف وهي تُنقَض وتُهدَم جداراً من وراء جدار، فراهن على أن يعيد الخوف إلى قلوبكم لتعيدكم قلوبُكم الخائفة إلى بيوتكم التي كنتم فيها أولَ مرة، واستثمر للوصول إلى تلك الغاية أقصى ما عرفه الإنسان من همجية ووحشية من يوم عاش على الأرض إنسان، بل وصل في وحشيته وهمجيته إلى حيث لم يصل إنسان، ولكنكم ثبتّم وصبرتم وبقيتم في الشوارع، فلا خافت قلوبكم ولا وهنت عزائمكم؛ لقد استبدلتم بقلوب اللحم والدم قلوباً من حديد، متى خاف قلبٌ من حديد؟ لقد خسر النظام حرب الخوف وخرجتم منها أنتم منتصرين. (4) ودخلتم مع النظام في معركة اقتصادية، فإنه لبث السنين الطوال يسرق أموالكم ويستولي على مواردكم، فاغتنى وأنتم تفتقرون، وارتفع وأنتم تتّضِعون، فهو أبداً علقة طفيلية تغتذي بكم وتعيش بفضلكم، فحبستم عنه مالكم حينما تمردتم وتوقفتم عن دفع الإتاوات والضرائب والرسوم، ثم أضعفتم اقتصاده حينما قاطعتم شركات شبيحته ومموّليه ومواليه، ثم استنزفتموه من كثرة ما أرهقتموه بالثورة التي لا تنام ولا تستكين. أظننتم أنه يواجه هذه الثورة العارمة بلا نفقات؟ إنه ينفق لتمويل حربها ومواجهتها كرائمَ الأموال حتى لتكاد تنقلب خزائنُه خاويةً ليس فيها ما يكفيه للقليل من الأيام. هل يعيش فرد بلا مال؟ لا يعيش، وكذلك الدولة لا تعيش بلا مال. لقد حاربتم النظام حرب مال واقتصاد فانتصرتم وخسر النظام. (5) ودخلتم مع النظام في معركة على النفوذ، فاحتللتم الساحات وأقمتم المهرجانات ونظمتم الاعتصامات منذ الأسبوع الثاني من أسابيع الثورة، فساق عليكم الجيش العرمرم وضربكم بالأسلحة الثّقال، ومضت الأيام محمّلةً بالآلام وبالتضحيات الجسام، ولا أخفيكم أن أحرار العالم حبسوا أنفاسهم في بعض المراحل الحرجة من عمر الثورة وهم يرون الحملات الآثمات التي يشنها النظام على المدن العزلاء وعلى المدنيين الأبرياء، ثم وهم يرصدون تراجع الحراك الثوري وانحسار المظاهرات واختفاء المهرجانات والاعتصامات… ثم بعث الله الثورةَ بعثاً ثانياً بفضله - تبارك وتعالى – ثم بهمّتكم يا أيها الأبطال، ودارت الدائرة على النظام فخرجت عن سيطرته عشراتُ المدن والقرى في طول سوريا وعرضها، وعاد الحراك الثوري كأحسن وأعلى ما يمكن له أن يعود. يا أيها الأبطال: لقد هزمتم النظام في معركة السيطرة على الأرض، فهنيئاً لكم بهذا الانتصار. يا أيها الكرام: لقد هزمتم النظام في خمس معارك عِظام، هزمتموه في بعضها هزيمة منكرة كاملة وفي بعضها هزيمة شديدة موجِعة، ولو أنه تُرك لكم لأسقطتموه بثورتكم السلمية المباركة، ولكنهم لم يُخَلّوا بينكم وبينه؛ أعداؤكم وأعداء الله والإنسانية والحرية هَبّوا لنجدته: دعموه بالمال، فتدفقت عليه المليارات من إيران والعراق حتى بلغت خمسةً كاملة. أتعلمون ما تصنعه خمسة مليارات في دولة ميزانيتها عشرون من مليارات الدولارات؟ إنها الربع، فليتخيل الواحد منكم حاله لو جاءه من حيث لا يعلم ربعُ دخله السنوي في دفعة واحدة. ودعموه بالرجال. في شهر الثورة الأول رصد الثوار في حوران عناصرَ من حزب الله يقاتلون مع النظام، وشكّك قومٌ في صحة الخبر، ثم أثبتت الأيام أن الثوار لا يكذبون. لقد ضُبط أولئك المجرمون الغزاة في مقاطع مصورة انتشرت بين الناس، وأخيراً اعتقل ثوار حمص جماعة من الإيرانيين (الخبراء)! ما هي المشروعات التي يشتغل بها النظام منذ عشرة شهور وتحتاج إلى خبراء سوى مشاريع القتل والتدمير؟ ودعموه بالمواقف السياسية والدفاع عنه في المحافل الدولية، فلم يجتمع في مجلس الأمن صوتان رافضان –فيتو- منذ أنشئ مجلس الأمن إلا من أجل هذا النظام المتهاوي، ولولا أنكم قاربتم أن تقصموه لما احتاج إلى صوتين لدعمه، فإن إسرائيل نفسها تمارس إجرامها وتكرّس احتلالها في فلسطين منذ عشرات السنين بفيتو واحد! أبشروا يا أيها الأبطال، إن النظام ساقط لا محالة -بإذن الله-، لقد هزمتموه في خمس معارك كبار، وإنها لم تبقَ بينكم وبينه إلا المعركة الفاصلة الأخيرة، وإن الله قد سخّر الجيش الحر لكم وأخرجه إلى الوجود من وراء ستار الغيب، من حيث لم تكونوا ترجون ولا تتوقعون، فاعتمدوا على الله أولاً، واعتمدوا من بعده على هذا الجيش الحر، جيشكم وجيش بلادكم، ولا تَمُدّوا أبصاركم وراء حدودكم ولا ترجو النصر من قريب ولا بعيد… ذلك ما أتمناه لكم لو كنتم تطيقون مزيداً من التضحيات، ذلك خيرٌ لكم لو كنتم تَصْبرون.
وكالة رويترز
السوري الثائر
إبراهيم سيف
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة