سعود القصيبي
تصدير المادة
المشاهدات : 9792
شـــــارك المادة
فيما تتزايد فعالية الاعتصام المدني في سوريا ليدخل أسبوعه الثاني، تئن حكومة الأسد من وقع آثار ممارساتها القمعية والوحشية، وإرهابها المستمر حتى أصبحت تحت رحمة الانتفاضة الشعبية السلمية وطائلة المحاسبة القانونية، وكردة فعل دولية يكثر الحديث عن أمور محتملة أكثر شدة؛ كالتدخل العسكري، ومحاكمة أفراد النظام على جرائمه ضد الإنسانية في المحاكم الأممية أو الأوروبية، وكذلك الإدانة عن طريق مجلس الأمن. ومن خلال متابعة تسارع الأحداث وتسلسلها فقد بات من الوشيك زوال النظام ورحيل الأسد أياً كانت الطريقة، الأمر الذي يدعونا إلى النظر في التوجه السياسي المحتمل للدولة الجديدة وما يتبعها من توجه اقتصادي ومالي في مرحلة ما بعد الأسد ونظامه. ففي إطار التوجه السياسي المستقبلي، تؤكد المعارضة في نظرتها لسوريا الحرة، أن الرؤية السياسية الجديدة تقوم على بناء دولة ديمقراطية مدنية تعددية على أساس المواطنة من دون إقصاء، ترتكز على انتخابات حرة وتحترم حقوق الإنسان والحريات العامة، فضلاً عن تأسيسها على مبدأ المواطنة للجميع وعدم التمييز بين أي مواطن وآخر. كما أن هناك اتفاق عام بين المعارضة على إسقاط النظام بكل رموزه ومكوناته، ورفض الحوار مع النظام وكل من تلوثت أيديهم بالدماء. وفي الشأن الاقتصادي العام ومن خلال قراءة توجهات المعارضة والتي تتمثل بالعودة إلى فترة الاستقلال بعد خروج الاحتلال الفرنسي، وأيضاً إبان فترة الحكم العثماني حيث كان الاقتصاد حراً ومن المتوقع إعادة هيكلته على نهج نفس السياسات القديمة، وإلغاء النظام الاشتراكي. ومن أهم الملفات التي يتوقع النظر فيها هو القضاء على الفساد وتحرير الاقتصاد. وقد يطرح اتباع النهج الاقتصادي الجديد على نسق نهج إمارة دبي أو مدينة هونغ كونغ أو حتى دولتي سنغافورة أو ماليزيا. ويعني ذلك الكثير، ازدياد دخل الفرد، ونمو الاقتصاد والناتج القومي إلى معدلات لم يعهدها منذ الاستقلال حسب رؤية المحللين الاقتصاديين. وفي شأن موازنة الحكومة السورية، يتوقع في ظل اقتصاد حر بعد سقوط نظام الأسد ازدياد الموازنة بشكل كبير لأسباب عدة؛ منها: كون العائدات النفطية تشكل ثلث موازنة الدولة، والتي تذهب حالياً لصالح الآلة العسكرية للمحافظة على مكتسبات عائلة الأسد السياسية والمالية. كما أن جزء من دخل النفط حالياً يذهب إلى أقطاب النظام الأمر الذي حتماً سيتوقف. وكذلك من المتوقع أن يكون هناك تحسن ملحوظ في واردات صناعة السياحة وزيادة نسبة الاستثمار، والذي يمثل الثلث الآخر من الموازنة عند عودة الاستقرار نتيجة تمنع وعزوف الكثير من الأفراد والمؤسسات التجارية والمالية والحكومات في ظل النظام البعثي من اتخاذ سوريا كوجهة سياحية، أو من الاستثمار فيها خاصة من المُهجرين السوريين في الخارج والذين يقارب تعدادهم عدد سكان الداخل السوري. أما بشأن الضرائب الداخلية والرسوم وهي الجزء الأخير من الموازنة، فمن المتوقع ارتفاعها وانتهاء الفساد المستشري حالياً في تحصيلها من الإدارة السورية. كما يتوقع من ضمن محاسبة أقطاب النظام السابق استرجاع الامتيازات الممنوحة إلى عائلة الأسد وأقربائهم وأموالهم إلى خزينة وممتلكات الدولة. وتحتاج سوريا -حسب تقديرات المحللين- إلى ثلاث سنوات على أفضل تقدير لعودة الاستقرار الاقتصادي إليها؛ وذلك لعدم وضوح الكيفية التي سيتم فيها انتقال السلطة سلمياً أو عسكرياً. والمدة التي ستستغرق في إنهاء ترتيب نقل السلطة من المجلس الانتقالي المتوقع ما بعد سقوط النظام وما يليه من انتخابات وتعديلات دستورية ومحاكمة أعوان النظام. وللمتابعين في الشأن السوري ورغم توقع المستقبل الاقتصادي المزدهر في مرحلة ما بعد سقوط النظام، يبقى السؤال المحير في الأذهان: لماذا تأخر انضمام البعض من العائلات السورية والتي تعمل بالتجارة ولها ثقل اقتصادي كما في حلب ودمشق إلى الثورة بشكل واضح، واستمرارهم في اعتراضهم الصامت على إدارة الأسد دون المشاركة في العصيان المدني؟ على الرغم من توضح الصورة بأن سفينة الأسد غارقة لا محالة، وأن لا أمل لهم في النجاة إلا أن يقفزوا من السفينة ويلحقوا بركب الكرامة.
المصدر: موقع أرفلون نت
معن عبد القادر
محمد نعيم الساعي
عماد الدين أديب
جوزيف الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة