مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3764
شـــــارك المادة
يوم الجمعة،الحادي والعشرون من تموز. احفظوا هذا التاريخ، فإنه يوم حزين سنتذكره جيداً ونعود إليه كثيراً في الآتي من الأيام. إنه اليوم الذي بدأت فيه نهاية أحرار الشام، وفيه بدأت نهاية فيلق الشام وحركة الزنكي وبقية "الفراطات" الثورية، ونهاية إدلب، ونهاية الثورة السورية. وفيه أيضاً بدأت نهاية جبهة النصرة، وهذا هو الجزء المبهج الوحيد في المأساة.
* * *
بنهاية يوم الجمعة الحزين أُسدِل الستار على الفصل الأول من فصول المأساة التي دافعناها كثيراً وقاتلنا لكيلا نصل إليها، وارتفع الستار عن الفصل الثاني، وهو فصل أسود سيكون طويلاً ثقيلاً بالمعاناة والآلام، ثم يأتي بعده فصل أخير قصير يُسدَل بعده الستار على أعظم ثورة في العصر الحديث.
حركة أحرار الشام انتهت عملياً، ماتت وبقيت مراسم الدفن. لم تَمُتْ بسبب هزيمتها العسكرية، فهي أقوى فصيل عسكري في سوريا والأكثر انتشاراً على الأرض ومقاتلوها من خيرة المقاتلين، إنما ماتت عندما هُزمت فكرياً ونفسياً أمام العدو الوجودي الذي غفلت عنه على مر السنين، القاعدة بنسختَيها السابقة واللاحقة، داعش وجبهة النصرة.
لقد قَتل قادةُ الأحرار في عناصرهم أي قدرة على مقاومة البغاة والخوارج عندما ناموا معهم في لحاف واحد، عندما سَمَّوهم إخوة وشاركوهم بالجبهات والمعسكرات، عندما غذّوا عقول عناصرهم بفكر القاعدة وأدخلوا إلى معسكراتهم دعاتها، المحيسني وأمثاله، ليصولوا ويجولوا وينحتوا عقول العناصر على الهيئة التي يريدون. عندما فتحوا باب سوريا وباب الثورة لمَن هَبّ ودَبّ من الغرباء بأفكارهم الغريبة، فصدّروا جَهَلة قَتَلة من أمثال أبي اليقظان والفرغلي وأقصوا أفاضل علماء البلاد، وهم كثيرون. عندما بُغي عليهم المرّةَ بعد المرة، وفي كل مرة يُصْدرون بيانات الأخوّة الزائفة التافهة ويصافحون اليد الآثمة التي امتدت عليهم بالبغي والعدوان.
باختصار: لقد ضلّلَ قادةُ الأحرار عناصرهم وقادوهم إلى المحرقة، في الوقت الذي كانت النصرة فيه تربي عناصرها على تكفير الأحرار وكراهية الأحرار واستهداف رؤوس عناصر الأحرار عند القتال.
هذا عن الأحرار، أما الزنكي والفيلق وجيش إدلب الحر وجيش العزة والباقون فقد وقّعوا على وثائق العار والاستسلام منذ وقت طويل. كلهم نعاج، لن يطلق أحد منهم طلقة، وسوف يستسلمون للذبح مثل أضاحي العيد. إنهم الحلوى التي يلتهمها الآكلون بعد الوجبة الرئيسية، كما كان غيرُهم قبلَهم المقبّلات التي تُقدَّم قبل الوجبات.
لن يصمد إلا الصقور. قد ينتصرون في هذه الدار، وقد يؤجَّل نصرهم ليوم القصاص في حضرة ملك الملوك، إلا أنني أكاد أكون واثقاً أن كلاب النار لن يحصلوا على صيد سهل في الجبل، وأنهم ستفنى لهم دونَه قوةٌ كبيرة وتُزهَق أرواحٌ خبيثة وأرواح.
هل تعرفون قصة الثيران؟ العجيب أن الأطفال يحفظونها ويعرفون مغزاها، وأن كبار قادة الثورة لم يسمعوا بها، أو جهلوا المغزى والمعنى، أو أنهم (وهذا هو الصحيح) عرفوها وعرفوا مغزاها ولكنْ غَرَّتهم أنفسهم وأعمتهم أطماعهم وقادهم عُجْبهم بأنفسهم وتعصبهم لفصائلهم إلى الهلاك.
هل يمكن وقف الانهيار والانحدار إلى النهاية أم فات الأوان؟ الخبر الجيد: نعم، لو وُجدت الإرادة الصادقة.
لقد كانت حركة أحرار الشام آخرَ السدود في وجه الطوفان القاعدي، طوفان النصرة المدمّر، فلما سقط السد لم يبقَ ما يمنع الطوفان من إغراق البلاد وإهلاك العباد، وهذا ما سيكون ما لم يرفع أهل الثورة سدوداً جديدة محلَّ ما انهار من سدود، وما لم يتدارك مَن بقي من حَمَلة السلاح ما يمكن تداركه من الثورة ويكونوا أوفياء للسلاح الذي حملوه فينقذوا به الثورة (أو ما بقي من الثورة) من العملاء والعابثين، الجولاني وعصابته وأوليائه وأنصاره وأعوانه الأخفياء والأبيِناء.
لن أروّج تفاؤلاً كاذباً فأقول إن الأمور بخير. نحن لسنا بخير، بل نحن في شر عظيم، ولكني لن أنشر تشاؤماً قاتلاً فأقول إن الأمل مفقود. ما تزال في الوقت فسحة، فسحة قصيرة قصيرة، لكنها موجودة.
لو جَدّ المخلصون واجتمع الأخيار مع الأخيار وثار الأحرار في الأرض التي احتلتها جبهة النصرة كما ثاروا في الأرض التي احتلها نظام الأسد، لو أيقن الجميع أن النصرة وداعش ونظام الأسد واحد، وأن الأسد والبغدادي والجولاني واحد، لو بذلنا الجهد مخلصين واجتهدنا في قلع شجرة القاعدة الخبيثة من أرضنا فسوف ننجو بأمر الله، ولو استسلمنا فهو الفناء لا قدّر الله، لا قدّر الله.
يبقى السؤال الأخير: كيف انتصرت جبهة النصرة، ولماذا أقول إن نهايتها بدأت في هذا اليوم؟ الجواب في المقالة الآتية إن شاء الله. من حساب الكاتب على فايس بوك
ناديا مظفر سلطان
محمد ممدوح جنيد
عبد الكريم بكار
أسامة المصري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة