عبد المنعم زين الدين
تصدير المادة
المشاهدات : 2737
شـــــارك المادة
هناك حيث العاصمة دمشق، التي يقبع فيها رأس النظام المجرم، وحيث مِن هناك يكون إسقاطه ودحره، يتم الآن اقتلاع الشعب الثائر، من البلدات المحاصَرة، التي تشكل خطرًا على هذه العصابة، ليتم توطين ميليشيات طائفية موالية، وتُباع الأرض لإيران وحزبها، كي يضمن العدو كرسيّه.
بعد سنواتٍ من الحصار الذي فرضته ميليشيات العصابة الأسدية وإيران على هذه البلدات، والتي تمّ إخضاعها لمعاهدات هُدَنٍ كاذبة، قلنا من يومها: إن العدو لن يلتزم بها، ووقفنا ضدّها لأننا نعلم أن نهايتها إخماد الثورة في تلك المناطق، ريثما يتفرغ لها، ويعود للاستفراد بها واحدة تلو الأخرى. بدأ العقد ينفرط بعد سيطرة العدو على داريا بعد سنوات من الحصار والمقاومة، كانت فيها تلك البلدات المهادِنة تأخذ موقف المتفرج على ما يحصل في داريا، دون أن يفكر ثوارها بأن الوقت قد حان لإشعال جبهاتهم المهادنة نصرةً لداريا، ونصرةً لأنفسهم؛ حيث الدور القادم عليهم. واستمر الصمت والخذلان حتى تمكن العدو من تكرار سيناريو مدينة حمص في التهجير بالباصات الخضراء، وطبّقه على أهل داريا، لتستفيق البلدات المجاورة لها، على صدمة اقتراب العدو منها، وانكشافها أمامه، ووضعها على خشبة المسلخ للذبح، بعد أن انتهى ممن كان يشغله عنها. المعضمية، ثم قدسيا والهامة، ثم التل، وخان الشيح، ومؤخرًا زاكية وكناكر والجزء المحرر من سعسع، وبيت تيما وبيت ثابر في جبال الحرمون، كلها طالها التهجير تباعًا، وكل بلدة منها تنظر إلى الأخرى متفرجة منتظرة مصيرها، دون أن يخطر ببالها أن توقف هذا الخطر. إلى أن حطّ قطار التهجير في وادي بردى؛ حيث لم يكن العدو يخطر بباله أن يجد مقاومة تُذكر، خاصة في ظل طبيعةٍ جغرافية لا تساعد الثوار على الصمود أبدًا، فهم في أسفل الوادي، والعدو في أعلى الجبال يطلّ عليهم، بآلياته ونيران رشاشاته التي تقنص أي شيء يتحرك بين البيوت. فكانت المفاجأة، أن أهل الوادي رفضوا الذلّ والتهجير، الذي يسميه العدو المجرم (تسوية ومصالحة) وقاموا يدافعون عن أرضهم وقراهم، ببسالة وشجاعة نادرة، رغم ضعف الإمكانات، فما كان منه إلا أن استقدم الطائرات الحربية والمروحية، التي دمّرت القرى وسوّتها بالأرض. ومع أنه روّج أن المعركة معهم محسومة خلال أيام، ها هو قد مضى عليه أكثر من شهر، وهو عاجز عن اقتحام تلك القرى، رغم ما أحدثه فيها من شرخ عبر جواسيسه، ورغم حصاره وتجويعه للسكان، ورغم كذبه واتهامه للثوار بتفجير النبع الذي قصفه هو بطيرانه وصواريخ الفيل. في أثناء ذلك لم يتوقف عن تهديد جنوب العاصمة (يلدا، ببيلا، بيت سحم، القدم) وإنذارهم بالاستسلام أو التهجير، غير أن تعثّر تقدمه في وادي بردى أجبره على التأني؛ طمعًا في أن يشكل تقدمه الذي يأمله في الوادي، عاملَ خوفٍ لدى أهالي جنوب العاصمة يدفعهم للرضوخ دون مقاومة. كما أنه لم يتوقف خلال ذلك عن محاولات التقدم في الغوطة الشرقية، دون أن يردعه اتفاق وقف إطلاق النار، فالذريعة نفسها يستخدمها في أي مكان يحتاج التقدم فيه: (وجود جبهة فتح الشام المستثناة من الهدنة بزعمه) مع أن الاتفاق لا يستثني فصيلًا ولا منطقة، بحسب ما صرّحت الفصائل بذلك. كما أنه وجّه مؤخرًا تهديدًا لبلدات القلمون الشرقي، (جيرود، الضمير، وما حولها) بالاستسلام أو التهجير، مستغلًّا حالة الخوف لدى كثير من الحاضنة الشعبية في تلك المناطق من أن يطالهم القصف والتدمير كما طال غيرهم من البلدات التي تمسكت بثوارها، ورفضت إخراجهم. لا يغيب عنا ونحن نتحدث عن هذه المناطق المحيطة بدمشق، وجود أحياء (برزة، القابون)؛ حيث تشهد حالة من وقف إطلاق النار غير معلنة، وإن كانت واضحة في برزة أكثر؛ حيث لا يخلو القابون من بعض الاشتباكات، والقصف أحيانًا من قِبل النظام ، لكنه لا يصل إلى درجة المعارك. كانت هناك محاولة عملتُ عليها للتنسيق بين هذه البلدات المتبقية، ووضعهم أمام مسؤولياتهم في الحفاظ على ما تحت أيديهم من مناطق استراتيجية، عبر مؤازرة بعضهم، بإشعال الجبهات حال تعرّض أية منطقة من هذه المناطق لخطر الاقتحام، وشكّلنا التحالف الدفاعي المشترك. الذي ضمّ بعض البلدات المُحَاصَرة: (القلمون الشرقي، وادي بردى، القابون، "بيت جن" في الحرمون)، وعلى الرغم من قيام هذا التحالف ببعض الأعمال؛ نصرةً لوادي بردى، من استهداف مطاراتٍ وضربِ حواجز، إلا أنه لم ينجح في الوصول للمستوى المأمول منه، لأسباب عدة. لعل من أهم أسباب ضعف التحالف وجود شرذمة مخذّلة في تلك المناطق، تلعب دورها بخبثٍ، في عرقلة الأعمال العسكرية، والتخويف من عاقبتها، وتذعير الحاضنة الشعبية من عاقبة التمرد على عصابة الأسد، وأخذ العبرة من البلدات التي قاومته وتم تدميرها، وقتل أبنائها وتهجيرهم. كما أن داء المناطقية البغيض، جعل الكثيرين من أبناء تلك المناطق لا يهتمون إلا بمناطقهم، ولا تعنيهم إلا سلامة بلداتهم، ولا يشعرون بالخطر إلا إذا داهم منازلهم، ولا شعور لديهم بواجب مؤازرة البلدات الأخرى، فحدود البلد الذي يجب الدفاع عنه عندهم هو الحيُّ الذي يقطنونه فقط. خسرنا داريا والمعضمية وخان الشيح، والهامة وقدسيا والتل، وبلدات من جبال الحرمون (زاكية، وبيت تيما) ولكن لا يزال بأيدينا: (وادي بردى ومضايا والزبداني، وبلدات القلمون الشرقي والغربي، وبرزة والقابون، والغوطة الشرقية، وبيت جن ومزرعتها، وبلدات جنوب العاصمة). قد نخسر في أية لحظة بلدة من هذه البلدات المتبقية، لكن علينا أن ندرك أن خسارة أية منطقة من هذه المناطق تعدل خسارة مدينة في الشمال، وعلينا جميعًا مسؤولية كبرى في المحافظة عليها، وعدم تركها للسقوط في أيدي إيران وحزبها وروسيا وذيلها، لتأمين العاصمة عندهم من الخطر. يجب أن يبذل الجميع جهودًا عسكرية وسياسية واجتماعية وإعلامية، وفي كل المجالات، من أجل دعم صمود هذه المناطق، وكسر الحصار عنها، وإذكاء روح الثورة والتضحية فيها، وزيادة التنسيق فيما بين البلدات تلك، حتى تكون عصيّة على الأعداء، ويكون منها النصر والحسم المأمول. وأخصّ جبهة درعا، بمزيد من الواجب تجاه هذه المناطق لقربها الجغرافي منها، ولامتلاكها عوامل صمود أكبر، ولأنها أخذت فرصتها من الراحة والهدوء، وحان وقت العمل، خاصة أن العدو لن يتركها دون أن يعيدها لسيطرته كما يأمل، وما بلدة "محجّة" إلا دليل لمن أراد أن يعتبر. إن إعلان الأركان الروسية منذ أيام :"أن عملية السيطرة على ريف دمشق قد اقتربت" يجب ألا يمرّ دون أن نقرع جرس الخطر من الدرجة القصوى، وأن ننتبه إلى ما نام عنه الكثير منا خلال سنوات، من أهمية الحفاظ على ما يسعى العدو ليل نهار لتأمينه، وهو همّه وهاجسه الأكبر. كما أن أطماع حزب الشيطان في وادي بردى والزبداني ومضايا وما حولهما من بلدات القلمون الغربي، لا تخفى على عاقل، يريد أن يجعلها مستعمرة إيرانية تابعة له متصلة بالقصير، وينشر فيها التشيع، بعد تهجير من يرفض ذلك من أهلها، فهلاّ قرعنا جرس الخطر قبل فوات الأوان؟ الدرر الشامية
سميرة المسالمة
الطاهر إبراهيم
حسان الحموي
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة