..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

من ذكريات الثورة الجميلة: هكذا اشتعلت الثورة في الغوطة والريف الدمشقي

مجاهد مأمون ديرانية

١٠ أغسطس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3537

من ذكريات الثورة الجميلة: هكذا اشتعلت الثورة في الغوطة والريف الدمشقي
مامون +00+++00.jpg

شـــــارك المادة

في "جمعة العزة"، في الخامس والعشرين من آذار 2011، انضمت إلى الثورة دوما وسقبا وكفربطنا والتل والكسوة ومضايا والزبداني وداريا ومعضمية الشام، وقدمت الزبداني شهيداً وقدمت المعضمية ثلاثة شهداء، وخرجت عدة مظاهرات في دمشق نفسها، في المرجة وكفرسوسة والمزة وركن الدين والميدان.

في ختام ذلك اليوم بدا أن دوما تقود الحركة الثورية في دمشق وريف دمشق، وجاء الرد من النظام المجرم سريعاً، ففي الجمعة التالية ("جمعة الشهداء" في الأول من نيسان) شنّ النظام حملة شرسة على دمشق وغوطتها الشرقية وضواحيها الجنوبية والغربية، فسقط شهيدان في كفرسوسة في دمشق وثلاثة شهداء في داريا. أما الضربة الأشد فكانت في دوما، حيث حاصرت عصابات الأمن الأسدية المتظاهرين في الجامع الكبير وأسرفت في إطلاق الغاز والرصاص الحي، فسقط تسعة شهداء وعشرات الجرحى الذين اعتقل الأمن أكثرَهم من المشافي، فبدأ الإضراب في دوما في اليوم التالي واستمر ثلاثة أيام، وكان أولَ إضراب تشهده الثورة السورية.

يوم الأحد الثالث من نيسان كان عرس الشهداء في دوما، حيث شاركت جموع هائلة في تشييع الشهداء الثمانية في مشهد مهيب. ولم تقف الأخوات الشقيقات في الغوطة الشرقية موقف الحياد، فشاركت جموعٌ من حرستا وسقبا وعربين وحمورية في التشييع وأعلنت الحداد العام ثلاثة أيام، وكذلك تضامنت مع دوما سائرُ الأخوات الحافّات بدمشق من غرب وجنوب، فانتفضت الكسوة وداريّا والمعضمية، وتدفق رجالها الأبطال على دوما، فحاصرتها عصابات الأمن وأغلقت مداخلها جميعاً لمنع وصول المتظاهرين.

في الجمعة التالية ("جمعة الصمود" في الثامن من نيسان) اشتعلت الغوطة كلها بالثورة، دوما وحرستا وكفر بطنا وسقبا وزملكا وعربين وحمورية، مع استمرار المظاهرات الكبيرة في التل وداريا والمعضمية والكسوة وفي كفرسوسة داخل دمشق. وفي الجمعة التي بعدها ("جمعة الإصرار" في الخامس عشر من نيسان) استمرت المظاهرات في دوما وحرستا وسقبا وزملكا وجوبر وعربين ومعربا والضمير (الداخلة إلى الثورة بقوّة) وفي داريا والمعضمية والتل والكسوة والزبداني، ومشت يومها المسيرةُ العظيمة التي لا تُنسَى إلى ساحة العباسيين.

في ظل تلك الاستعدادات الكبيرة التي تسلح بها النظام، وما سبقها من حملة ترويعية في المعضمية وبرزة وداريا وحملة اعتقالات واسعة في دوما وحرستا وداريا والحصار الخانق على دوما والزبداني، في ظل ذلك كله توقع النظام أن تبقى دمشق هادئة. لكنها فاجأته بارتفاع وتيرة الثورة وزيادة انتشارها، فسارت مظاهرات حاشدة في الميدان وكفرسوسة إلى المجتهد وباب سريجة والجزماتية والبرامكة والقنوات (حيث لاحقت قواتُ الأمن المتظاهرين في شوارع الحي الضيقة بقنابل الغاز المسيل للدموع)، ووصلت المظاهرات لأول مرة إلى حي الشاغور، وحوصرت مظاهرة منطلقة من جامع الرفاعي وقُمعت بعنف، والتحمت مظاهرتان عند الأطفائية في محاولة للوصول إلى ساحة المرجة لكن الأمن فرقها بقسوة شديدة.

واستمرت المظاهرات في برزة والقابون والمعضمية المحاصَرة وداريا المحاصَرة والقدم (سقط فيها شهيد) والحجر الأسود والكسوة والتل وسقبا وحرستا والرحيبة وقطنا، وبقيت دوما تحت الحصار، مع محاولاتٍ بذلها شبابُ القرى المجاورة لاختراقه ونتج عنها سقوط شهيد واحد على الأقل.

الزبداني كانت محاصَرة هي وبلداتها، وقد تأكد انقطاع الكهرباء والهاتف المحمول والأرضي بشكل كامل عن سرغايا ومضايا والزبداني وبلودان منذ يوم الخميس، ومع ذلك فقد خرجت منها مظاهرة مهيبة وصفَها أحدُ المشاركين فيها بقوله: "خرجت مظاهرة بالآلاف من جامع الجسر الكبير وتوجهت إلى مضايا لفك الحصار، وقد هطلت أمطار غزيرة أثناء مسيرة الثوار ولكن أحداً لم يتراجع رغم البرد القارس، ووصلوا عند العصر حيث استقبلهم ثوار مضايا والتحموا معهم، وصلّوا العصر جماعة في ساحة مضايا ولم يرهبهم التواجد الأمني المكثف والقناصة. ثم عادوا إلى الزبداني معاً في أكبر مظاهرة في المنطقة منذ بداية الثورة قُدِّرت بعشرة آلاف".

*   *   *

رحم الله تلك الأيام. كانت الغوطة الشرقية شعلة واحدة، وكان الريف الدمشقي كله جسداً واحداً تتشارك أعضاؤه الهمَّ والألمَ وينتصر بعضُه لبعض، ولو لم يكن كذلك لما استطاع الصمودَ ولنجح النظامُ في القضاء على ثورته.

إن القانون الذي كان صحيحاً يومَها ما يزال هو القانون نفسه اليوم: جسد واحد ومصير واحد: اجتماع وانتصار أو فرقة وانكسار. إما أن تعود مناطق الريف الدمشقي كلها إلى التلاحم والتراحم كما كانت أول الثورة فتنتصر بأمر الله، أو تتفرق كما هي اليوم، لكل فرقة مسار وقرار، فتضيع كلها وتسقط واحدةً بعد واحدةٍ لا قدّر الله.

اللهمّ يا مؤلف القلوب ألّف بين قلوب عبادك في دمشق وغوطتَيها وريفها حتى يكونوا من الذين اعتصموا بحبلك ولم يتفرقوا، الذين قلت فيهم: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}.

#لا_تنسوا_داريّا
#داريا_أيقونة_الثورة

 

 

الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع