عبد الله البشير
تصدير المادة
المشاهدات : 3609
شـــــارك المادة
تركيا الحاضرة دائما على ساحة الصراع السوري، والتي طالبت وتطالب دوما بمنطقة عازلة بالقرب من حدودها مع سوريا، تواجه اليوم مشروع أمريكي واضح وضعها موضع العاجز في السياسة الخارجية، وساهم في إرباك المشهد الداخلي لها، بعد غض حكومة "أوباما" النظر عن مطالب نظيره "رجب طيب أردوغان" بتدخل الولايات المتحدة لإقامة منطقة عازلة، من شأنها وضع حد لتدفق اللاجئين إليها وإضعاف الأكراد الانفصالين جنوبي وجنوبي شرق البلاد، وهنا تقع تركيا في مأزق الاختيار من بين المتعدد، وتبتعد كل البعد عن صناعة خيارها الذاتي بالقرب من حدودها، تاركة الفرصة سانحة للمشروع الأمريكي الروسي في التضخم شمالي سوريا.
فصناع السياسة في الولايات المتحدة يحسنون قراءة المتغيرات الداخلية الصعبة التي تواجه "حزب العدالة والتنمية"، ويراقبون عن كثب متغيرات السياسة التركية الداخلية، للقيام بعمليات تمرير سلسة لمشاريعهم على مقربة من أشد المناطق التركية حساسية في الوقت الراهن، داعمين الحركات والميليشيات الكوردية الانفصالية، في ظل غياب رؤية تركية واضحة لمجريات الأحداث المتسارعة على الشريط الحدودي مع سوريا، فما كان بالأمس حسب تصريحات الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" من المحرمات على الأكراد الانفصالين، هو اليوم مباح بدعم واضح من الولايات المتحدة، فمنطقة غرب الفرات تشكل جزء من هامش الحركة الكبير الذي تم توفيره بمساندة طيران التحالف لقوات سوريا الديموقراطية وميليشيات وحدات حماية الشعب الكوردية، الأمر الذي يفقد تركيا هامش الحركة المتاح لها وأوراق الضغط التي من الممكن لها أن تمارسها، لتغيير السياسة في المنطقة، وتبقى الأوراق التركية التي أصبحت قليلة مثل ورقة اللاجئين وورقة قاعدة "انجرلك"، التي لم تعد تشكل عامل ضغط في الوقت الحالي، نظرا لوجود البدائل المباشرة للولايات المتحدة في التحرك العسكري، والتغيير الحاصل على الخارطة السياسية بزمن قياسي.
وتتطلب المرحلة الراهنة من تركيا لعب دور أكبر في السياسة الخارجية، والعودة للخيارات الإقليمية المتاحة، فالقوة الاقتصادية التركية لا تكفي، وقضية اللاجئين لم تعد تشكل عامل ضغط على الاتحاد الأوربي، وخاصة بعد دخول فرنسا بشكل مباشر ضمن المعسكر الروسي في محاربة الإرهاب، مع الموجة الأخيرة التي شهدتها من العنف في أحداث باريس وهجمات مماثلة في دول أوربية أخرى، والتي شكلت فاصل في السياسة الفرنسية اتجاه سوريا، فيبقى الخيار العربي للأتراك هو خيار وحيد، موجبا عليها الضغط على السعودية وقطر لإيجاد بديل عن المشروع الأمريكي، بمشروع داعم لقوى المعارضة المعتدلة التي تخضع حتى لشروط دعم صارمة من قبل الولايات المتحدة، ويتم تغييبها بقرار أمريكي عن المعركة الفعلية كون الولاء المباشر لهذه القوات هو ولاء سوري فقط، لا يعود لقومية كالحركات الانفصالية الكوردية التي تهدد المنطقة ككل.
وفي الوقت الراهن يتعين على تركيا بالتعاون مع السعودية بناء قوة إنقاذ وتدخل سريع من فصائل المعارضة، بحضور عسكري تركي – سعودي مباشر على شكل قوات استشارية فقط، وحتى داعمة، تتيح لها التملص من أية ضغوطات أو تبعات دولية، وتكون لهذه القوة الحركة والسيطرة الفعلية على الأرض، وهذا هو الخيار التركي الوحيد الفعلي المتبقي في بخصوص سوريا حاليا، وإلا سيمتد نفوذ الميليشيات الكوردية الانفصالية المدعومة من قبل الولايات المتحدة على طول الحدود السورية التركية، ما يقلب الخارطة السياسية للمنطقة ويربك المشهد التركي الداخلي، وهنا يدخل الوقت كحد فاصل أو خطة تركية بديلة غير معلة لتحسم القضية لصالح أحد الطرفين.
سوريا مباشر
وليد شقير
عبد الله زيزان
حسين عبد العزيز
مهنا الحبيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة