منذر الأسعد
تصدير المادة
المشاهدات : 3294
شـــــارك المادة
تستحق هذه الفضيحة المدوية اسم " فضيحة العصر" الذي أطلقه عليها بعض الإعلاميين. فهي هتك لأسرار نحو 40 سنة-منذ 1977م حتى ديسمبر 2015م- وقد كشفت المستور عن "زعماء" مشهورين يقومون بغسيل الأموال وإخفاء نهبهم لشعوبهم في مكان بعيد في الجغرافيا، وبعيد عن عيون الرقابة من أي نوع، باستثناء العيون الاستخبارية الخبيثة للدول الكبرى، التي تعرف ولا تكشف إلا عندما تنتهي مهمة عملائها أو إذا حاول أحدهم أن يلعب لحسابه.. فمعرفة هؤلاء بالخفايا معرفة وظيفية للابتزاز عند الحاجة.
جبال من المعلومات:
وثائق بنما Panama Papersهي عبارة عن جبال من الأسرار يبلغ عددها 11،5 مليون وثيقة-وتعادل 2،6 تيرا بايت من البيانات بالمعايير الحاسوبية- تم اختراقها في دهاليز مكتب "موساك فونسيكا" “Mossack Fonseca البنمي للخدمات "القانونية"، الذي يعد رابع أكبر مكتب محاماة في العالم،وبخاصة أن له 40 فرعاً في مختلف القارات.
وتتعلق هذه المعلومات الهائلة بـ143 شخصية عالمية شهيرة كلها ذات نفوذ واسع، وأكثرها من رجالات السياسة الحاليين والمخلوعين حديثاً -بينهم 12 زعيم دولة- وإن كان بعضهم من نجوم الرياضة مثل لاعب نادي برشلونة الإسباني الأرجنتيني ميسي!
وللتحقق من مصداقية الوثائق، قضى 370 صحفي، من 100وسيلة إعلامية مختلفة، عامًا كاملًا لتحليل الوثائق والتأكد منها قبل نشرها، بقيادة الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، قبل أن يتم إعطاءها بالكامل إلى صحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية.
واشتركت 107 مؤسسات إعلامية تنتمي إلى 78 دولة، في قراءة تلك الوثائق خلال الفترة الماضية، وتتصدرها صحف رصينة مثل الجارديان ومحطة بي بي سي العالمية، وزود دويتشه تسايتونغ الألمانية التي حصلت على كافة السجلات المسربة من مصدر مجهول.
الطغاة الكبار وأعوانهم:
أبرز الأسماء التي فضحتها وثائق بنما:
طاغية العصر بشار الأسد وأولاد خاله محمد مخلوف شركائه الرئيسيين في نهب ثروات سوريا، وطاغية ليبيا الهالك معمر القذافي والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجله علاء، وديكتاتور روسيا فلاديمير بوتن الذي قام بتهريب مليارَيْ دولار إلى الخارج، بمساعدة صديقه عازف التشيلو سيرجي رولديوجين، وبنك روسيا، وبعض تلك الأموال تم إخفاؤه في جزيرة بالقرب من شمال مدينة سان بطرسبرج، حيث أقيم حفل زفاف ابنته كاترينا بوتين في عام 2013.
ومن الأسماء البارزة كذلك: نواز شريف، رئيس الوزراء الباكستاني، وإياد علاوي، رئيس الوزراء المؤقت السابق، ونائب رئيس العراق السابق، وبيترو بورشينكو، رئيس أوكرانيا، وسيجموندور ديفيد جونلوجسون، رئيس وزراء أيسلندا، و6 من أعضاء مجلس العموم البريطاني، وعشرات من أعضاء الجهات المانحة للأحزاب المحافظة البريطانية، وعائلات 8 أعضاء حاليين وسابقين في الهيئة الرئاسية العليا والمكتب السياسي للحزب الشيوعي المتسلط في الصين، و 23 فردًا يخضعون لعقوبات أممية نتيجة دعمهم الأنظمة المستبدة في كوريا الشمالية وزيمبابوي وروسيا وإيران وسوريا، كانوا عملاء لمكتب موساك فونسيكا، وأسسوا شركات لإخفاء ثرواتهم في كل من جزر سيشل، وجزيرة فيرجن البريطانية، وبنما.
وذكر حساب منشق عن حزب الله على موقع تويتر أن وثائق بنما المسربة أظهرت أن رئيس لبنان الأسبق إميل لحود متورط فى سرقة أموال إعمار لبنان من أجل تمويل شبكات ميليشيا حزب الله الإرهابية.
وأضاف: يتساءل البعض لماذا غاب اسم نصرالله عن #وثائق_بنما، لأن الدجال حسن وقادة حزب اللات يستعملون أسماء مستعارة لإخفاء أرصدتهم بالخارج.
ومن المفارقات ظهور اسم عضو رئيسي في لجنة الأخلاق بالاتحاد الدولي لكرة القدم(FIFA)، فقد عمل محامياً لأفراد وشركات تفوح منها روائح الرشوة والفساد.
دور أوباما:
عندما نستذكر الحرص الشديد لأوباما على حماية حارس حدود الكيان الصهيوني بشار الأسد، ورفضه 50 خطة لإزاحته من السلطة في بواكير الثورة السورية –بل في زمن سلميتها!!- ثم ابتلاعه خطه الأحمر حول السلاح اليكميائي، فإن للمرء أن يسأل: هل يجهل البيت الأبيض هذه المخازي الأسدية أيضاً، ولا سيما أنها كانت بوابة الطاغية للتحايل على العقوبات الدولية؟
فقد كشفت "وثائق بنما" تورّط النظام السوري في عمليات فساد، حيث لجأ إلى ثلاث شركات وهمية للالتفاف على العقوبات الدولية التي تستهدفه، وفق ما جاء في صحيفة لوموند الفرنسية.
وبحسب التحقيق الاستقصائي الضخم الذي شاركت فيه لوموند إلى جانب "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين"، فإن سياسة تسجيل شركات في ملاذات ضريبية ليست جديدة على النظام السوري، إذ يتبعها الملياردير رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ مدة طويلة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الصحيفة تأكيدها أن "ثلاث شركات سورية تصنفها وزارة الخزانة الأميركية على أنها داعمة لأداة القمع السورية لجأت إلى مكتب المحاماة البنمي موساك فونسيكا لإنشاء شركات وهمية في جزر السيشل".
وقالت الصحيفة إن "هذه طريقة يتبعها النظام السوري للالتفاف على العقوبات الدولية التي تستهدفه منذ بداية النزاع السوري وللتستر على ثروة عائلة الأسد".
وفرض "المجتمع الدولي" عقوبات على الإثنين بداعي مساندتهما ودعمهما للأسد في قمع الشعب السوري، إلا أن حافظ مخلوف استطاع تخليص مبلغ 4 ملايين دولار له من البنوك السويسرية؟.
وبحسب ما كشفت عنه صحيفة لوموند، فإن الشركات الثلاث، وهي "بانغاتس إنترناشيونال" و"ماكسيما ميدل إيست ترايدينغ" و"مورغان أديتيفز"، "وفرت الوقود للطائرات الحربية السورية التي قتلت عشرات آلاف المدنيين منذ بداية النزاع" عام 2011.
وتظهر الرسائل المتبادلة بين "بانغاتس" ومكتب موساك فونسيكا أن العلاقة بينهما تعود إلى العام 1999.
وتضيف لوموند أن "مكتب المحاماة موساك فونسيكا استمر في تعامله مع بانغاتس تسعة أشهر بعد فرض العقوبات الأميركية عليها، ولم يلتفت إلى نشاطات الشركة والعقوبات التي تستهدفها إلا في أغسطس/آب 2015".
وتستهدف العقوبات الأميركية تلك الشركات الثلاث منذ يوليو/تموز 2014، و"تعود شركة بانغاتس، المتخصصة في المواد النفطية المكررة، إلى مجموعة عبد الكريم، المقربة من النظام السوري ومقرها دمشق".
الأبرياء والمفترى عليهم:
استفاد الطغاة الذين فضحت وثائق بنما بعض مخازيهم، من ورود أسماء نظيفة في الوثائق، فليس التعامل مع المكتب البنمي محظوراً في ذاته، بدليل تعامل الأجهزة الرسمية في الدول ذات الرقابة البرلمانية والقضائية الصارمة معه، لأنه مكتب محاماة كبير وله حضور عالمي معروف.
ولنستخدم المنطق العلمي في التمييز بين الطواغيت وغيرهم، ففي دول الخليج العربية مثلاً لا توجد ضرائب على الدخل تدعو أي شخصية عامة أو عادية لتهريب أموال إلى "ملاذات آمنة"!!
ولذلك لا سبيل إلى خلط الأوراق الذي يتعمده أبواق الطغاة،على طريقة كل مجرم يتم إمساكه متلبساً، فيصرخ: هناك آخرون مثلي!!
وفي رأيي المتواضع أن هذه الحقائق ستصبح أكثر جلاء، إذا خضع الموضوع كله إلى تحقيق نزيه، يكشف الملابسات ويضع النقاط على الحروف.
وليس أدل على تفسيري من الحالة التونسية، التي برهنت عن جهود خبيثة يبذلها الضالعون في الفضيحة، لتلفيق اتهامات للأبرياء.
فقد كشف النقاب عن أوّل اسم تونسي مورّط في قضيّة “وثائق بنما”، حيث كشف موقع “إنكفادا” الاستقصائي، الذي شارك ضمن 109 وسيلة إعلامية حول العالم في التحقيق في “وثائق بنما” المسربة والتي فضحت عديد الشخصيات العالميّة الذين تورّطوا في تهريب الأموال، أن القيادي المستقيل من حزب نداء تونس محسن مرزوق كان من أول أسماء التونسيين الذين كشفتهم وثائق بنما.
وأوضح موقع “إنكفادا” أن محسن مرزوق مدير الحملة الإنتخابيّة للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وأحد مؤسسي حزب “نداء تونس”، كان قد اتصل عبر البريد الإلكتروني بمكتب المحاماة “موساك فونسيكا” المعني بكل “أوراق بنما” في شهر ديسمبر سنة 2014 من أجل السؤال عن كيفية تكوين شركة استثمار مالية غير موطنة “أوفشور” لتحويل أموال وتهريبها إلى الخارج دون تتبعات ضريبية.
حدث ذلك أثناء إشراف المذكور على الحملة الانتخابية للسبسي سنة 2014، وذلك لتحويل أموال وتهريبها إلى الخارج دون ملاحقة ضريبية.
وأجاب المكتب فوريا على محسن مرزوق وعين له مستشارا لمتابعة الملف وبعث له عددا من الوثائق منها وثائق تعريفة تكوين الشركة التي تناهز مبلغ 1350 دولارا فقط، لكن يبدو أنّ محسن مرزوق غيّر رأيه ولم يعاود الاتصال أو الإجابة على رسائلهم الإلكترونيّة، حسب ما نشره الموقع.
وبعد دقائق من نشر التحقيق الاستقصائي عن محسن مرزوق، أفاد موقع “إنكفادا” أنّه يتعرض لعملية قرصنة ممنهجة يتم خلالها إدراج أسماء سياسيين تونسيين في التحقيق في حين أن الاسم الوحيد الذي تم إدراجه ضمن التحقيقات التي تم نشرها يتعلق بمحسن مرزوق إلى حد الآن نافيا نشر أي اسم غيره.
كما أعلن المشرفون على الموقع عن تعرّضهم لهجمة إلكترونية مضيفين أنّ المخترقين تمكّنوا من نشر معلومات مغلوطة باسمهم، في إشارة إلى ما تمّ تداوله عن تورّط رئيس الجمهوريّة السابق المنصف المرزوقي في تهريب الأموال.
وبعد اختراق الموقع من قبل ما قيل إنّها “ميليشيات” محسن مرزوق، كان الموقع قد أشار إلى أنّ الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي أسس شركة “خدمات عقارية” سنة 2013 تولى تسجيلها لفائدته شركة المحاماة “موساك فونسيكا”، مبينا أن المرزوقي تلقى في سنة 2014 مبلغا يقدر بـ36 مليون دولار لحساب هذه الشركة من مؤسسة قطرية.
ورد المنصف المرزوقي عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”قائلاً: إنّ “غرفة العمليات تريد تحويل الأنظار وزجي في قضية “بناما بايبيرز” بما يثير الازدراء. بالطبع الأمر كذبة مفضوحة تضاف لقائمة الأكاذيب الطويلة التي لفقت ضدي. القضاء سيقول كلمته والتحقيق في الأسماء الحقيقية يجب أن يبدأ الآن.”
وعلَّق على التحقيق الاستقصائي الّذي نشره موقع “انكفادا” الإعلامي التونسي سمير الوافي على ورود اسم محسن مرزوق في “وثائق بانما”، قائلا في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إنّ أول المشاريع التي نادى بها مرزوق كانت نزع النقاب وهو ما سانده فيه الكثيرون لتأتي وثائق باناما وتنزع النقاب عنه وبمباركة جماعية.
وأضاف الوافي أنّ المعلومات المتوفرة عن شخص محسن مرزوق قليلة وغير معروفة “وفجأة تظهر محاولات اتصاله ببنما بحثا عن جنة ضريبيّة لأمواله التي لا يُعرف مصدرها”، وفق تعبيره، مُشيرا إلى أن أموال من يبحث عن هذه الجنة هي أموال ليست سليمة وواضحة، حسب قوله، مؤكّدا أنّ “أصحابها هاربون من الرقابة والقوانين الجبائية والسين والجيم، وعادة ما تكون مصادر أموالهم غامضة لذلك يخافون عليها من الوضوح والقيود والرقابة والمحاسبة”.
وأوضح الإعلامي التونسي مقدّم برنامج “لمن يجرؤ فقط” أنّ مُجرّد الاتصال المتكرر ببنما بحثا عن ملاذ مالي يثير الأسئلة حول المتصلين، متابعا “أنت اليوم سياسي بارز تتحدث كثيرا عن الفساد وتتهم غيرك به، إذن فخير المصلحين من بدأ بنفسه”.
وعبّر سمير الوافي عن أمله في أن يكون التحقيق في هذا الملف تحقيق جدي ولا يكون مصيره كمصير ملف الأموال المهربة إلى البنك السويسري، راجيا أن يضرب القضاء بقوة وسرعة كما فعل “في قضايا فارغة ومفتعلة”، وفق تعبيره.
وتابع سمير الوافي “لقد سقط نقابك قبل سقوط نقاب الغير يا زعيم”.
ومن الجدير بالذكر أن محسن مرزوق أحد كبار المحسوبين على اليسار المتطرّف المعادي للإسلاميين في تونس، وهو ما كان سببا في استقالته من حزب نداء تونس الّذي تحالف في الانتخابات الأخيرة مع حركة النهضة المحسوبة على الإسلاميين.
المسلم
راتب شعبو
حسين عبد العزيز
منهل باريش
فيصل القاسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة