ماجد محمد الأنصاري
تصدير المادة
المشاهدات : 5068
شـــــارك المادة
بعد أيام من تفجيرات بروكسل الدامية أعلن النظام السوري استعادته لتدمر التاريخية من تنظيم الدولة، وفي ظل ردود الأفعال المتعاطفة مع بلجيكا غربياً وعربياً خرج النظام ليقول إنه الطرف الوحيد القادر على هزيمة تنظيم الدولة، تنظيم الدولة من ناحية حاول تصوير خسارته لتدمر على أنها ملحمة عظيمة خسر النظام خلالها المئات من جنوده، ولكن الواقع هو أن الأمر تم سريعاً، وبشكل فعال، وجاء ذلك في وقت مناسب جداً للنظام من ناحيتين:
الناحية الأولى: هي أنه يستطيع توظيف هذا «النصر» ليثبت أن الانسحاب الروسي المفاجئ لم يؤثر على قدرته على مواجهة خصومه.
ومن ناحية أخرى: هو يعزز فرضيته على طاولة المفاوضات بأن بقاءه بشكل أو آخر هو صمام الأمان لسوريا، النظام السوري يجد نفسه الآن يتفاوض مع معارضة تقع تحت ضغط دولي للقبول بأي حل كان، وهذا التطور يزيد من عزم القوى الغربية على إنهاء الأزمة السورية ولو كان ذلك يعني تغييراً شكلياً في النظام. من جهته، تنظيم الدولة والذي استفاد بشكل كبير من تضارب المصالح على الأرض وتنوع الأجندات يجد نفسه اليوم في مأزق، القوى التي كانت مستفيدة من تمدده في الفراغين السوري والعراقي تغلق اليوم واحدة بعد الأخرى صنبور الدعم الذي كانت تقدمه من تحت الطاولة للتنظيم، النظام العراقي الذي يواجه أزمة داخلية بين القوى الشيعية ليس قادراً اليوم على استثمار وجود التنظيم كما كان يفعل سابقاً، لذلك بدأ يصعد مع حلفائه من مواجهته العسكرية مع التنظيم، النظام السوري يقترب من نهاية اللعبة التي بدأها مع التنظيم وسيحتاج أن يتخلص من أدلة الجريمة قبل أن يصل لاتفاق نهائي حول الوضع في سوريا، وحتى إن سلمنا بأن أجهزة استخبارات غربية مختلفة استفادت من التنظيم لأهداف مختلفة، فهي اليوم ومع امتداد يده إلى أهداف أوروبية بشكل متكرر لن تجد غضاضة في جعله عبرة، والساسة الغربيون لن يمانعوا في الاستفادة من سقوط التنظيم أو تحجيمه على الأقل لمواجهة المعارضين اليمينيين الذين يستغلون خطر الإرهاب للطعن في قدرة القوى السياسية التقليدية على مواجهة التحديات الأمنية. ولكن هل هذه نهاية تنظيم الدولة؟
حتماً لا، التنظيم هو امتداد لما سبقه من التنظيمات المسلحة، القاعدة وقبلها تنظيمات مسلحة كثيرة ربما تكون تقزمت أو اختفت من الساحة ولكن نموذجها باق، هذا النموذج هو العمل الجهادي المسلح العالمي الذي لا يعبر عن انتماء قُطري ولا أجندة سياسية، في هذا النموذج العدو هو كل من لا ينتمي له، وسواء عبر التكفير أو التخوين يسمح هذا النموذج لمن يعملون استناداً إليه بقتل من حولهم بدعوى أنها حالة حرب غير منتهية مع أعدائهم، تنظيم الدولة يبدو حالة متقدمة في تطبيق هذا النموذج، وهذا التصاعد في التطرف هو نتاج طبيعي لما سبقه ولتردي الوضع عالمياً خاصة في العالم الإسلامي، المطالبات السياسية السلمية لم تؤتِ نتيجة، الأنظمة العربية القمعية تزداد وحشية، والضحايا الذين لم تحصدهم آلة الحرب يتحولون إلى خزان استراتيجي لهذه التنظيمات. تنظيم الدولة اليوم ينتظر أحد مصيرين، إما نهاية كيانه المتماسك في الشام والعراق وتحوله إلى مجموعات صغيرة تقوم بعمليات محدودة هنا وهناك، أو أن ينهار توافق المصالح الهش بين القوى المختلفة وتعود الحاجة لوجوده ميدانياً، ولكن في الحالتين من الصعب أن نتصور امتداداً أكثر للتنظيم، حلم التنظيم في تحقيق قفزة في نموذج الجهاد العالمي من خلال تأسيس كيان سياسي عسكري يمثله يبدو أنه اليوم آيل للسقوط في أية لحظة، ولكن من المهم أن ننتبه إلى أن سقوط هذا التنظيم سيكون مدوياً، فإذا وصل إلى شفير الهاوية لن يسقط حتى يأخذ معه داعميه السابقين، ربما لن تسقط معه دول ولكن لا شك أنه سيترك ذكريات مؤلمة لكل من راهن على أنه يمكنه استخدامه والتخلص منه.
العرب القطرية
عمر عزيزي
راميا محجازي
إسماعيل ياشا
ميسرة بكور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة