..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الآن بدأ النزاع بين الحلفاء في سوريا

برهان الدين دوران

٢٠ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2964

الآن بدأ النزاع بين الحلفاء في سوريا
بوتين 00 بشار 00 روحاني.jpg

شـــــارك المادة

في مساء الاثنين الماضي قام بوتين بهجوم حرج آخر في سوريا. حيث بدأ القسم الأهم من القوات الروسية بالانسحاب بعد أن تحققت "المهمة" الموكلة إليها في سوريا على حد تعبيره. وسيؤثر هذا القرار المفاجئ بصفة خاصة على المعادلات الموجودة في المنطقة. تمامًا كما حصل في 30 من أيلول/ سبتمبر عند زيادة وجودها العسكري في سوريا.

ولكن ذلك لا يعني أن روسيا تخلت عن سوريا. لأن موسكو احتفظت بقاعدتها العسكرية الثانية ونظام الدفاع الجوي أس – 400 في حالة عمل متواصل ووضعية يمكنها زيادة وجودها العسكري في الوقت التي تريده. وفي الواقع، صرح بوتين بالأمس بأن "بإمكانه تعزيز تواجده العسكري خلال بضع ساعات في المنطقة مرة أخرى في حال تطلب الأمر ذلك، وأن كافة قدرات مخازن الأسلحة في حوزة القوات العسكرية". وبذلك يبدو أن بوتين قد امتلك استراتيجية واضحة يمكنها تعزيز مكتسباته في المنطقة مع "انسحاب قسم" من قواته.

في بادئ الأمر، وعلى عكس ما قالته إدارة أوباما بإلحاح فقد أظهرت روسيا أن باستطاعتها إدارة تواجدها في سوريا دون التحول إلى نموذج "مستنقع أفغانستان". وبناءاً على ذلك، أظهر بوتين روسيا كقوة حددت الثوابت الأساسية للأزمة السورية، تماماً كما اخترق العزلة التي عاشها في الغرب بعد ضمه القرم. وأوقف تقدم المعارضة بعد قصف جوي عنيف لمدة 6 أشهر في حملة شنها باسم "محاربة داعش".

وحافظ على النظام من خلال مساعدة الأسد في السيطرة على 400 منطقة سكنية؛ وضمان جلوس معارضة ضعيفة على طاولة جنيف. علاوة على مقتل 2000 مقاتل روسي الأصل.

وبذلك فإن الهدف هو التخلص من بعض التكاليف التي سببها القسم الروسي المنسحب، وهي:

أولًا، التخفيف من تقوية ردود أفعال كل من إيران والأسد وحزب الله تجاه إسرائيل ودول الخليج.

ثانيًا، التقدم بارتياح للقضاء على التوتر مع تركيا الذي تشكل بعد إسقاط الطائرة في حال أرادت ذلك. ثالثًا، إظهار ضرورة بحثها عن اتفاق حقيقي في جنيف بالنسبة إلى الحكومة السورية التي تراها بمثابة "خط أحمر" وعلى رأسها الأسد.

وبعيدًا عن هؤلاء جميعًا، فإن قرار بوتين في سحب قسم من القوات قد مهد الطريق إلى إقحام كل من الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا في صعوبات. بالإضافة إلى البحث عن موضع لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي اللذين لم ينالا مكانًا على طاولة مفاوضات جنيف 3 أيضًا.

حيث أعلن في الأمس عن تشكيل "نظام فدرالي" في شمال سوريا من خلال عملية تصويت جرت في المناطق الثلاث التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي. وبهذا الإعلان تسبب حزب الاتحاد الديمقراطي في بدأ حقبة ستؤثر بعمق على المستقبل وعلى وجود حزب العمال الكردستاني في المنطقة. ويجدر التذكير بإن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يتمكن من الجلوس على طاولة جنيف 3 إلى جانب المعارضة بسبب ضغط تركيا.

كما أن نظام الأسد لم يرغب في وجود الحزب إلى جانبه بالشكل الذي سيحمله "مفهوم مكانه". ولهذا السبب أصبحت معادلات الصراع لدى الحرب الأهلية السورية تعمل للمرة الأولى ضد حزب الاتحاد الديمقراطي. ومما لا شك فيه أن انتهازية الحزب التي وسعت مجالات فرصه من خلال الوقوف إلى جانب نظام الأسد وإدارة نوع من التفاهم السري مع داعش أحياناً والصراع معها في أحيان أخرى قد وصلت إلى نهايتها. أي أن الفرصة هدرت في البحر، وسوف يحاولون فيما بعد الحفاظ على ما استولوا عليه. وسيقع نظام الأسد في مشكلة تشكيل سلطة في شمال سوريا. وإن كان عدم تشكيل كيان "فدرالي كردي" امراً لا مفر منه فإنه سيحارب من أجل تشكيل تنظيم مسلح بصلاحيات محدودة. وهو مفهوم يعاكس فكرة "الفيدرالية الديمقراطية" التي يهدف إليها حزب الاتحاد الديمقراطي. حيث سيتضمن مفهوم الحكم الذاتي لدى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي الذي يسير على نهج تنظيم اتحاد مجتمعات كردستان وايدولوجيته في المجالات الدفاعية والأمنية والاقتصادية بعداً واسعاً. وسوف يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي إلى تحويل ميليشياته المدربة والمسلحة بدعم من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى محاربة داعش إلى قوة عسكرية بمنطقة حكم ذاتي. مثل الحكومة الكردية في العراق وقوات البشمركة. وستكون محاولة فاشلة لرفع يد الحزب عن "إعلان الفيدرالية". كما سيحدد هذا الهوس بالمستقبل كيف ستمضي عملية جنيف وخيارات القوى الكبرى أو الإقليمية.

ومن ناحية أخرى، فإنه في الوقت الذي تعارض فيه الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وسوريا وتركيا هذه الفيدرالية فإن كلا من روسيا وإسرائيل تميل إليها. ويمكن أن يولد هذا الوضع اتفاقيات جديدة تتعلق بالمستقبل.

وهكذا فإن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يهدف إلى "حرب بالجملة" في تركيا هذا الربيع، يتجه بشكل مباشر إلى حقبة حرجة في سوريا.

 

 

صحيفة صباح - ترجمة ترك برس

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع