زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 5216
شـــــارك المادة
ما تزال الأحداث التي تمر بالثورة السورية التي تدخل في مثل هذه الأيام عامها السادس تثبت أن السبب الأهم في الإبقاء الدولي على طاغية الشام هو مراعاة مصلحة الكيان الصهيوني، وتؤكد -بما لا يدع مجالا للشك– أن للصهاينة الدور الأبرز في تأخير و عرقلة انتصار ثورة الياسمين، لما يترتب على هذا الانتصار من مخاوف حقيقة على أمن هذا الكيان ووجوده.
وإذا كانت ثورة أهل الشام قد كشفت كذب شعار المقاومة والممانعة الذي رفعه النظام النصيري وملالي طهران لسنوات طوال ضد الكيان الصهيوني، فإنها أظهرت كذلك مدى الخوف والفزع الصهيوني من الفصائل الثورية السنية التي تقاتل طاغية الشام، والذي دفعها إلى العمل على إجهاض هذه الثورة بشتى الوسائل، والتمسك بالنظام النصيري في سورية إلى الرمق الأخير.
ويبدو أن الحدث الأخير المتمثل بقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته الرئيسية من سورية قد أثار ليس قلق الصهاينة فحسب، بل فزعهم من تأثير ذلك الانسحاب على الأرض، وخوفهم من إمكانية عودة تمدد فصائل المعارضة الإسلامية على حساب ما يسمى قوات النظام النصيري التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع .
ويكفي دلالة على هذا الخوف والفزع ما قاله الجنرال "دان حالوتس" رئيس هيئة أركان الجيش "الإسرائيلي" الأسبق: إنه في حال سحب الروس قواتهم من سوريا فإن هذا يمثل "أخبارا سيئة لإسرائيل" .
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية، أكد "حالوتس" ودون مواربة إلى أن التدخل الروسي خدم "إسرائيل" لأنه أفضى إلى إضعاف قوى المعارضة السورية ذات التوجه الإسلامي، مشددا على أن هذه القوى تمثل خطرا كبيرا على "إسرائيل" حتى لو كان يطلق عليها "معتدلة"... وهو ما يؤكد أن السلاح الوحيد الذي تخشى منه "إسرائيل" هو السلاح السني , وليس السلاح الرافضي الذي تكدس في مخازن طهران وحزب اللات والنظام النصيري لعقود دون أن تطلق منه رصاصة واحدة تجاه الاحتلال , بينما تم استخدمه ضد أهل السنة لمجرد مطالبتهم بحقوقهم المشروعة المسلوبة.
ولم يخف "حالوتس" مخاوفه من من أن يفضي الانسحاب الروسي إلى تحسين مكانة المعارضة السورية ما يعزز من فرص سيطرتها على سوريا مستقبلا، مؤكدا أن استتباب الأمور لقوى المعارضة السورية، يعدّ تطورا أكثر خطورة من سيطرة حزب الله وإيران... وهو ما يؤكد ثانية وثالثة وعاشرة كذب العداء الرافضي الصهيوني المزعوم منذ عقود، وإظهار أن العدو الحقيقي المشترك لليهود والرافضة هم أهل السنة.
وإذا كان الكثير من الصهاينة قد عبروا عن تمسكهم بالطاغية بعد انطلاق الثورة السورية , فإن هذا الإعلان لا تزيده أيام الثورة وأحداثها المتلاحقة إلا كثرة و وضوحا , فها هو المحلل السياسي الصهيوني "جاكي خوجي" يؤكد من جديد أن : "بقاء الأسد في السلطة هو مصلحة استراتيجية "لإسرائيل" .
وفي مقاله بصحيفة "معاريف" امس الأربعاء قال "خوجي": "علينا أن نشكر "نصر الله مرتين" مرة لأنه ساهم بدماء أبنائه من أجل منع انهيار النظام في دمشق , ومرة لأنه وجه كل إمكانياته إلى الساحة السورية".
بل ذهب "خوجي" إلى أبعد من ذلك حين قال: "إنه يجب تقديم الشكر للإيرانيين أيضا على ما أنفقوه لكبح جماع ما سماها "المليشيات السنية المسلحة وعلى رأسها داعش"، وأن يقدم الشكر لروسيا أيضا لدعمها نظام الأسد .
لقد حاول الكيان الصهيوني وما زال إنقاذ النظام النصيري في سورية من الانهيار والزوال، واستنفر لوبياته المنتشرة في أمريكا والغرب لمنع هذا السقوط، نظرا للخطر الذي يتهدده فقدان أحد أهم عملائه في المنطقة.
ولعلي لا أبالغ إن قلت: إن عصابة نتنياهو السياسية كانوا أشد فرحا وأكثر ابتهاجا من النظام النصيري نفسه بالتدخل الروسي العسكري في سورية، ويكفي أن نعلم أن التنسيق بين القيادتين الروسية والصهيونية عسكريا وسياسيا وصلت إلى الذروة بعد هذا التدخل.
ومن هنا كشفت قناة التلفزة "الإسرائيلية" الثانية الليلة الماضية أن كلا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة الجيش والاستخبارات زودوا الرئيس الصهيوني "روفي ريفلين" الذي سيلتقي بوتين اليوم في موسكو بعدد كبير من الأسئلة التي طلبوا منه طرحها عليه حول ملابسات قرار انسحابه من سورية وتداعياته .
كما أكدت الإذاعة العبرية صباح أمس أن "روفي" سيطالب بوتين باسم "إسرائيل" بأنه في حال نجحت موسكو في تنفيذ مخططها لتقسيم سوريا على أساس فيدرالي، فيجب أن يكون التقسيم وفق بوصلة المصالح "الإسرائيلية".
وقال المعلق السياسي للقناة يورام فاردي، الذي يرافق "ريفلين" أن الأخير سيعبر لــ بوتين عن قلق "إسرائيل" من إمكانية حلول حالة من الفوضى تفضي إلى تهديد العمق الاستراتيجي "الإسرائيلي" من قبل الجماعات الإسلامية السنية.
إن ما يسميه الكيان الصهيوني "قلقا" من الانسحاب الروسي من سورية هو في الحقيقة فزع واضح من آثار وتداعيات ذلك على النظام النصيري الذي يبدو أن اليهود حريصون على بقائه واستمراره في حكم سورية مثل الرافضة أو ربما أكثر.
المسلم
سام البدارين
ربيع الحافظ
محمد وليد حكمت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة