منذر الأسعد
تصدير المادة
المشاهدات : 4438
شـــــارك المادة
لم يكن اتفاق الهدنة الفاشل الذي فرضه الأمريكان في سوريا، مجرد خطوة ضرورية لتثبيت الخطوط الأولى لتقسيم سوريا وإنما لانتزاع إقرار عالمي شامل بأن الإرهاب ينحصر في أهل السنة وهذا يعني أن داعش والنصرة مجرد ذرائع فكل من يعترض على اعتداءات الصفويين بعد سادتهم الصهاينة إرهابي قولاً واحداً.. كما يعني استحالة إدراج جرائم الرافضة تحت مسمى الإرهاب وما كان من ذلك سابقاً انتهى مفعوله لأنه كان مجرد تضليل إعلامي مدروس لم ينتج عنه أي فعل على الأرض.. بل إن الرافضة اليوم شركاء في الحرب على الإرهاب !!
والهدف الآخر من الهدنة تشتيت السعودية وتركيا ووقف محاولتهما تزويد الثوار السوريين بمضادات طيران حقيقية.. فالمراد هو تقسيم سوريا ما دام العالم كله عجز عن إعادة تأهيل عميل الصهاينة ليحكم سوريا كلها مجدداً، وكلنا نذكر جملة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري قبل أيام: إذا استمر القتال في سوريا فترة طويلة فلن تعود سوريا موحدة!! فهي ليست زلة لسان وإنما إشارة تمهيدية لعمل يجري تنفيذه منذ ثلاث سنوات مع أن المشروع كفكرة قديم لكنه كان مؤجلاً ما دام بائع الجولان-ومثله وريثه من بعده- يؤدي مهمته القذرة على الوجه المرسوم له.
والخطة "باء" التي أشار إليها كيري هي حصر مهمة القوات البرية المسلمة لاحقاً في مواجهة داعش في الرقة وما حولها لكي تبقى الصحراء لأهل السنة تحديداً.. ولذلك كانت هذه الهدنة المقرر لها مسبقاً أن تفشل، إشارة إلى انطلاق سيناريو تفكيك سوريا عملياً، حتى لو قرر الغزاة شكلاً اتحادياً لها كنوع من الديكور، على غرار تمزيق العراق من دون إعلان قيام ثلاث دول!! وإلا فما معنى اقتراف الغزاة الروس ودميتهم بشار 49 خرقاً لها في أول 48 ساعة من بدئها؟
ولم يكن مستغرباً تلويح الثوار السوريين بإلغاء هدنةٍ لا يحترمها المعتدون البتة. فالمعارضة السورية كانت تدرك أن الهدنة هدف أمريكي روسي لفائدة الطاغية، ولو لم تكن هذه القوى تحت ضغوط هائلة لرفضتها جملة وتفصيلاً. ولذلك قال رئيس وفد التفاوض التابع للهيئة العليا للتفاوض، أسعد الزعبي بمرارة: إن الهدنة التي بدأت في وقت مبكر يوم السبت "انهارت قبل أن تبدأ."
بينما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرو، قبل ساعات، إلى عقداجتماع فوري لقوة المهام الخاصة بسوريا، لبحث انتهاكات وقف العمليات القتالية الذي بدأ سريانه مساء الجمعة الماضي. وقال الوزير الفرنسي للصحفيين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إنه تلقى معلومات عن هجمات استهدفت مناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة في سوريا. وفرنسا بين اللاعبين الكبار في المنطقة في وضع لا يبعد كثيراً عن حال المعارضة السورية المغلوبة على أمرها، لأن القرار الفعلي في يد تل أبيب من خلال واشنطن وبواجهة روسية!!
ليبيا ثانياً ومصر؟؟ يرجح أن تكون ليبيا أول بلد عربي-بعد سوريا- يشهد تنفيذ مؤامرة التقسيم الصليبية الصهيونية الصفوية، بحسب المعطيات على الأرض، وبناء على ميزان أولويات يراعي الغضب الإقليمي لدى أبرز دولتين حالياً إزاء تفكيك سوريا، هما: السعودية وتركيا، وهما مستهدفتان بالمؤامرة لكن مواجهتهما الآن مكلفة للغرب وللمجوس الجدد معاً، فهما دولتان قويتان ويحظى النظام في كل منهما بسند شعبي متين. ولم يكن تقرير نيويورك تايمز الذي نشرته يوم 28/9/2013 م تحت عنوان «كيف يمكن أن تتحول 5 دول إلى 14 دولة»، مجرد هرطقة صحفية عابرة، وإنما كان يعكس التفكير الداخلي لصناع الإستراتيجيا الأمريكية. وأرفقت بالتقرير خريطة تضمنت تقسيم سوريا إلى 3 دويلات: إحداها للنصيريين على الساحل، ودولة لأهل السنة في الوسط، ودولة للأكراد على حدود تركيا. فيما توقع أن تتحوّل ليبيا وبما تعيشه من صراعات حالية فيها إلى 3 دول بحسب القومية والصراعات القبلية على النفوذ والبترول.
ومن مكر القوم أن شطر مصر إلى دولتين -وربما ثلاث- لم يعد ظاهراً في غابة الخرائط المختلفة/المتفقة لتمزيق المشرق الإسلامي والمغرب العربي، مع أنه كان واضحاً في موجة الثمانينيات من القرن الميلادي العشرين!! علماً بأن مصر تمر في الوقت الحاضر في أسوأ مرحلة من تاريخها الحديث، فالانقسام فيها عمودي ومخيف، وأوضاعها الاقتصادية على حافة كارثة، وسياستها الخارجية لا تقوم على رؤية من أي نوع، باستثناء جعل الموقف من نظام الحكم فيها هو المعيار الوحيد للصداقات والعداوات!! قد يتم تأجيل مصر وقد تكون التالية بعد ليبيا، لكن الجزائر في بال أبالسة الصليبية الجديدة، وهي تقف فوق بركان خامل لا يعلم إلا الله تعالى متى ينفجر. وربما يستبق القوم بوادر اندلاعه ليكون في خدمتهم حتى في غفلة من أطرافه كلها أو بعضها. وأما السودان فبعد نجاح الغرب في سلخ الجنوب يجري التحضير لفصل دارفور ثم شرق السودان ثم شماله النوبي الذي سيضمونه إلى نوبيي جنوب مصر لإقامة دويلة نوبية!!
تركيا والسعودية لاحقاً:
إن العقول التي تدير المؤامرة أشد خبثاً من أن تكشف نياتها الحقيقية إزاء السعودية وتركيا، بالرغم من كل المؤشرات التي تدل على أنهما مستهدفتان أكثر من الآخرين، لأنهما عرقلتا -وما زالتا- تعرقلان التنفيذ السريع لسايكس/بيكو الجديدة. فتركيا تعي أن دويلة العنصريين الكرد الزنادقة في شمال سوريا، ليست سوى مسمار يدقه الغرب في قلب تركيا، ليجري سلخ جنوبها الشرقي لإقامة كردستان الكبرى، "مكافأة" لأنقرا على تغريبها القسري وتبعيتها السياسية والعسكرية للغرب منذ انقلاب أتاتورك سنة 1923!!
وإذا كانت عاصفة الحزم خطوة سعودية وقائية نجحت في إنقاذ اليمن من الاحتلال الإيراني، فإن إرهاب داعش وجيوب حسن نصر اللات معاً يعملون ليل نهار على زعزعة أمنها بكل السبل. وفي هذا النطاق يلاحظ أن الرياض تدرك هذا الخطر وتتصدى له دبلوماسياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً وإعلامياً!!
إن كل تلك المؤامرة تتوقف على ما يتم في سوريا فعلاً، فإذا استطاع الحقد الأممي المتحالف ضد الشعب السوري، تمرير كيده هناك، فإن سبل إجهاض البنود الأخرى ستكون أشد عسراً وأعلى تكلفة مع انخفاض كبير في احتمالات الانتصار عليها. وإذا تمكن السوريون وأشقاؤهم في إفشال التمزيق المقرر، فإن الخطة كلها ستصبح أحلام يقظة محبطة بإذن الله.
المسلم
فاروق يوسف
غسان الإمام
مجلة البيان
عبد الناصر العايد
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة