عبد الرحمن المحمود
تصدير المادة
المشاهدات : 4934
شـــــارك المادة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا, وبعد:
أولاً: أذكر القراء الكرام ونفسي بآيتين من كتاب الله دالتين على اثنتين من سنن الله:
الأولى: قولة تعالى في أعقاب غزوة أحد: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران:140]. وهي دالة على سنة المداولة كما في بدر ثم أحد, ثم تكون العاقبة لأتباع الرسل.
الثانية: قولة تعالى: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ)[البقرة:251] في التعقيب على قصة طالوت وجالوت.
ومثله قوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) [الحـج:40], وهذا بعد قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)[الحـج:39], إلى قوله: (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ)[الحـج:41].
فهذه سنة المدافعة.
والدفع/ كما قال العلماء يكون بأمور كثيرة, على رأسها: الجهاد في سبيل الله, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانياً: المحتسبون يدورون بين السنُّتين:
الأولى: مدافعة الباطل والمنكرات؛ حتى لا تفسد الأرض بالمنكرات والعقوبات الإلهية التي فيها الخوف والجوع والنقص وألوان العذاب في الدنيا، ثم العذاب الشديد يوم القيامة.
الثانية: استحضار سنة المداولة، فمرة يقوى الاحتساب وأهله, ثم تأتي مرة أخرى ويقوى الباطل وأهله...
وقوة الباطل أو إدالته في بعض الأحيان كما في غزوة أحد فيه دروس:
1- تمحيص المؤمنين في الابتلاء والامتحان لمغفرة ذنوبهم ورفعة درجاتهم. 2- كشف أهل النفاق الذين يظهر نفاقهم المخفي إذا صار للباطل صولة وقوة. 3- محق الباطل بغرورهم وانكشافهم وبزيادة آثامهم؛ بسبب إجرامهم. 4- صفاء الحق وظهور رايته من خلال المحنة.
ثالثاً: الخلاصة والدروس:
1) أن الصراع بين الحق والباطل وما يتبعه من المداولة والمدافعة باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وعلى هذا:
1- تبطل النظرية الشيوعية التي تدعي أن الناس يعيشون في ظلها في سلام ووئام، وأنه بالتسوية بين الناس تزول الاختلافات والصراع بين الناس.
2- وتبطل النظرية الليبرالية التي تزعم أنه في ظل الحرية والديمقراطية تزول الفروقات ويرفع الصراع.
3- وتبطل كل نظرية صوفية أو مثالية كما تدعي يمكن أن يسود معها عدم اختلاف وصراع...
2) نظرية صدام الحضارات لها شقان:
1- شق باطل, وهو أصل هذه النظرية، وهو الزعم بأن الصدام بين الإسلام والحضارة الغربية؛ لأن الإسلام ضد الحضارة والتقدم؛ لأنه رجعي ومتخلف, وهذا من أعظم الباطل.
2- شق صحيح، وهو أن الصراع بين الإسلام والحضارة الغربية حق، وهو باق؛ لأنه صراع بين الكفر والإيمان والحق والباطل والشرك والتوحيد، والأخلاق الفاضلة والإباحية...إلخ.
3) سنة المدافعة والمداولة سنة دائمة وباقية، ومن ملامحها:
1- الصراع بين القوى الكبرى الاتحاد السوفيتي- أمريكا والغرب لا يبقى، وقد ظهرت بوادره منذ سنوات حين انهار الاتحاد السوفيتي.
2- لا تبقى قوة هي الأقوى والمتحكمة، سنة الله أن الله يهيئ من يدافعها، وعلى هذا فقوة أمريكا ومن معها لن تبقى، بل لا بد من دورة الصراع والمدافعة والمداولة.
4) المسلمون لهم النصيب الأكبر من هذا التداول والمدافعة:
1- لأن دينهم هو الدين الحق على وجه الأرض, ولا حق غيره من الأديان والملل والمذاهب والفلسفات.
2- وهذا الإسلام باق لن يقضى عليه، كما جاءت الأدلة في بقاء الطائفة المنصورة، وبقاء الإسلام إلى أشراط الساعة الكبرى.
3- الإسلام فيه من الأصول العلمية والعملية والمقومات ما يجعله منازلاً قوياً لأي قوة مهما بلغت.
5) لا بدّ للمسلمين في ظل هذا الصراع والتدافع من:
1- الأخذ بأسباب النصر الشرعية من: الإيمان, والتوبة، والتوحيد, والعبادة, والطاعة, والاستقامة, والبعد عن المعاصي والمحرمات. والصدق مع الله في كل ذلك, والبعد عن النفاق والرياء، ومن ذلك: إحياء الجهاد والاحتساب.
2- الأخذ بالأسباب المادية, وعلى رأسها:
أ- اجتماع كلمة المسلمين من أهل السنة ووحدة صفوفهم.
ب- الاستعداد بالقوة المادية العسكرية.. وغيرها... ولا بدّ من الاستقلال فيها، وعدم الاعتماد على القوى الأخرى في هذا الجانب.
ت- وعي الأمة بخطر الركون إلى الأعداء، وتعليمهم أسباب النصر وأسباب الهزيمة.
ث- الإعداد الحقيقي للجهاد في سبيل الله بقواعده وضوابطه.
ج- الحذر من الغلو ومن الجفاء, فهما داءان عضالان. ح- الصبر والمصابرة, والآيات في ذلك كثيرة.
رابطة علماء المسلمين
عبد الكريم بكار
فهد العجلان
مجاهد مأمون ديرانية
أحمد أرسلان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة