..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التفاوض لنا... والجغرافيا لهم

أحمد موفق زيدان

٨ ديسمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2840

التفاوض لنا... والجغرافيا لهم
موفق زيدان 0987.jpg

شـــــارك المادة

منذ انطلاقة الثورة الشامية المباركة، والبعض يعيش على وهم وسراب عالميين وطبخة حصى لا تنتهي، يطالبونك بالانتظار، ثم الانتظار وبعده الانتظار، ليأتي الانتظار، فلا أسلحة نوعية ولا دعم مالي ولا جسم سياسي أو عسكري موحد للثورة، بينما العالم المجرم يتكالب على الشام وأهلها، وبعضنا لا يزال يثق بهم وبمؤتمراتهم، فلم يصنف العدوان والغزو الروسيين بحقيقته، وإنما أمل البعض أن يكون سببا لحل القضية، فكان أن تطاول الإجرام الروسي على ما عجزت عنه العصابات الطائفية وأسيادها في قم وطهران، ومع هذا لا يزال البعض يأمل بالحوار والتفاوض أن يكون سبيلاً لوقفت هذه المأساة.
أتذكر هنا حين كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يفاوض في أوسلو وواي ريفر ووو، وبينما كان يتجول خارج المقاطعة رأى بأمّ عينه سرطان المستوطنات يجتاح الأراضي الفلسطينية، فقال لمن حوله على ماذا نتفاوض إذا كانت الجغرافيا غدت معهم، اليوم والثورة تُرغم على التفاوض من أجل التفاوض لشرعنة واقع مرير يفرضه الطائفيون ومعه عالم مجرم حاقد على الشام والحرية بشكل عام، واقع يبادل الفوعة وكفريا بقدسيا والزبداني ومضايا، وواقع يقتلع أهل الوعر ويفرض واقعا طائفيا مجرما مقيتا على حساب أهل الأرض، واقع طائفي يمتد إلى زرع أكثر من نصف مليون إيراني في العراق على حساب أهل البلد كلهم.
يجري هذا كله بينما درجت كل ثورات الأرض وكل مقاومات الأرض على توحيد صفوفها السياسية والعسكرية قبل التوجه إلى طاولة المفاوضات والحوار مع أعدائها، لكن هذا محرم ومحظور على الشام وأهلها، فهل تذكرون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وهل تذكرون دفع العالم كله بالاعتراف بالتحالف السباعي للمجاهدين الأفغان، ثم بشرعية الرئيس علي عزت بيغوفيتش -رحمه الله- قبل مؤتمر دايتون، وكذلك بالمجلس الوطني الليبي، لكن في الحال الشامية يبدو أنه لا يزال الحظر قائما على أي تجمع يمثل الثورة، وهذا ليس مسؤولية الشعب السوري وجماعاته وتكتلاته، وإنما حتى القوى المساندة للثورة التي كانت ولا يزال بمقدورها فرض اعتراف بجسم سياسي وعسكري موحد، من أجل قفل الدكاكين الصغيرة، ولكن تشتت التمويل وتشتت الدعم السياسي والعسكري، فرض حالة التشظي على الجماعات الثورية والسياسية السورية طوال تلك الفترة ولا يزال.
لست متفائلاً أبداً لا بمؤتمر الرياض ولا بغيره من المؤتمرات، هذا اللاتفاؤل لا يعود للجهات الداعية للمؤتمر التي وقفت ولا تزال تقف بقوة إلى جانب الثورة الشامية، ولكن الأمر في أُسه وأساسه يعود إلى القوى المعادية التي تريد مواصلة طبخ الحصى، والتفاوض من أجل التفاوض؛ إذ تريد التفاوض من أجل لفت الأنظار عن المعركة الحقيقية، فهي على الأرض تُشهّد الأمم المتحدة على هدن محلية واقتلاع طائفي ومذهبي، بينما يقوم الغزاة الروس بحرق كل شيء، ومحاربة الشعب السوري في قوت يومه وخبزه، تماماً كما شهدنا النظام حين كان يقصف المخابز والطوابير التي تقف أمامها بشكل يومي.
وكما قال الله تعالى: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} فإن كانوا يريدون الحل السياسي لما قصف الروس المدنيين، ولما أجرم الإيرانيون بهذا الشكل، ولتم إعداد جسم سياسي وعسكري موحد يفاوض عن الشعب السوري، ولما خرقت روسيا الأجواء التركية، فالبعرة تدل على البعير، والقوى المعادية للثورة الشامية والمناصرة لطاغية العصر وكل عصر مستعدة أن تقلب العالم رأساً على عقب من أجل الإبقاء والمحافظة عليه، وللأسف نرى التراجع الأوروبي المخزي بحق المطالبة برحيل الطاغية بذريعة خطر داعش، بينما الكل يعلم أن أكبر المستفيدين من الإبقاء عليها ومساندتها ودعمها هو النظام وسدنته، وأكثر المكتوين بها وببقائها هو الشعب السوري وثورته المجيدة.
يلعبون بالجغرافيا، وبعضنا لا يزال يثق بهم ويعول على فتات سيلقونه في أفواه بعضنا، وصدق غسان كنفاني حين قال: يسرقون خبزك ثم يعطونك كسرة منها، وعليك أن تشكرهم عليها.
من يفاوض عن الشعب السوري وثورته المجيدة لا يمكن أن يختارهم إلا هذا الشعب الذي ضحى ولا يزال يضحي ويقدم القرابين على مذبح الحرية ومذبح تخليص المنطقة برمتها من السرطان الطائفي والصفوي الخطير، فكثير ممن يفاوض عن هذا الشعب الآن للأسف لا علاقة له بثورته ولا بآلامه وآماله، وإنما كثير منهم طعنوا هذه الثورة بالظهر، فتخيلوا أن يكون صالح مسلم في صف المعارضين، وتخيلوا أن يعود الشهداء من أمثال حاجي مارع عبدالقادر الصالح وأبوفرات، وأبوخالد الشامي، ومئات الآلاف من أمثالهم ليروا من يمثل دماءهم اليوم.
أكاد أجزم أن طبخة الحصى لن تفيد، وأن داعمي وسدنة النظام الطائفي المجرم لن يقبلوا بنصف انتصار ولا بثلثي انتصار، إنهم يريدون الجغرافيا، وسيأتي اليوم الذي سيدرك كثير منا أن القوة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها العصابة الطائفية وسدنتها، وهنا سيكون المستفيد الوحيد والرابح الأكبر هو من استثني من المؤتمرات السياسية، أو طبخة حصى التفاوض، وسيزيد يومها التفاف الشعب حوله، لنتلمس رؤوسنا ولنتلمس مواقفنا اليوم.. فالشهداء سيعودون ليشهدوا على ما فعلنا وما سنفعله.

 

 

العرب القطرية

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع