فيصل القاسم
تصدير المادة
المشاهدات : 2814
شـــــارك المادة
لو استمعت إلى خطاب النظام السوري ومؤيديه فيما يسمى بحلف الممانعة والمقاومة لقالوا لك إن سوريا تعرضت لمؤامرة "كونية" كانت تريد انتزاع سوريا ونظامها "الممانع المقاوم" من جبهة الصمود والتصدي والتحدي ونقلها إلى جبهة "الاعتلال" التابعة للإمبريالية والصهيونية. بعبارة أخرى، هم يرون أن السبب الرئيسي للثورة المزعومة على النظام كان هدفها نقل النظام من معسكر المقاومة إلى معسكر التبعية، وهو أمر يرفضونه رفضاً قاطعاً، ولا يمكن أن يسمحوا به أبداً، حتى لو تطلب ذلك تدمير سوريا وتشريد شعبها. المهم أن تبقى هذه البقعة الجغرافية المسماة سوريا شوكة في خاصرة المتآمرين.
لكن لو نظرنا إلى مآلات الثورة السورية، أو لنقل حال سوريا الآن بعد خمس سنوات تقريباً على ثورتها، لوجدنا أن خطاب "الممانعة والمقاومة" لا يستقيم أبداً مع واقع الحال، فلو صدقنا نظرية "الممانعين" بأن هناك مؤامرة كونية، فالمؤامرة ليست أبداً ضد النظام، بل ضد سوريا الشعب والوطن، بدليل أن الذي تأذى فعلاً هو الشعب السوري، فالنظام رغم خسائره العسكرية والمادية الكبيرة، إلا أنه يحظى بدعم عسكري واقتصادي هائل من حلفائه الروس والإيرانيين، لا بل إن من يسمون بـ"أصدقاء الشعب السوري" المزعومين أكثر قرباً من النظام منهم من الشعب السوري، بدليل أنهم سمحوا لبشار الأسد أن يستخدم كل أنواع السلاح ضد الشعب، وضد سوريا الوطن، بينما حرموا معارضيه من أي سلاح يمكن أن يوقف الدمار والخراب الذي تحدثه طائرات النظام بسوريا والسوريين يومياً قتلاً وتشريداً وتدميراً للبشر والحجر.
كيف تتآمر أمريكا وإسرائيل وحلفاؤهما العرب والإقليميون على نظام الأسد إذا كانوا قد تركوه خمس سنوات يفعل الأفاعيل بكل من عارضه بكلمة تلفزيونية، فما بالك بالحديد والنار؟
لو كان النظام فعلاً يشكل قلعة المقاومة، كما يدعي هو وحلفاؤه، هل كانت إسرائيل وأمريكا لتباركا التدخل الروسي السافر بكل أنواع الأسلحة الجوية والبحرية والاستراتيجية الحديثة للذود عن النظام والتحالف مع ما يسمى بحلف "المقاومة" كالإيرانيين وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية والباكستانية والأفغانية وحتى الكورية الشمالية؟
هل كانت إسرائيل لتسمح لحزب الله وإيران أن يصلا إلى حدودها للدفاع عن نظام الأسد؟
من الصعب أن نصدق أن إسرائيل تبارك الدعم الروسي لخصومها "المقاومين"، لا بل تنسق تنسيقاً دقيقاً مع الروس في سوريا. ألا يعني التنسيق الإسرائيلي مع روسيا في سوريا بالضرورة تنسيقاً مع عدوها المزعوم حزب الله وراعيه الإيراني؟
ألا يعني التنسيق الروسي الإسرائيلي على الأرض السورية تحالفاً مفضوحاً بين نظام الأسد وإسرائيل؟
بما أن روسيا حليفة الأسد الكبرى، وبما أن الإسرائيليين ينسقون، ويتحالفون مع روسيا حليفة الأسد، فهذا يعني بالضرورة أن ما يسمى حلف الممانعة والمقاومة بكل مكوناته الإيرانية والسورية واللبنانية والعراقية يقبع في نفس الخندق مع الإسرائيلي المتحالف مع الروسي.
ألا تتباهى إسرائيل علناً بتحالفها المبارك مع الروس في سوريا؟ فكيف تكون "الصهيونية" إذاً متآمرة على نظام "الممانعة" في دمشق وهي متحالفة مع داعمه الرئيسي في العالم ألا وهي روسيا؟
ألا تسقط هنا أكذوبة أو نظرية "المؤامرة الكونية" التي رفعها إعلام النظام منذ اليوم الأول للثورة؟ لاحظوا أن نظام بشار لم يسمها مؤامرة دولية أو عالمية مثلاً، بل "كونية"، ونحن نعلم أن الكون أكبر بكثير من العالم، والعالم هو مجرد جزء من الكون الذي يحتوي على كواكب عديدة بالإضافة إلى كوكب الأرض الذي يعتبر من أصغر الكواكب، وهذا يعني بالضرورة، حسب التوصيف السوري، للمؤامرة، فإن مخلوقات من كواكب أخرى قد تكون مشاركة ضد "النظام الممانع والمقاوم" في دمشق. من يدري، فقد تظهر لنا عصابات مسلحة قريباً في دمشق قادمة من المريخ أو عطارد أو زحل.
ماذا كان يريد العالم من سوريا حقاً، بما أن الشرق والغرب يتحالف مع النظام بطريقة أو بأخرى، ويريد إعادة تأهيله والمحافظة على مؤسسات عصابته التي يسمونها زوراً وبهتاناً "دولة"؟
أليس هناك إجماع دولي على ضرورة إشراك النظام في أي حل سياسي في سوريا؟ البعض يتهم نظام الأسد بأنه عمل على عسكرة الثورة وتصويرها على أنها حركة إرهابية من خلال إطلاق ألوف المساجين الإسلاميين المتطرفين كي ينضموا إلى صفوف المقاتلين، بحيث تتحول الثورة عملياً من ثورة شعب مدنية إلى حركة متطرفين وإرهابيين. ولو صدقنا أن النظام فعل ذلكً لحرف الثورة عن مسارها وتخريبها وتشويه صورتها، فلماذا راح القاصي والداني يرسل متطرفين إلى سوريا كي ينضموا إلى صفوف المتشددين الذين أفرج عنهم بشار الأسد من سجونه؟ ألا تلتقي أهداف الجهات التي أغرقت سوريا بالمتطرفين مع أهداف بشار الأسد الذي أراد أن يشوه الثورة، ويقدمها للعالم على أنها حركة تطرف وإرهاب؟
واضح تماماً أن المطلوب كان رأس سوريا الوطن والشعب، وليس رأس النظام، بدليل أن النظام شارك في المؤامرة الكونية على سوريا بكل ما أوتي من قوة، ومازال.
أورينت نت
أحمد أبازيد
طارق الحميد
عبد الرحمن الحاج
يحيى العريضي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة