خالد عمر
تصدير المادة
المشاهدات : 2775
شـــــارك المادة
بدأت تركيا في تكسير العظم الروسي شيئاً فشيئاً:
لا يبدو واضحاً وجود رغبة تركية بالتحرك لوقف ضربات روسيا في سوريا، إلا أن أنقرة تعمل على منع استغلالها لتكون جسراً تنفّذ من خلاله مخططاتها الساعية لتحقيق نفوذ في المنطقة، وهو ما مثله إسقاط أنقرة لطائرة روسية اخترقت أجواءها، اليوم الثلاثاء، والذي جاء عقب تهديدات تركية صارمة بأنها ستفعّل قواعد الاشتباك العسكرية إذا انتُهِك مجالها الجوي؛ وهو فتح فعلاً النار التركية ضد روسيا، إضافة إلى الضغوط الدبلوماسية.
ويرى مراقبون أن تركيا تحاول السيطرة على وضعها الداخلي قبل الخارجي، مع الحفاظ على أمنها القومي ومكانتها الإقليمية، خاصة بعد نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي جرت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبإسقاطها الطائرة، تنتظر تركيا تحركات فعلية مشتركة من حلفائها في أمريكا والغرب ضد التجاوزات الروسية.
وبدأت تركيا بتكسير العظم الروسي شيئاً فشيئاً، فهي لا تريد التصعيد، بل العودة إلى نقطة الصفر، ولذلك فقد سارعت إلى التأكيد أنه لا تغيير في موعد زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لأنقرة غداً، بل أبعد من ذلك؛ فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقبل رئيس الوزراء، داود أوغلو؛ لبحث موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، دون الإشارة إلى مناقشة قضية الطائرة والتدخل الروسي.
وأسقط سلاح الجو التركي، صباح اليوم، طائرة حربية روسية اخترقت أجواء البلاد حين كانت تقصف جبل التركمان في ريف اللاذقية المحرر، بعد تحذيرها 10 مرات خلال 5 دقائق، وسجلت الكاميرا لحظات قفز الطيارين من الطائرة بمظلتهم بعد سقوطها، في حين ذكرت وسائل إعلام تركية أن الجيش السوري الحر اعتقل أحد الطيارَين وأن الثاني لقي حتفه.
في اليوم نفسه استقبل الرئيسُ التركي، رجب طيب أردوغان، رئيسَ حزب العدالة والتنمية، رئيس الوزراء المكلف، أحمد داود أوغلو، في المجمّع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، ومن المنتظر أن يعرض داود أوغلو خلال الاجتماع المغلق أسماء التشكيلة الوزارية للحكومة الجديدة المنتظرة.
الجدير بالذكر أنّ أردوغان كلّف داود أوغلو بمهمة تشكيل الحكومة الرابعة والستين، في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
خطط التوسع:
وبغض النظر عن مصلحة موسكو في إبقاء بشار الأسد من عدمه، لكن وجودها العسكري في سوريا يأتي ضمن خطط طويلة الأمد تهدف إلى استعادة مكانتها العسكرية وانتهاج عقيدة توسعية جديدة، بعد أن انتهجت سياسة عسكرية تتسم بالضعف منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
ويرى مراقبون أن سوريا هي وسيلة روسيا لتحقيق أهدافها في خطتها التوسعية الجديدة، ضمن مواجهة باردة مع أمريكا التي لم تدخلها بالتحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، وتركيا التي تريد إنشاء منطقة آمنة على الحدود وتطالب باستهداف الأسد بدلاً من "داعش".
المنطقة الآمنة:
وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي التركي، محمد زاهد جول: إن "روسيا تحاول عرقلة مشروع المنطقة الآمنة، لكن المشروع بدأ بالفعل بعد إسقاط الطائرة، والتطورات الأخيرة".
وتابع جول في لقاء مع الجزيرة: "نستطيع أن نقول إن هناك تغيراً استراتيجياً حصل منذ يومين، حيث شاركت مروحيات وطائرات إف4 التركية التي تستطيع أن تقوم بإسناد عمليات برية على الحدود".
ويقصد جول بذلك التحركات التركية في منطقة جبل التركمان ذات الغالبية التركمانية وجبل الأكراد بريف اللاذقية، والتي أعقبت الهجمات البرية التي تشنها قوات النظام السوري، منذ 4 أيام، مدعومةً بغطاء جوي روسي، وأدت إلى حركة نزوح تركماني كبير باتجاه القرى القريبة من الحدود مع تركيا.
ويشير إلى أن "استراتيجية الرد التركية ربما تأخرت بسبب قمة العشرين الاقتصادية، والتداعيات الداخلية السياسية التي خلفتها الانتخابات، لكن هناك تسارع أكبر في وتيرة العمليات مع إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة".
وفي تقديره، فإن تركيا لا تملك خياراً سوى إقامة المنطقة العازلة تحت عدة أهداف؛ أهمها منع إقامة دولة علوية كردية، في إطار ما يتم الحديث عنه من تقسيم سوريا، وأيضاً بهدف دعم المعارضة السورية، وإيجاد منطقة آمنة تجمع السوريين.
ويرى مراقبون أن إسقاط الطائرة قد يُعجل إقامة الحلف الرباعي المشترك الذي يضم روسيا وإيران ومصر إلى جانب النظام السوري، في مواجهة أمريكا وتركيا.
معركة النفوذ:
وفي تحليل له، يقول مركز كارينغي للشرق الأوسط: إن "روسيا لا تخفي نزعتها لتحدي ما تصفه بـ"الهيمنة الغربية على العالم"، وكان آخرها تحدي الغرب في كل من سوريا وأوكرانيا. هكذا، وفي جانب منه، يبدو التحرك العسكري الروسي في سوريا كرد فعل على استبعادها من المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة في سوريا والعراق".
وهذا الأمر دفع موسكو إلى المشاركة في الحرب على "الإرهاب" بتأسيس تحالفها الخاص في المنطقة التي يحكمها الأسد من سوريا، مقابل تحالف "غير شرعي بني على أسس خاطئة"؛ بسبب استبعاده الأسد، وفق ما تعتقد روسيا وإيران حليفتا النظام السوري.
وباشرت إرسال تعزيزات عسكرية إلى سوريا بعد أن فشل اقتراحها الأخير بتشكيل "تحالف إقليمي لمواجهة الإرهاب" يجمع دول الجوار، وخصوصاً تركيا ودول الخليج، في تحالف واحد مع إيران والنظام السوري لمواجهة تنظيم "الدولة".
ما يفرضه الميدان:
وفي سيناريوهات الميدان، يبدو أن ملف التفاوض سيكون مطروحاً بقوة بشأن الطيار الروسي، وفي هذا الشأن يقول الصحفي السعودي جمال خاشقجي: (أتوقع أن يصدر بيان سعودي بالتضامن مع تركيا حيال أي تهديدات تتعرض لها)
وبشأن موقف السعودية من التدخل الروسي واختراق الأجواء التركية من جديد، يقول: (في بداية العدوان الروسي سأل لافروف: أين الجيش الحر، دلوني عليه؟ جاءه الجواب اليوم وسوف يضطر للتفاوض معه)
الخليج أونلاين
الشرق الأوسط
زياد الشامي
حسين عبد العزيز
محمد أحمد الزغبي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة