عبد اللطيف عبد الله الوابل
تصدير المادة
المشاهدات : 2819
شـــــارك المادة
في عالم السياسة اليوم لا يستطيع المحلل السياسي أن يستبعد أي توقعات للأحداث. إنه عالم مضطرب سيطرت عليه مافيا الدولة العميقة بالتحالف مع الاستخبارات الدولية متعددة الجنسيات.
تجتمع مصالحها أحيانا فتتعاون لتحقيق هدفها المشترك وتختلف أحيانا أخرى فتتصادم المصالح ويكون الضحية في الحالتين الشعوب المستضعفة.
اشتعلت باريس بتفجيرات متزامنة واستيقظ الناس على وقع أخبارها وتداعياتها. إنها تستعيد في الذاكرة أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من أحداث وسياسات. تفجيرات هنا وهناك في أماكن مختلفة ومتشابهة الأوصاف وكأنها اختيرت للتعبير عن الأساس الذي قامت عليه فرنسا في ثورتها المعروفة "ثورة الحرية" كما يدعون!!. وفجأة وبسرعة تحدد الجهة والأهداف والقرائن وكأنه برنامج معد مسبقا يتم تنفيذه باحترافية ومونتاج عالي الدقة.
إنها إعلان حرب على فرنسا وعلى العالم الغربي (هكذا النتيجة وبسرعة). إرهاب يضرب ويدمر قيم الحرية! وكما صرح أوباما: لقد أظلمت السماء بدماء الفرنسيين! ولكنها لم تتأثر بدماء إخواننا المسلمين في سوريا وغيرها من بلاد الإسلام ممن قتلوا بعشرات الالآف وهجر الملايين منهم. إنه الدم الأوروبي غالي الثمن زكي الرائحة تماما كالعطور الفرنسية.
هكذا تتابعت الأحداث وكأن من خطط ورتب لأحداث الحادي عشر من سبتمبر يريد أن يعيد الكرة مرة ثانية ولكن بنكهة جديدة. ربما لأن الأهداف السابقة لم تؤت ثمارها كاملة وبدأت آثارها تتلاشى وتضعف جذوة نارها. فلا زال الإسلام قويا شامخا عزيزا ولا زال الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
بل لا زالت شعوب أمريكا وأوروبا من بني جلدتهم تقبل على الإسلام وتدخل فيه محبة ورغبة ونصرة.
إنه الإسلام دين الفطرة. الدين الذي أنزله رب العالمين وحفظه من التبديل أو التغيير ووعد وعدا قاطعا أن يظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. فهل استشاطت الأحزاب اليمينية المتصهينة في الغرب غضبا حينما رأت عودة الشعوب للإسلام وحبها ورغبتها لتطبيق شرع الله وعدله في بلاد المسلمين؟ وكان ذلك واضحا فيما سمي ب"الربيع الإسلامي".
والسؤال الذي يطرح نفسه على طاولة السياسة هو هل يعيد التاريخ نفسه؟
هل فعلا هي مؤامرة جديدة تستعيد بها أحزاب اليمين المتصهينة الأوروبية أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من اجراءات تعسفية بحق المسلمين فما عسى بقي من مكر وكيد يصنعونه بهذه الأمة المستضعفة.
لقد بلغ بهم المكر والكيد أن جعلوا من الإسلام والمسلمين عنوانا للإرهاب والظلم ولافتة مرفوعة حتى في المنظمات الدولية. بل لقد أعادوا صناعة مفهوم الأمن الاجتماعي في كثير من دول العالم الإسلامي كما يريدون هم بتعريفهم حتى أصبح من يتصدق ويحسن للفقراء والمساكين ويباشر أعمال الخير والبر تحت طائلة الاتهام والملاحقة بل وأحيانا السجن والإيقاف خاصة في بلاد المسلمين. وللأسف فقد سار في ركابهم كثير من حكومات العالم الإسلامي بغيا وظلما بغير حق.
أما كفاهم أن حاربوا المؤسسات الخيرية الإسلامية وحجبوا كثيرا منها عن العمل وعطلوا مشاريعها وصادروا أموالها وسجنوا أصحابها وتسببوا في ضياع الآف الأرامل والأيتام.
إنها باختصار حرب صليبية بنكهات مختلفة يديرها في كل فترة من التاريخ مجموعة من الحاقدين الصليبيين ممن يسمون أنفسهم اليمين المتطرف "المتصهين"ويسير في ركابهم أصحاب الشهوات من ضعاف النفوس من أبناء المسلمين ممن وصفهم الله بقوله: "يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين". لقد بالغ بعض المسؤولين في بلاد المسلمين في تنفيذ خطط اليمين المتطرف أكثر مما يريدون وقدم لهم من الخدمات مالم يكن في حساباتهم فكانوا وللأسف أشد منهم ضررا على الإسلام والمسلمين.
ما من شك أن قتل الأبرياء وإخافة الآمنين وترويع الشيوخ والنساء والأطفال بأي أسلوب كان أمر مرفوض في شرع الله أولا وقبل كل شيء أيا كان من يقف خلفه تخطيطا وتنفيذا وتشجيعا فهو ظلم وبغي وعدوان بغير حق, والله سبحانه حرم الظلم على نفسه أولا وحرمه على خلقه أجمعين "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".
لكن السؤال المهم هنا من هو الذي يصب الزيت على النار؟.
فمن أعطى الحق لدول الغرب أن تثير الفتن والقلاقل في بلاد المسلمين بدعوى الحرية والديموقراطية الكاذبة وهي في الحقيقة تدعم الظلم والعدوان وتعين الظالم وتمده بكل معدات التعذيب والتنكيل.
إنها تقتل المظلوم وتمشي في جنازته. لا بد للغرب أن يعي أن هذه السياسات الظالمة لم تعد خافية على ذي عقل فقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة على كشف الحقائق ودحض الكذب والنفاق والدجل.
ما للغرب وبلاد المسلمين. لماذا يسعون لاستعمارها بطرق شتى وبأساليب مختلفة. مرة بطريق مباشر وأخرى بواسطة وكلائهم ومندوبيهم، ثم اذا طالبت الشعوب بحقوقها وحاولت الخروج من نفق الظلم والعدوان سيروا جيوشهم وطائراتهم لإعانة الظالم وقتل المظلوم واستخدموا المنظمات الدولية التي هم من يحكمها ويسيطر عليها لدعم وتأييد الظلم والبغي في بلاد المسلمين.
من أعطاهم الحق ليقرروا أن الحرية والعدالة والأمن الاجتماعي والسياسي حقوق خالصة لهم ولشعوبهم لا غير. أما الشعوب المسلمة فلا حق لها في ذلك كله . أما كفاهم عشرات السنين وهم ينهبون ثروات العالم الإسلامي ويقهرون شعوبه إما مباشرة أو بواسطة وكلائهم دون رحمة أو هوادة.
لقد أصبح العالم قرية واحدة فمن أوقد نارا في المشرق ذاق حرها ومرارتها ولا بد وإن كان في المغرب.
هذه رسالة للغرب وأعوانه: خلوا بين الإسلام وبين الشعوب وأزيلوا حواجزكم عن الدعوة الإسلامية لتنعموا أنتم قبل غيركم بعدل الإسلام وبأخلاق الإسلام ومبادئه.
وأنتم يا أهل الإسلام أما آن لكم أن تأخذوا عبرة ودرسا من مكر أحزاب اليمين المتصهين وكيدهم وأن تعلموا أنه لا أمن لكم ولشعوبكم ولا استقرار الا بتطبيق هدي الإسلام وتحقيق العدل والكرامة والحرية الأخلاقية بعيدا عن الظلم والاستبداد والاستقواء بالغرب والسعي وراء تنفيذ سياساته دون وعي ولا سياسة حكيمة.
جربوا ولو مرة واحدة أن تتجردوا للحق والعدل وأن تتمسكوا بشريعة الإسلام بصدق وإخلاص وتتصالحوا مع شعوبكم بعيدا عن الاستبداد ونظرة الاحتقار لهم لتروا كيف يتحقق لكم ولشعوبكم الأمن والسعادة في الدنيا والآخرة، خذوا بوصية الله لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول له "يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما" وفي وصيته للمؤمنين في قوله تعالى: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
إن كل عاقل وراشد وقارئ لسياسات أعداء الإسلام يجد أنها وللأسف تصب في إثارة الفتن والقلاقل والتوترات في بلاد المسلمين لتبقى خائفة ذليلة تابعة لسياساتهم فهل من معتبر؟
المسلم
ياسر الزعاترة
صفاء مهنا
حسان الحموي
نجوى شبلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة