علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 4776
شـــــارك المادة
نشر جوش رودين تقريرا في 4 نوفمبر الحالي على موقع بلومبرج يتحدث فيه عن الصدام الذي وقع بين إيران والسعودية في محادثات فيينا بخصوص سوريا.
الرواية المنقولة في ذلك التقرير ليست كاملة، ويبدو أن مصدر جوش أراد أن يركز على تحميل الجانب الإيراني للسعودية مسؤولية هجمات 11 سبتمبر 2001 فقط دون أن يشير إلى حقيقة أن النظام الإيراني استخدم ووظف قيادات القاعدة في سياسة رسمية للبلاد، وإلى حقيقة أن الولايات المتحدة تدعو إيران إلى مفاوضات بخصوص سوريا وهي تعلم جيدا أن الجانب الإيراني الرسمي مسؤول عن مقتل عدد كبير من الأميركيين لاسيَّما بعد اعتقال السعودية لأحمد المغسّل.
على كل حال، في التقرير يشير جوش رودين إلى أن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير تكلم خلال مشاركته في «حوار المنامة» الذي يقيمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بشكل قوي ضد التدخلات الإيرانية في سوريا، وأنه وضع خطين أحمرين بخصوص الموافقة السعودية على المضي قدما في سوريا: الأول هو رحيل الأسد في تاريخ ووقت محدد، أما الثاني فهو رحيل كل القوات الأجنبية عن سوريا بما في ذلك القوات الإيرانية قبل البدء في أي عملية سياسية».
ينقل رودين بعد ذلك تعليقا لوزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند على الشرط السعودي الثاني المتعلق بضرورة رحيل القوات الإيرانية قبل أي عملية سياسية، يقول فيه «بالطبع هذا الأمر واقعيا لا يمكن تحقيقه... إلخ».
من المعروف أنه وباستثناء الموقف الفرنسي، فإن الموقف البريطاني فيما يخص مساندة الشعب السوري «كلاميا على الأقل» يعد الأفضل مقارنة بمواقف القوى الدولية وباقي دول الاتحاد الأوروبي، لكن وكما قال أحد الدبلوماسيين الأمميين رفيعي المستوى، فإن الموقف الفرنسي والبريطاني فيما يتعلق بسوريا لا يتخطى حدود الكلام، وعندما يأتي دور الأفعال فلن يكون لفرنسا وبريطانيا دور يذكر».
ما يهمنا حقيقة هو الأفعال على الأرض، فقد مللنا من الاجتماعات والمؤتمرات والتصريحات والبيانات.
خمس سنوات والشعب السوري يذبح من قبل الجزار وأعوانه الإقليميين والدوليين فيما يلهو العالم في مواضيع أخرى، بعضهم يحاول التكسب سياسيا من الأزمة السورية والبعض الآخر يحاول المساومة والمتاجرة بالقضية السورية لمصالح ثنائية مع قوى إقليمية ودولية ليس لسوريا والسوريين أي علاقة بها.
السيد هاموند، دعني أقول لك ما الأشياء التي نرى نحن أبناء المنطقة أنها غير واقعية ومن غير الممكن أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية على الإطلاق. من غير الواقعي أبداً أن يحضر 19 وفداً لممثلين عن مؤسسات وقوى إقليمية ودولية لمناقشة قضية، وأصحاب القضية مغيبون في الأساس عن الطاولة، هل تعتقد أن مثل هذا التجمع سينتج حلولا واقعية وقابلة للتحقق؟
الكلام هنا لا يعني السيد هاموند فقط، ولكن هل تعتقدون بأن طرح مشروع سياسي يتيح للجزار البقاء في السلطة أكثر من سنة خلال عملية سياسية انتقالية هو أمر واقعي؟ هل تعتقدون أنه قابل للتحقق بعد قتله لأكثر من 300 ألف إنسان واستخدامه كل أنواع الأسلحة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دوليا والأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وتهجيره أكثر من 11 مليون إنسان بين لاجئ ونازح؟ هل تعتقدون أن من بين ضحاياه من يقبل بهذا الطرح؟
هل إجبار الضحايا على الجلوس مع جلاديهم للتوصل إلى حل يعد أمرا واقعيا؟ وهل ينتج حلا أصلا؟ هل مناقشة مسألة تعديل الدستور أو وضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ظل وجود هذا السفاح وأجهزة مخابراته والميليشيات الأجنبية الطائفية التابعة له والقوات الأجنبية التي تحتل البلاد بحجة الدفاع عنها هو أمر واقعي؟
لماذا تكون المطالبة بخروج المقاتلين الإرهابيين الأجانب محصورة بداعش وجبهة النصرة ولا تمتد لإرهابيين مثل حزب الله والميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية؟ ولماذا في الحالة الأولى يكون الطرح مقبولاً وواقعياً وقابلاً للتحقق والإنجاز ولا يكون كذلك عندما يتعلق الأمر بالثانية؟ كيف يراد منا أهل المنطقة أن نفهم هذه الازدواجية وبأي عين ننظر إليها؟
هل من الواقعية بمكان أن يتم إشراك من كان أصل المشكلة وسبب البلاء في طبخة إيجاد حلول؟! ألا يعد مثل هذا الطرح تعبيرا عن عبثية سبق أن تم تجربتها في العراق وبلدان أخرى؟ ألم يسبق للأميركيين أن قالوا لنا مرارا وتكرارا منذ 2009 بأنه لا يمكن حل الوضع العراقي وجلب الأمن والاستقرار للبلاد من دون إشراك إيران في هذه العملية؟ ماذا كانت النتيجة في العراق؟ ما وضع العراق اليوم؟ هل يراد لسوريا أن تتحول إلى عراق آخر أيضا؟ هل من الواقعية بمكان مطالبة شعوب ودول المنطقة بقبول الدور الإيراني مجددا؟
هل تعتقدون أن فرض ما يسمى «حلا» من الخارج باتفاق أميركي وروسي وباستخدام مجلس الأمن هو أمر واقعي؟ وحتى لو تم فرض هذا «الحل» بالقوة من الخارج، هل تعتقدون أنه سينجح؟ وفي حال نجح، هل تعتقدون أنه سيكون قابلا للاستمرار؟ الناس لم يعد لديها ما تخسره، خروج الأسد والمحتلين الإيرانيين وميليشياتهم هو أقل المطلوب، وطالما أننا نتحدث عن الواقعية، فالواقعية تقول لنا دوما إن لا محتل سيسود ولا احتلال سيدوم.
العرب القطرية
غازي دحمان
ياسر سعد الدين
عبد الرحمن الحاج
إياد أبا زيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة