الطاهر إبراهيم
تصدير المادة
المشاهدات : 6758
شـــــارك المادة
انشغل العالم أواخر أكتوبر 2015 في البحث عن نهاية لخمس سنوات من القتل والتهجير أقام سوقها بشار أسد في سورية. اجتمع وزراء خارجية أربع دول هي روسيا وأمريكا وتركيا والسعودية في فيينا، تفرقوا كما اجتمعوا من دون اتفاق.
قيل في حينه إن موسكو أحبطت اللقاء حين أصرت على اعتبار بشار أسد جزءا من الحل. ثم اتفق على توسيع الاجتماع، بحيث دعي الغائب المهم إلى الاجتماع وهي إيران، ودعيت دول تكملة عدد مثل مصر ولبنان، إذ غيابهما كحضورهما لا يقدم ولا يؤخر.
وحدهما السعودية وتركيا تعرفان أن اللقاءات ممارسة علاقات عامة. إذ إن الغائب الأكبر هو الفصائل المقاتلة على الأرض، مثل أحرار الشام وجبهة النصرة والجبهة الجنوبية، حيث غيبت فلم تدع، ولم تهتم هي في أن يكون لها مقعد على طاولة اللقاءات.
فهي لا تهتم بمن حضر أو غاب، إذ إنه لا يوجد في أجندتها إلا القتال حتى يزول نظام بشار أسد من الوجود وينكسر أنف إيران وتنحسر إلى ما وراء الحدود يوم كان الشاه يحكم إيران، لا حبا بالشاه، بل كبحا لدور طهران التي ابتلعت أربع دول عربية كانت قبل احتلالها ملء السمع والبصر.
موسكو تعتبر أن سلاحها الجوي كفيل بأن يجعل لها الحق في أن يكون لها أكبر المقاعد حول طاولة المفاوضات.
أما واشنطن، فتعتبر أن الفصائل المقاتلة أكبر عقبة في إمضاء أية تسوية للنزاع في سورية. وقد جربت أن يكون لها مقاتلون من الجيش الحر يأتمرون بأمرها، فكانت فضيحة الفضائح حين صرفت 400 مليون دولار على تدريب من تسميهم معتدلين، ثم لم تجد في نهاية التدريب من هؤلاء المعتدلين إلا أربعا من الجيش الحر يأتمرون بأمرها.
موسكو التي جردت أسطولها الجوي، فقصفت المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون (عام طام) كما يقال في التعبير السوري، واستهدفت المستشفيات التي تداوي جرحى القتال ليس لديها إلا معدات صدئة ومئات من الجرحى، فلم توفرهم طائرات بوتين.
نقول لموسكو هذه التي جاءت لتنقذ بشار أسد فيبقى في السلطة، إنها لو استطاعت أن تدركه قبل أن تدوسه جحافل المقاتلين، فتكون أنقذته من موت محقق. وإلا فالمقاتلون السوريون أقسموا ألا يدعوه يخرج من سورية إلا قطعا تنهشها الكلاب، فقد فعل في سورية ما لم يفعله نيرون في روما.
أما واشنطن التي تتباكى على مصير سورية إذا ما أطيح بشار دون أن يخلفه من يحكم سورية في اليوم التالي، فنقول لها: اتركينا من شرورك ونحن بألف خير من الله.
فالمقاتلون الذين لقنوا ميليشيات طهران دروسا لن ينساها من بقي منهم على قيد الحياة، وجعلوا زعيم الأشرار حسن نصر الله "يشهق فلا يلحق"، وسيجعلون بوتين يلعن الساعة التي قرر فيها أن يجرب حظه في سورية، هؤلاء المقاتلون هم بناة سورية.
ففي اليوم التالي الذي تنظف فيه سورية من أشرار بشار وإيران يعود كل مقاتل إلى حيه يعمر فيه ما خربه المجرمون.
أما الضباط الذين انشقوا عن جيش بشار فسوف يعودون إلى ثكناتهم ليقولوا للعالم كله ولواشنطن بالذات: إن الجيش الذي قاتل بشار ونصر الله وفيلق القدس، الذي طرد من أرض سورية، هذا الجيش قادر على أن يعيد سورية إلى ما كانت عليه يوم تسلط عليها حافظ أسد وزمرة الأشرار.
لن يكون هناك فراغ في سورية. ولن يكون أبناء سورية مثل حكام العراق الذين جاؤوا على ظهر دبابة أمريكية عندما احتلت أمريكا العراق. فقد فعل أولئك أسوأ مما فعل جورج بوش وتوني بلير، وقد سرح "بول برايمر" الجيش العراقي الذي كان أقوى جيش في المنطقة العربية.
وإذا كان بوتين يعتقد أنه يقوم بعملية قصف تمهيدي ليجعل الفصائل المقاتلة ترفع راية التسليم، فقد رأى خلال شهر و1600 طلعة جوية، أن المقاتلين يتقدمون على الأرض تحت القصف.
بوتين الذي أرسل وزير خارجيته إلى فينا يوم الجمعة في 30 أكتوبر يعتقد أن المعارضة المحسوبة على النظام هي في جيبه، وسيقتسم الكعكة مع ائتلاف المعارضة ومن هم محسوبون على واشنطن. لكن هؤلاء وأولئك، حتى الآن لم يتفقوا على من سيعلق الجرس في عنق القط الذي يقاتل على الأرض.
لقد كانت الفصائل المقاتلة من اللباقة بحيث إنها لم تقل لائتلاف المعارضة: إنكم تفاوضون من دون أن يفوضكم أحد. لكن في الوقت الذي يتقدم هؤلاء وأولئك يتفاوضون لاختيار من سيحكم سورية سيجدون أنهم لا يملكون من الأمر شيئا، وأن من بذل الدماء بمئات الآلاف هو من يحق له أن يشرع لمصير سورية من خلال نواب الشعب الذين يختارهم السوريون.
كلمة لا بد منها لمن وجد نفسه عضوا في ائتلاف المعارضة من دون انتخاب من الشعب: أنتم لا يحق لكم أن تمثلوا الشعب السوري.
وغاية ما في الأمر أن واشنطن سوف تملي رغباتها ثم تقول لكم تعالوا ابصموا. ومن جملة ما ستبصمون عليه هو اعتقال من قاتل النظام من أحرار الشام وجبهة النصرة وغيرها، فهل تفعلون؟
العصر
سلوى الوفائي
موسى برهومة
عبد الرحمن الراشد
حسان حيدر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة