علاء الدين آل رشي
تصدير المادة
المشاهدات : 3326
شـــــارك المادة
تتطلب نظرتنا إلى الثورة، كوعي تحرري أن نتنصل من عقل السلطة وقواعدها العريضة في التعامل مع الواقع، ومن الممكن اختصار رؤية السلطات العربية لأي مشكلة، إما في العدو الخارجي، أو في التطرّف الإسلامي، وخلف تلك التراجيديا السياسية المملة والمعروفة تكمن العلل الحقيقية:
تزييف الوعي وتأجيل المحاسبة للفاسدين!!!
من المؤكد أن في البلاد العربية تم تحريم وتجريم السؤال، لماذا يعاد إنتاج الاستبداد؟! لماذا تحكم نظرتنا إلى الأمور الأحادية تماماً مثل النظم الشمولية الفردية؟!
لقد تركنا المنظرين السياسيين وأصحاب الإمبراطوريات الإخبارية، والطول الاقتصادي وارتضينا بلوم من يفعل الشر دون تقصي أسباب ذلك وأنها تعود إلى عوالم السياسة والإعلام والمال التي تعين الأوغاد وتحميهم أو تحول الأخيار إلى أشرار.
كتب ميكافيللي كتابه (الأمير) وكان على دراية وافية كيف تستطيع السياسة أن تنتج ممارسات تضخم الذات، ولذلك علينا التعاطي مع السياسة من خلال معرفة أصحاب القرار الحقيقي ومصالحهم الواقعية والعزف على استدامتها أو قطعها في حال تم الإضرار بالثورة.
إن السياسة مثل الحياة جميعها السياسي يبحث عن مصلحته لا عن صالح الآخرين؛ وهنا دهاء الثائر كيف يوجد نقاطاً للتلاقي.
مازلنا نحتار ولكننا ننظر إلى المصافحات الودية وغمزات الأعين والغزل الإعلامي الذي يتم بين سلطة طاغية وسلطة ديمقراطية والتي تعد تبريراً لتمكين القتلة من الحكام ومنحهم الشرعية، وتنشئة مؤجلة للتطرف!!!
والمتوجب علينا تفسير السلوكيات السيئة من دون اللجوء إلى مزاعم عاطفية أو تشهيرية. إن القواعد المتبعة في الحكم هو أن السياسة تعني فن الوصول إلى السلطة والحفاظ عليها، والاعتماد على ثلة أو طائفة أمنية ومالية تابعة للنظام لحماية مصالحه ولاستدامة يده داخل فم الجميع، وإذا كان من المرفوض أن نفسر السلوك الأمني السيئ بالسياسة الناجحة في المجتمع، علينا أن نرفض أي خطوة ثورية تصب في خدمة النظام السيئ مهما ادعت طهوريتها ومن هذه الخطوات:
الخطوة الأولى: حارب الجميع
إنها سياسة النظام وهي سياسة منهكة للنظام أيضاً وتسمح بخلق أعداء كثر ومقاتل غير متوقعة، عاش النظام قبل الثورة في حالة خصومة متوقعة مع الجميع وفتح الخيار فيما بعد لحصول الخصومات والعدوات.
إننا لا نكلف أنفسنا التنقيب تحت السطح هل حقاً الجميع هم أعداء لنا، أليس ثمة مصالح هنا وهناك، إنك عندما تحارب الجميع ستفضي سياستك إلى توحيد الجميع ضدك؛ لنا أيضاً أن نتساءل هل حقاً نحن على مقدرة كافية في المواجهة؟!
هل العداوة واحدة، وهل مثلاً من ترك النظام وغادر سفينة النظام مثل (طلاس والدكتور رياض نعسان آغا ومحمد حبش ورياض حجاب وووو... علينا أن نفتح ملفاتهم الآن؟! (أقصد من غير القتلة)
عالم السياسة وهو جزء من العمل الثوري مهم، تحكمه قواعد ولا يمكث في السياسة طويلاً من كان أحمقاً!!!
إنه من الحمق أن تستنفذ جهدك في حروب هنا وهناك…
ليس ثمة جهد مقنع لإقناع الشيعة أن ثورتنا ضد النظام؟!
ليس ثمة أي تحرك نحو المنشقين لتأليف عقد جماعي يكون بمثابة قوة ضاغطة إعلامية ضد النظام؟!
ليس ثمة ترشيد للخطاب الديني ومنع أي متحدث يريد أن يجعل من الثورة سنية ضد العلوية أو ضد الشيعة، حتى وإن اشترك الكثيرون من العلويين والشيعة في القتل؟!
ليس ثمة جهد مبذول لفتح حوار حقيقي مع الأجهزة العسكرية الكردية والانتقال من التهميش والتخوين إلى الاحتواء والتلاقي.
ليس ثمة جسم سياسي ضاغط يخبر الإيرانيين والروسيين أن مصالحهم مهددة في حال بقيتم على دعم لبشار!!!
لنعترف وبكل ألم وحسرة أن كل من يحاول من المعارضة اللعب السياسي سيقابل بالإفشال.
الطريق الثوري الذي يخاصم النظام ويفقده فخه في هذه النقطة:
تفنيد الأعداء الحقيقيين، وأن نبدأ من جديد بدراسة العدو الحقيقي لنا وقصر شعاراتنا عليه ومسالكنا ضده وهو النظام ورأسه، ومن ثم يكون التدرج بعيداً عن أي عداوة مذهبية كي لا نستدرج إلى فخ النظام.
الخطوة الثانية: تحسس من كل ما هو إسلامي
هناك توجهات ثورية تتبع النظام في الحساسية المفرطة من الدين، لن تكون الصورة التي نرسمها لما بعد سقوط بشار جميلة مالم نعمل على رفع أي حساسية أو احتقان بين مكونات المجتمع عامة ومع الإسلاميين خاصة، هناك من يريد تطفيش أي حس إسلامي بحجة أن الجهاديين هم سبب البلاء، وأن تديين الثورة أنهكها، ربما أوافق على وجود أخطاء من الإسلاميين لكن لا بد أن نعترف أن العمل العسكري كله قائم على الإسلاميين، ولن نسمع عن أي كتيبة علمانية؟ لماذا يصر بعض الثوريين على التحسس من الإخوان المسلمين السوريين مثلاً؟
قد أختلف مع مواقف سياسية للإخوان المسلمين لكني لن أقلد النظام في إعدام وإقصاء كل من ينتسب إلى الإخوان؟!
هناك مواقف ثورية تتخذ قرارات سيئة لكنها جوهرية.
إن الإسلاميين هم ضحية الاستبداد وإذا شكونا من قصور فهم بعض الإسلاميين فالعلمانيون ليسوا أكثر وعياً وقد وجدنا مواقف لعلمانيين تفوق داعش في تطرفها.
لماذا تشن حملات مسعورة ضد جيش الإسلام؟!
ومع الاعتراف بوجود أخطاء منه؛ وهذا موجود ولدى كل القوى العالمية العسكرية في حالات الفوضى إلا أننا لا بد أن نقر أن جيش الإسلام هو الفصيل العسكري الإسلامي الذي قرن بين جهاده ضد النظام وضد داعش.
أليس الأولى من التحسس منه المبادرة إلى ترشيده وتصويبه وتمد جسور التلاقي معه.
لماذا تتم حملات ممنهجة وبحساسية مفرطة ضد المتدينين وحتى العلمانيين مع وجود نماذج وطنية دينية مثل الدكتور أحمد معاذ الخطيب، وعلمانية معتدلة مثل الدكتور وليد البني…
الطريق الثوري الذي يخاصم النظام ويفقده فخه:
أن نعمل على رفع أي حساسية مع الإسلاميين وأن نطالب الإسلاميين بالمزيد من الانخراط في الأجندات الوطنية والحريات العامة والمجتمع المدني وتوجيه البندقية إلى القتلة فقط وترك تفسيرات الحكم وشكله إلى الناس وإرادتهم.
الخطوة الثالثة: شهر بالجميع وخون الجميع واضرب الكل بالكل
قد يسر البعض أن يظن أن الثورة مطهرة، وهذا خطأ فادح، الثورة موقف ضروري ولكنه غير كاف، والطهر الإنساني لا دخل له بثورة ولا بغيرها، كم من ثوار لم يتطهروا من عقلية النظام والدعس وكلمة (اخرس ولاك).
الطهر الإنساني أن تؤمن بقيم ثابتة ومنها:
١- تحريم تجريم الأبرياء.
٢- عدم إثارة الحروب البينية.
٣- التفكير المرتكز على غير المسارات الضيقة المذهبية أو القومية.
٤- ترك الاشتغال بالمشتغلين في قضايا الشأن العام وعدم إطلاق أي توصيف سلبي على أي عامل في الثورة قبل استكمال سائر الوثائق والأدلة القضائية والحقيقية التي تثبت ذلك والمعترف بها قانونياً.
هذه الخطوات تسهم في دحرجة الثورة نحو الخراب.
لحساب من يتم إشاعة التخوين وضرب أي ممول وأي شخصية عامة محسوبة على الثورة؟
ولحساب من ترفع شعارات دينية قاتلة ويروج وجه الثورة على أنها حرب بين الأصوليين وحكم علماني؟!
إن اتباع قواعد الانضباط الأخلاقي والفكري في الثورة يسهم في تحقيق منطق البقاء السياسي للثورة، وإمكانية خلق تبعات ومساحات أكثر اتساعاً مما نتخيل تعين على بلع بشار وخلق نظرية ترشيدية ثورية.
كلنا شركاء
مجاهد مأمون ديرانية
عمر حذيفة
إياد قنيبي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة