أبو عزام الأنصاري
تصدير المادة
المشاهدات : 10425
شـــــارك المادة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل سبحانه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ). والصلاة والسلام على النبي القائل بأبي هو وأمي: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه). وبعد... نشر الإخوة في جند الأقصى بيانا يوضح أسباب انسحابهم من جيش الفتح، وكنا نتمنى أن يبقوا في الجيش الذي أجرى الله على يديه الكثير من الخير. أمّا وقد أصدروا بيانهم فلا بد من توضيح بعض المغالطات والمزاودات التي ذكروها في بيانهم عفا الله عنا وعنهم، ويؤلمني والله أن أرد على أي أخ مجاهد خاصة في مثل هذه الظروف التي تتداعي فيها علينا الأمم من الشرق والغرب، يريدون أن يطفؤوا نور الإيمان في أرضا الشام المباركة. وأتمنى ألا يكون في كلامي قسوة عليهم، فإن كان فيها فحسبي أن أكون كما قال الشاعر: قسى ليزدجر ومن يك راحماً فليقس أحياناً على من يرحمِ.
* * *
أولا: الرد على تهمة تبني مشاريع "مصادمة للشريعة". زعم الإخوة في جند الأقصى أنهم خرجوا بسبب المشاريع المصادمة للشريعة داخل جيش الفتح، ونقول لهم: • ما نعلمه من فصائل جيش الفتح خاصة، وعموم فصائل الجهاد الشامي أنها لا ترضى عن الإسلام بديلا، وأنها مسلمة مؤمنة نحسبهم قيادة وجندا، والله حسيبهم. • ولذلك فنحن نتأول لإخواننا في الساحة السورية لما يظهر لنا من حالهم ومقالهم أنهم مسلمون يبغون رضا الله تعالى، أما الخطأ فهو وارد بل واقع فينا وفيهم. • ولو كان هناك فصيل مرتد في الساحة لقاتلناهم نصرة للدين ورحمة بالمسلمين أن يفتنوا بهم، لكن لن نكفّر فصيلا عندما نحتاج لسلاحه وماله، فهذا من أعظم الظلم والله المستعان. • ثم ماذا تقصدون بمشاريع "مصادمة للشريعة" هل هي مخرجة من الملة كما قد يفهم القارئ لأول وهلة أم أنها تدخل في باب الحلال والحرام، أو باب الصواب والخطأ، نرجو التوقف عن استعمال مصطلحات حمالة للأوجه، وتفتح بابا للتكفير عند الحاجة. • ثم هذه المشاريع هل هي طارئة فاستوجبت خروجكم أم قديمة رضيتم بالبقاء في الجيش رغم وجودها، ولكن عندما أردنا الوضوح والبيان تجاه جماعة البغدادي أخرجتموها من جعبتكم لتوهموا أنها هي السبب! • إن من أكبر الطعنات التي تلقيناها من تنظيم الدولة أننا كنا نقوم معهم بعمليات مشتركة في الساحة السورية، وكنا حينها إخوانا بحسب الظاهر منهم، وعندما حصل الاختلاف بيننا، تم تكفيرنا بأمور حصلت قبل الخلاف والله المستعان!! فلا تفجعونا بكم بارك الله • أما بيان ديمستورا، فكان من الإنصاف أن يقول الجند "بيان رفض خطة ديمستورا" كي لا يوهموا القارئ بأن البيان كان فيه تأييدا للخطة. • ثم جاؤوا بنص لا يفهم منه المسلم المنصف إلا تأكيد أن السلطان للأمة وليس لتوازنات إقليمية ودولية يريد تحقيقها ديميستورا في خطته، كما جاء رفض المبادئ المسبقة المصادرة للإرادة الحرة لشعبنا بنفس السياق، فخطة ديمستورا كانت تريد وضع مبادئ وقواعد فوق دستورية تصادر حق الأغلبية السنية في سورية، ولم يدر بخلد أحد ممن ناقش هذا البيان أن شعبنا يحق له تحليل ما حرم الله تعالى أو تحريم ما أحله. • ثم حاول الإخوة حشد الاتهامات فذكروا من ضمن انتقاداتهم الترحيب بالتدخل التركي، فنقول لهم: أتريدون أن نغضب أو نحزن إن جاء طرف ليخفف العذاب عن المستضعفين ممن لم نستطع نحن تخفيف معاناتهم؟ أم أنه يجب أن نحصر الخير في فصائلنا فقط وأن نمنع القطر عن الناس إن لم يكن عن طريقنا! • أما الخطابات الانهزامية التي أشاروا إليها فنقول لهم: ما ازددنا بفضل الله تعالى خلال هذه السنوات إلا إيمانا بصحة قضيتنا وزيادة تمسك بمبادئنا، لكننا اليوم وغدا سنقبل رأس العلج إن كان في ذلك تخفيفا عن الأمة وتفريجا عن مصابها، وسنسلك سبيل الحكمة دوما، سواء أكانت الحكمة الكلمة الطيبة أو السيف المرهف، مغلبين دوما اليسر على العسر، واللين على الشدة، مالم يكن في ذلك إثم أومعصية.
ثانيا: الرد على المطالبة بإعلان القتال العام: أما طلب الإخوة في الجند بإصدار بيان "بقتال الأمريكان والروس الذين يقاتلوننا ومن ناصرهم" فنقول لهم: • هل تريدون القتال حقيقة بحيث نحقق للأمة نصرا، أم تريدون استعراض البطولة ثم نختبئ بين الأهالي فيتلقون المزيد من المعاناة والقهر! لماذا لا تذهبون إلى عفرين لمقاتلة أنصار الأمريكان هناك كما تزعمون، ولماذا لا تذهبون لحلب لقتال من سلم المنطقة الحرة وسجن الأحداث للجيش النصيري بعد اقتحامهم لمدرسة المشاة التي استعصت على النظام طويلا.
• نحن بإذن الله تعالى على قتال من يقاتلنا عازمون، وكل من يدخل لأرضنا غازيا، فهو عدو لنا وليس له منا إلا السيف بإذن الله تعالى. • أما أن نطلب قتال العالم أجمع ونعلن ذلك فهذا من أعظم الخطأ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج غزوة إلا ورّى بغيرها، إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه أعلن عنها، فما بالكم ونحن لا ننشد قتال العالم أصلا، بل نسعى لبناء أمتنا وتحريرها وإزالة القيود عنها. • وتعلمنا من سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه هادن المشركين الذين قتلوا سمية في فرجها، وشقوا صدر حمزة وأكلوه، وجدعوا أنوف وآذان الصحابة الكرام، أنه هادنهم عشر سنين، وعلق على ذلك ابن قدامة المقدسي فقال: (وَلأنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ, فَيُهَادِنُهُمْ حَتَّى يَقْوَى الْمُسْلِمُونَ)، فكيف يشترط علينا الإخوة شرط الإعلان عن القتال ونحن بحالة استضعاف. • بل نص العديد من أهل العلم على جواز دفع مال للعدو كي يخف ضرره عن المسلمين، مستدلين بعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث ثمار المدينة لغطفان كي تترك قريشا في غزوة الخندق.
ثالثا: حول العلماء ومرجعيتهم: • هل يقبل جند الأقصى بعلماء الشام مرجعا بيننا عند الاختلاف، ومن هم "علماء الأمة، مصابيح الدجى، وأعلام الهدى..." الذين تناولهم بيان الإخوة في الجند، فإننا نتمنى أن يذكروا لنا عشرة أسماء من العلماء الذين يرتضونهم لحل خلافاتنا فيما بيننا. • يقول الإخوة أنهم لا يقطعون امرا من دون العلماء، ونحن نسألهم: من وافقكم من العلماء على الخروج من جيش الفتح، بينوا لنا بارك الله بكم، واذكروا الأسماء بشكل واضح، فإنا نريد أن نعلم من هم علماؤكم ليكون الجميع على بينة.
ونقول للمزاودين وللمميعين: ما زادتنا المحن إلا إيمانا بوعد الله ورسوله، والله إنا لنرى التمكين للأمة والعزة للدين مهما زادت الكلفة وبعد المسير، ستعود الخلافة الراشدة، وستُفتح روما، وليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل الله به الكفر. ولكننا اليوم في زمن الغربة الجديدة، وفي غربتنا هذه سنكون أشد ما يمكن قبضا على الجمر، ولكن رحمة بالأمة المسكينة، ولذا فسنسير على سيرها، ولن نرهقها، ولن ننسى أبدا أن كل عز ونصر وتمكين نعيشه اليوم فلأمتنا وعوامها وفساقها علينا دين فيه. طوبى للغرباء، طوبى للغرباء، طوبى للغرباء هؤلاء الذين قاتلوا الطغاة والغلاة، وحطموا أصنام القصور والقبور والتنظيمات من قلوبهم، فأصبحوا أحرارا في الدنيا لأنهم ارتقوا في العبودية لله تعالى فما عادوا ينظرون إلا لأمره نهيه، وما عادت المحبة في قلوبهم تتسع لغير الله ورسوله، سواء أرضوا أتباعهم أم سخطوا عليهم... اللهم اجعلني من هؤلاء الغرباء يارب، واقطع رجائي من الناس كي لا ألتف إلا إليك يا رب العالمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين الشيخ أبو عزام الأنصاري عضو شورى حركة أحرار الشام الإسلامية
عطية عدلان
رابطة خطباء الشام
فايز الصلاح
محتسب الشام
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة