حسين. ع
تصدير المادة
المشاهدات : 2600
شـــــارك المادة
أن يقطع رئيس دولة زيارة رسمية يقوم بها ويعود إلى بلاده على وجه السرعة لمعالجة أزمة مندلعة أمرّ مفهوم. لكن أن يقطع رئيس إيران حسن روحاني زيارته إلى نيويورك، بعد خمسة أيام من وقوع حادث التدافع في السعودية، الذي راح ضحيته أكثر من 700 من الحجيج 150 منهم من الإيرانيين، ثم يدّعي أن الحادثة هي سبب قطعه زيارته هو عذر واهٍ يشي بأن صاحبه فرّ من الولايات المتحدة لسبب غير معلن.
روحاني وصل الولايات المتحدة الخميس الماضي، يوم وقوع حادثة الحجيج، ليشارك في اللقاء السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومنح الرئيس الإيراني نفسه مهلة ثلاثة أيام سابقة لموعد إلقائه خطابه صباح الإثنين، فاستقبل في جناح جمهورية الملالي مجموعة من رؤساء العالم المتهافتين على السوق الإيرانية، وعقد سلسلة من اللقاءات مع اللوبي الإيراني-الأميركي، ومع أميركيين ممن يتسابقون كذلك على الفوز بجوائز ترضية مع انفتاح العالم على إيران.
غداء بعد غداء، وعشاء بعد عشاء، مرّت أربعة أيام ولم يبدُ أن القلق استبد بروحاني، أو فريقه، بسب وقوع حادثة مكة.
ثم أجرى روحاني سلسلة من المقابلات مع كبرى الوسائل الإعلامية، واستخدم المنابر الأميركية لشن هجوم ضد الحرب العربية في اليمن، ووصف كل المعارضين السوريين بالإرهابيين من صنف "نصف بشر أو لا بشر". ثم كلل الرئيس الإيراني رحلته إلى أميركا بخطاب أمام الجمعية العامة أشاد فيه بانتصار إيران الدبلوماسي في الاتفاقية النووية، وأشار فيه إلى أن لا حل في سوريا غير بقاء بشار الأسد رئيساً.
على أن إعلان روحاني قطعه زيارته وإلغاء عدد من الارتباطات السابقة له في نيويورك، لم يكن مبرراً بما فيه الكفاية.
لكن موعد مغادرة الرئيس الإيراني –فور فراغه من إلقاء خطابه صباحاً وقبل موعد الغذاء– قد يشير إلى سبب رحيله على عجل.
في كلّ عام، وفي اليوم الأول من افتتاح أعمال الجمعية، يستضيف الأمين العام وليمة غداء تقليدية يدعو إليها زعماء الدول المشاركة.
الرئيس الأميركي غالبا ما يتغيب، ولكن في الأعوام الثلاثة الأخيرة، عمد الرئيس باراك أوباما إلى الحضور علّه يصادف رؤساء ممن يحاول مصافحتهم مثل روحاني.
هذا العام، اتجهت الأنظار إلى وليمة الأمين العام، وتوقع الخبراء مصافحة، وإن عابرة، بين روحاني وأوباما، خصوصاً بعد التوصل إلى الاتفاقية النووية. وتحدثت أوساط واشنطن عن اتصالات أجرتها الحكومة الأميركية مع إيرانيين، مباشرة وبالواسطة، لتنظيم "مصافحة عفوية" بين الرئيسين.
وسمع الأميركيون من الإيرانيين "موافقة من حيث المبدأ"، إذ إن "إيران ليست على عداء مع أحد".
لكن عندما اقترب موعد المصافحة، تحجج روحاني بـ"أزمة الحجيج" ورحل.
أما دور روحاني في التعامل مع أزمة الحجيج فغير مفهوم، فالحادثة وقعت، ولا أعمال متابعة مطلوبة مثل حالات الكوارث الطبيعية. على أن روحاني يبدو أنه كان يحتاج إلى أي عذر ممكن للرحيل، من دون أن يبدو وكأنه غير قادر على مصافحة يخشى قدوم موعدها منذ يوم توليه الرئاسة وخوضه المفاوضات النووية.
ويبدو أن هروب الرئيس الإيراني من نيويورك، غير فراره من مصافحة أوباما، جاء أيضاً بسبب الأضواء المسلطة على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، خصوصاً ما تعلق بالمحادثات المتسارعة لمعالجة الصراع السوري. روحاني التقى بوتين، لكن لقاء الأخير مع أوباما هو الذي سرق الأضواء، وبدا الإيرانيون هامشيين في أزمة لطالما اعتبروها جزءا من مصالحهم الإستراتيجية في المنطقة.
فجأة تبددت أسطورة روحاني والتغيير المزعوم في إيران: لا روحاني يرغب في مصافحة أوباما، ولا إيران لاعب ذو وزن في سوريا عندما يبدأ الكبار، أي أميركا وروسيا، في الحوار.
فجأة انكشف الوجه الحقيقي لظاهرة روحاني كرئيس انفتاحي معتدل. روحاني يعرف محدودية صلاحياته وقدراته. مهمته هي إسباغ وجه لطيف على نظام عدواني. لذا يزور روحاني نيويورك سنوياً، يبتسم في لقاءات الكواليس مع أصدقاء أميركيين، يتوعد خصوم إيران في العلن على منبر الأمم المتحدة، ويهم بالرحيل عندما يبدأ الجد خوفاً من مصافحة أوباما، أو بدء الحديث حول سوريا وهو في جناح فندقه، لأن أحداً لم يوجه دعوة إليه للمشاركة في حوار سوري يسيطر عليه بوتين.
لو لم تقع حادثة مقتل الحجيج في مكة، لكان روحاني قطع زيارته على كل حال، ولكن وجد حججاً كثيرة غير الحجيج.
مجلة العصر
عمر كوش
أحمد أبو مطر
عبد الله أمين الحلاق
غالية شاهين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة