عباس شريفة
تصدير المادة
المشاهدات : 5673
شـــــارك المادة
تتعرض كثير من الجماعات الإسلامية إلى الانتكاسات بسبب ضعف الاستراتيجية لديها في التحرك الدعوي والسياسي والعسكري والاقتصادي؛ القائمة على الدمج الكلي بين هذه الأذرع، حيث تقوم بربطها ارتباطاً عضوياً ظاهراً وهي تواجه أعتى قوى الشر العالمية، فتقوم بكشف كل أوراقها أمام هذه القوى، مما يجعل هذه القوى تستشعر خطرها وتنقض على كل مكوناتها وأجنحتها قبل اشتداد عضدها، الأمر الذي يتسبب لها بخسارة فادحة. لذلك كان من الحكمة الفصل التام بين هذه الأجنحة مع التناغم عن بعد، بحيث لو تم الإجهاز على التنظيم السياسي يبقى النشاط الدعوي دون تأثر ولو توقف الجهاد العسكري يبقى النشاط السياسي يناور، وعدم وضع البيض كله في سلة واحدة. في المنهج الحركي للإسلام مرت الدعوة الإسلامية بمراحل ثلاث تم فهمها من استقراء السيرة النبوية. المرحلة الأولى: هي سرية الدعوة وسرية التنظيم: اتّخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة السرّية خطوة أولى خطاها في سبيل تحقيق إنجاح الدعوة الإسلامية، ولم يكن الغرض من التركيز على السرّيّة في الدعوة الخوف على نفسه وصيانتها من كيد الأعداء، بل هذه هي الخطّة الرائجة بين الدعاة المخلصين لحين تكاثر الأتباع وتحقيق شوكة الردع، فلا يجهرون بالدعوة، ولا يعلنونها بادئ ذي بدء، بل يبدؤون بعرض الدعوة سرّاً على الأفراد الذين يطمئنّون لهم -ولأجل ذلك- بدأ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة السرّية إلى الإسلام فدخل تحتها عدد من الشباب، فتعلّموا الفرائض والسنن سرّاً وكانوا يذهبون إلى شعاب مكّة فيقيمون الفرائض فيها. وكان هذا الأمر مع بدايات الإسلام، فقد دعا -الرسول عليه الصلاة والسلام- أهله للإسلام وبعض من يثق بهم وطلب منهم كتمان هذا الأمر كي لا يجهض الإسلام في بداية الدعوة، وكان التنظيم سرياً للغاية تدار اجتماعاته في دار الأرقم بن أبي الأرقم. المرحلة الثانية: الجهر بالدعوة مع سرية التنظيم: هنا يكون شكل العمل أشبه بالجبل الجليدي، القسم المخفي منه يشكل التنظيم والجزء الظاهر هو الدعوة. انتهت مرحلة سرية الدعوة عندما أنزل الله تعالى على نبيه “فاصدع بما تؤمر“، وهذا أمر مباشر نفذه عليه الصلاة والسلام بكل شجاعة عندما كان يقف في أندية قريش يدعوهم إلى الإسلام، ولكن الانتقال من السرية إلى علانية الدعوة لم يكن بطريقة الطفرة وإنما بتدرج يشبه انسلاخ الليل عن النهار وامتداد النور شيئاً فشيئاً، فبدأ الجهر للمقربين من أهل الثقة ثم عشيرته ثم لأم القرى ومن حولها ثم للعالمين.
كشف النبي صلى الله عليه وسلم ماهية دعوته دون أن يكشف حجم وحركة التنظيم، فالتنظيم والدعوة يخضعان لنظام الدوائر. المرحلة الثالثة: الجهر بالدعوة والتنظيم: فمع الهجرة النبوية وقيام الدولة الإسلامية في المدينة انتهت فلسفة علانية الدعوة وسرية التنظيم، فقد دخل الناس في دين الله أفواجاً وأصبحت لهم دولة تحكم بالإسلام قائدها خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام. وتحققت للمسلمين شوكة الحماية وصارت الدعوة والتنظيم في العلن. من هذا السبر لمراحل الدعوة والتنظيم: نرى ضرورة الربط بين الدعوة إلى الله ووجود تنظيم سري يدير هذه الدعوة، ويصنع قرارتها الاستراتيجية وخططها وبرامجها التشغيلية، في عصر الاستضعاف ضرورة ملحة، خصوصاً مع تربص ذئاب العلمانية والصهيونية والفرق الباطنية والعملاء بالمشروع الاسلامي، وإن كان هذا الأمر ليس أصلاً في الإسلام والأصل أن تكون الدعوة إلى الله علنية والتنظيمات علنية. ولكن في عصر الحروب الباردة والساخنة ضد الإسلام يدخل في باب الاستعانة بالكتمان على قضاء الحوائج، فتتبدل الأحكام بتبدل الظروف والأزمان. لذلك على القاعدة الصلبة المؤمنة المستضعفة أن لا ترمي بكل أوراقها في مواجهة الباطل فتكون أمام خيارين لا ثالث لهما: {إنهم إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أو يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إذا أبداً} (20)
إمّـا هلاك النفس أو ضياع الدين وكلاهما من الضروريات الخمس، قد تهدر لضعف التدابير الأمنيّة في الحركة وليتخذوا من سياسة (وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً) سبيلاً إلى حين استغلاظ الزرع واشتداده على سوقه ليعجب حينها الزراع ويغيظ بهم الكفار.
مشاركات نور سورية
المجلس الإسلامي السوري
مجاهد مأمون ديرانية
عبد الله الحاشدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة