..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التدخل الروسي: تسريع عملية تفتيت سورية

غازي دحمان

١٠ سبتمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3139

التدخل الروسي: تسريع عملية تفتيت سورية
دحمان00.jpg

شـــــارك المادة

يؤشر تكثيف الوجود الروسي في سورية إلى متغيّر خطير يتوجب التنبه له وهو إقتناع دوائر صنع القرار في روسيا بأن احتمالات سقوط نظام الأسد أصبحت أكبر من إحتمال صموده وبقاءه وهذا التقدير قد يكون نابع من ملاحظة عيانية نتيجة تراجع قوات الأسد على محوري سهل الغاب وجبال اللاذقية، وهي أكثر المحاور حساسية مع العاصمة دمشق؛

وبالتالي ارتفاع منسوب القلق الروسي من حصول مفاجأة قد تؤدي لخروجها نهائياً من دائرة صناع تقرير مستقبل الوضع في سورية والمنطقة، وهو ما يدفعها إلى النزول مباشرة لساحة الحدث من أجل إجراء التعديلات المناسبة التي تضمن بقاء دورها وفعاليتها.

التفسير المنطقي لمثل هذا التطور أن روسيا قادمة إلى سورية من أجل هدف محدد وهو حماية نظام الأسد وليس إستعادة سلطته على سورية موحدة، فذلك أكبر من إمكانياتها ونظرا لحسابات التكاليف والجدوى، سواء كان ذلك نوع من التحسب لعدم الغرق والإستنزاف على خطوط الصدع الإقليمية، شمالاً في حلب وجنوباً في درعا، أو تلك المتعلقة بملف الإعمار وإستحقاقاته وتلزيماته، ما يعني أنّ الحدود التي رسمتها إيران لسورية المفيدة والحدود التي تراجعت لها قوات الأسد هي التي ستكون مجال عمل القوى الروسية.

بالمعنى الاستراتيجي لا يبدو ثمة أهمية كبيرة لمصالح روسية في المنطقة فمعنى أن لا يكون لروسيا في البحر المتوسط سوى قاعدة طرطوس يعني أن مصالح روسيا أصلا في المتوسط ضعيفة ومتدنية وهي بالفعل كذلك، وما يؤكد هذه الحقيقة أن إمكانيات روسيا بالكثير تتوافق مع انتشار قريب من مجالها الحيوي وغلافها الإستراتيجي في البر الأوروبي القريب منها أو في بحار الأسود وقزوين والمتجمد الشمالي، أما فيما يخص بعض تعاقداتها في مجال الغاز التي أبرمتها شركة غاز بروم فليس بالشرط إقترانها بتوفير إنتشار عسكري حول منابع الغاز ولا خطوط إمداده وتلك مهمة الحكومات الوطنية أي يكن شكلها وتوجهاتها.

والحال تبعا لذلك أن مصالح روسيا في سورية كان يمكن تأمينها مع أي حكومة ولا يحتاج الأمر إلى حد الإنخراط الكلي في صفوف أحد طرفي النزاع ولا الإصرار على مغامرة معاداة الشعب السوري والذهاب بعيداً في بناء جبال متراكمة من العداء يصعب إختراقها لسنوات طويلة والأكثر من ذلك معاداة البيئة التي ينتمي لها الشعب السوري والتي من المفترض أنها تشكل إحدى دوائر العلاقات الروسية والتي يدخل بعضها في الإطار الداخلي والإقليمي لروسيا.
لا شك أن ثمة هدف أبعد يدفع روسيا بالتضحية بما تعتبره تكتيكيا، علاقتها بمكون سوري كبير، لمصلحة ما هو استراتيجي في نظرها، وتفسير هذا الأمر منوط بدرجة كبيرة بمعرفة هيكلية الأولويات الروسية في هذه المرحلة الزمنية، ومن الواضح أن الفعالية الدبلوماسية الروسية والجهود والموارد كلها تنصب في هذه المرحلة حول هدف إستراتيجي كبير وهو إستعادة المكانة الروسية، ودفع العالم، أو القوى الغربية، إلى الإعتراف بهذا الأمر، وتسعى روسيا إلى إقناع الآخرين من خلال الأدوار التي تقوم بهل حتى لو كانت ذات طابع سلبي وعدائي كما يحصل في سورية وأوكرانيا.
يتحمل العالم وأميركا بالدرجة الأولى جزء كبير من المسؤولية عن هذا الدور السلبي الروسي وخاصة في سورية، فهي طالما فتحت له النوافذ وسمحت بمزيد من هوامش ومساحات الحركة والمناورة لتجريب هذا الدور وتفعيله وطالما جرى إسقاط خطوط حمر كثيرة، وكل ذلك زاد من الإغراء الروسي للإندفاع الى الساحة السورية لصناعة منصة تساوم من خلالها العالم وتناكفه وتستدرج عروض من الخليج وتركيا وتداهن لإيران، وإعطاء روسيا فرصة تعويض ما تخسره في المقلب الأوكراني، حتى تحولت سورية ومصيرها الى منجم من الفرص لروسيا، مقابل زيادة نسبة المخاطر على شعب سورية ووحدة بلده.

لا شك أن الإنخراط الروسي المكثف في سورية سيضع البلد وأهلها على فوهة بركان، وعلى عكس ما قد يتصوره البعض، فلن يكون هناك طرف خاسر وأخر رابح من هذا التدخل الروسي الذي يأخذ طابع الإحتلال، الفرق أن طرفاً قد تمسه نار هذا التدخل مباشرة فيما الطرف الأخر سيشعر بعد فوات الأوان بفداحة الخطأ المرتكب، والأكيد أن التدخل الروسي إن إستمر على نفس الوتيرة وبدون ردع داخلي ودولي سيسرع من عملية تقسيم سورية وتنفيذ المخطط الذي يرسمه نظام الأسد وملالي إيران.

 

 

أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع