عباس شريفة
تصدير المادة
المشاهدات : 3547
شـــــارك المادة
نواجه في هذه الأيام العجاف حرباً فكرية تخترق مشاعر أبنائنا بأسلحة التهيج العاطفي التي سخرت لها أقلام واعلام واقبية مخابرات وعرابوها منظرون بثوب الاسلام وجدت في بعض تراثنا المشوه مبرراتها الفقهية، وتحمل في ظاهرها كل شعارات الإسلام وفي باطنها كل ما يكيد للإسلام. هناك حركة تاريخية يجب أن لا تغيب عنا وهي أن المشكلة لا تكمن في الغلو فقط وإنما في القابلية لحمل فكر الغلو وتقبل سلوكه خصوصاً عند الشعوب العاطفية، ونحن على يقين بالله، لو تحول كناسي العالم إلى مثيرين للغبار ليحجبوا نور الشمس، سيعود الغبار إلى رؤوسهم وستبقى الشمس منيرة في كبدالسماء، ذلك مثل من يريدون تشويه الإسلام بقصد وعمالة أو بغباء وسذاجة.
ما أراده الغرب من فتنة داعش أن يشوه مفاهيم راسخة في أصول الإسلام، وأراد الله تعالى أن يحفز أقلاما تكشف شبهتها وتكسر أصنامهم وتبين عوارها، وتظهر نقاء الإسلام الحق فهناك إيجابيات في ظاهرة الغلو والتكفير أنها تحرر طاقات الاعتدال الكامنة لإعادة صياغة المجتمع وفق المنهج الوسطي الحق بعيداً عن الغلو والتكفير والإرجاء والتمييع فالبحث عن العلاج يشتد مع اشتداد المرض.
لا أدعي أن داعش صناعة غربية خالصة شأن أصحاب نظرية المؤامرة بل هي من صميم تراثنا المشوه وكل ما فعله الغرب أنه أحسن الاستثمار السياسي بورقتها. بعد أن جر الغرب ذيول الهزيمة في غارته الفكرية الأولى بجنوده المعروفة من (العلمانية والقومية والشيوعية وحملات التنصير) التي بقيت بين النخبة المنتفعة ولم تستطع النفاذ إلى وعي الجماهير وسقطت بسقوط من فرضها على الأمة بالقوة عاود الغرب الآن الكرة بجنود جدد ولكنهم من صميم تراثنا المشوه في غارته الفكرية الثانية ممن لا تحجبها الحواجز النفسية عند الجماهير لأنها تظهر بمظهر هويتنا وثقافتنا. حرب الأفكار القاتلة من خارج ثقافتنا كالسم عندما نحتسيه فإن صاحب الطبع السليم يتقيأه نستطيع أن نستشعر خطره وألمه بسرعة يتحفز الجسد لرفضه ولفظه، أما حرب الأفكار القاتلة من داخل ثقافتنا فهي كالخلية السرطانية تشابه طبيعتنا لا نشعر بألمها ولا تتنبه لها مناعتنا، تتغذى على أعضائنا السليمة ولا نكتشفها إلا بعد أن تستفحل ويضعف الجسد عن مقاومتها. كذلك هي الحرب الفكرية حرب لا تسمع فيها صليل السيوف ولا أزيز الرصاص، إنها حرب تقتل الأفكار والوجدان ولا تكتفي بقتلها بل تحول أصحابها إلى قتلة للحياة وللإنسان والدين، ولرب فكر فاق بفتكه أسلحة الدمار الشامل. فعلى العلماء ممن أفتوا بأن داعش خوارجا أن يصدروا بيان اعتذار للخوارج فإن هؤلاء الأمساخ لا يمكن أن يصلوا للقذر الذي يعلق في نعال الخوارج فلا هم بصدقهم ولا تنسكهم، بل هم حفنة من شذاذ الآفاق جمعوا من كل ملة أخس ما لديهم من أخلاق، فكانوا وبالا على الإسلام وأهله وكفى الله الغرب مؤونة حربنا. وفي الختام:
إن نجاح أي منهج فكري يريد خوض مواجهة فكرية مرتبط بتناول المشكلة من جوانبها العديدة وعناصرها المركبة، فإن نظرنا لجانب دون آخر فقد غامرنا بعلاج مشكلة مزيفة ولا بد أن نغوص في جذور الصراع الفكري لنصل إلى نسب المارقة وآبائها المؤسسين ونقف على مفاصل إدراة الصراع معها، فالقضية ليست قضية تنظيم مجرم إنما هي معضلة مركبة. أما توصيف المشكلة أنه خطأ في الاجتهاد والسياسة فهو تسطيح للأزمة ومخادعة للذات من منظرين كانت لهم اليد الطولى في ولادة داعش واشتداد عودها واستفحال جرمها. ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين))
صفحة الكاتب على فيسبوك
مجاهد مأمون ديرانية
عامر الهوشان
حسان الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة