زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 5589
شـــــارك المادة
لا أظن أن عاقلا يصدق أن ما تقوم به بعض الدول الغربية – كألمانيا والنمسا وغيرها - من استقبال اللاجئين السوريين وغيرهم والترحيب بهم، وفتح الحدود والأبواب لاستقبال المزيد منهم..... هو بدافع إنساني بحت، فالعقلية المادية التي تبنتها الدول الأوروبية منذ زمن تتعارض مع هذا الوهم الخاطئ، كما أن طريقة تعاملها مع أسباب هذه الكارثة الإنسانية حاليا يؤكد تلك الريبة ويدعمها.
وبعيدا عن الدوافع الاقتصادية المادية التي لا يمكن أن تغيب عن أذهان العقلية الأوروبية، والأسباب السياسية التي تجبر بعض الدول الغربية على هذا الاستقبال حفاظا على ما تبقى من شعاراتها المزيفة – رعاية حقوق الإنسان وما شابه – فإن هناك بعدا أيديولوجيا عقديا في غاية الأهمية، ألا وهو دافع "محاولة تنصير المسلمين في هذه الظروف الاستثنائية التي يمرون بها.
قد يظن البعض أن هذا الكلام مبالغ فيه، وأنه لا يمت للواقع بأي صلة، وأن ما تقوم به الدول الغربية من استضافة اللاجئين المسلمين لم تفعله الدول العربية والإسلامية، ولعل من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي يلاحظ الانبهار الواضح بالترحيب الألماني النمساوي باللاجئين، ونسيان ما فعلته المجر بهم طوال الفترة الماضية، وما صرح به ساستها من دوافع عقدية طائفية بغيضة.
والحقيقة أن آفة الشعوب العربية والإسلامية النسيان السريع لمواقف هذه الدول مما يحدث حاليا في العالم العربي والإسلامي من كوارث -ناهيك عن تاريخهم الأسود في هذا المجال- والطيبة الزائدة التي تصل إلى حد "السذاجة" كما وصفها البعض من أي عمل إغاثي له ما وراءه.
لقد نسي هؤلاء ما حدث في مخيمات الزعتري بالأردن من محاولات تنصير اللاجئين السوريين هناك، حيث ظهر مقطع فيديو نشر على اليوتيوب منتصف عام 2013م، وظهرت فيه فتاة سورية وبيدها كتب للإنجيل ومجموعة أخرى من الكتب التي تبشر وتدعو لاعتناق النصرانية، مشيرة أن موزيعي هذه الكتيبات قد وعدوا من يحفظ شيئا منها بجوائز مالية ومكافأت نقدية، ومؤكدة أن هذا الأمر منتشر بين مخيمات اللاجئين السوريين، في استغلال واضح لمعاناة هؤلاء وحاجتهم للغذاء والدواء والمساعدة، وهو دأب وديدن الحملات التنصيرية على مدى العقود والقرون الماضية.
لم تكن هذه الحادثة فريدة من نوعها ليقال أنها لا تشير إلى ظاهرة، فقد تواترت الأنباء عن حوادث مماثلة في كل من الأردن ولبنان، فقد نقلت صحيفة أحرار برس في 23/5/2013م أن كنيسة الاتحاد بمدينة المفرق الأردنية قد دأبت منذ بداية اللجوء السوري إلى الأردن على توزيع كتب دينية وأناجيل مع الطرود الغذائية التي تقدم للاجئين السوريين، كما قامت الكنيسة المذكورة بضم بعض أبناء اللاجئين السوريين إلى الصفوف المدرسية ليتلقوا تعاليم الدين المسيحي .
وفي لبنان رصد الكثير من المسلمين محاولات تنصير اللاجئين السوريين، فقد نشر الشيخ محمد عباس -المسؤول عن مخيم الرحمة- تسجيلا مصورا على موقع "يوتيوب" قال فيه : إن الجمعية المصرية وتحت شعار مساعدة النازحين السوريين، تقوم بالتبشير بالدين المسيحي في مخيمات النازحين .
ولم تنف بعض الوجوه النصرانية اللبنانية هذا الأمر، بل قال المحامي أنطوان صفير : إنه لا يوجد نص قانوني يمنع من التبشير الديني ما دام الذي يتم التبشير به لا يتعارض مع القوانين اللبنانية، وأن كل شخص يحق له ممارسة التبشير ...الخ
أقول: إذا كان هذا هو دافع الجمعيات التنصيرية لمساعدة اللاجئين السوريين في كل من الأدرن ولبنان، فهل سيتغير هذا الدافع حين يصبح اللاجئون السوريون في عقر دار الغرب والموطن الأم لتلك الجمعيات؟!
لقد بدأت تظهر ملامح وجود حملة وخطة تنصير جديدة بحق اللاجئين المسلمين الذين يتوافدون إلى ديار الغرب من خلال أكثر من مظهر:
1- دعوة البابا فرنسيس أمس كل أسقفية ودير ومأوى في أوربا إلى إيواء عائلة من المهاجرين ، فيما أكد أن ابرشيتين في الفاتيكان ستستضيف كل منهما أسرة مهاجرة خلال الأيام المقبلة قائلا بعد عظة الأحد المعتادة بالفاتيكان : "أناشد الأبرشيات والجماعات الدينية والأديرة والملاجئ في كل أوروبا أن تستضيف عائلة من اللاجئين".
فماذا يمكن أن يكون دافع الأبرشيات والأديرة والكنائس لاستضافة عائلة لاجئة – ومعظمهم مسلمون من أهل السنة – إلا التنصير والترغيب باعتناق النصرانية؟!
ولا أظنني بحاجة للرد على من يزعم أن دافع تلك الكنائس والدول الغربية لهذه الاستضافة هو الحس الإنساني أو شعارات رعاية حقوق الإنسان، فأين هو هذا الحس الإنساني مما يحدث في بورما والعراق وسورية منذ سنوات؟! ولماذا لم تعمل تلك الدول والكنائس على وقف مجازر طاغية الشام لكيلا يضطر الناس للنزوج والهروب من الموت؟!
إن موقف الدول الغربية من هولاكو العصر هو الدليل الدامغ على سوء نواياها تجاه اللاجئين السوريين، فهي لم تكتف بغض الطرف عن جرائمه الوحشية التي تسببت بموت مئات الآلاف منهم، والتي أدت إلى أكبر حركة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية، بل كانت شاهدة زور حين زعمت أن "داعش" هو سبب نزوح السوريين وأزمة اللجوء الحالية، ويظهر ذلك من خلال تصريحات كل من رئيس وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي، اللذين أظهرا نية للمشاركة في الضربات العسكرية ضد ما يعرف "بتنظيم الدولة الإسلامية"، وهو ما يعني: أن سبب أزمة اللجوء هي "داعش" وليس طاغية الشام، فهل هناك تواطؤ وسوء نية أكثر من هذا؟!
2- كما أن اضطرار بعض اللاجئين بألمانيا للذهاب إلى الكنيسة طلبا للجوء عندهم والمكوث في الكنيسة وعدم الخروج منها أبدا لمدة تتراوح بين 6-18 شهرا - حتى تنقضي مدة البحث القانونية عن ذلك اللاجئ و تسقط مدة اتفاقية دبلن عنهم - وذلك هربا من السلطات التي تحاول العثور عليهم لأجل ترحيلهم بسبب عدم دخولهم بصورة رسمية، ليصار بعد ذلك إلى قبوله كلاجئ هناك ....تؤكد مخاوف وجود خطة لتنصير اللاجئين المسلمين .
من الطبيعي أن تكون طريقة استقبال كل من ألمانيا والنمسا لللاجئين بهذه الصورة، بعد أن أظهرت المجر وغيرها من دول شرق أوروبا الوجه الحقيقي العنصري للقارة العجوز، كما أن نجاح خطة التنصير تستوجب تقديم كل أنواع الدعم والمساعدة لهؤلاء اللاجئين .
وختاما لا يمكن التغافل عن دور تقصير الدول العربية والإسلامية في استقبال هؤلاء اللاجئين، وفتح الأبواب والحدود لهم ....في نجاح خطة الغرب الخبيثة التي ما كان لها أن تكون لولا التقاعس الإسلامي عن إيواء هؤلاء وحسن استقبالهم في أراضيها كأخوة في الدين لا كلاجئين.
المسلم
فايز الصلاح
مجاهد مأمون ديرانية
عبد الغني محمد المصري
برهان غليون
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة