..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أمريكا وإيران.. غرام الأفاعي

محمود المنير

١٠ أغسطس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6357

أمريكا وإيران.. غرام الأفاعي
00 روحاني.jpg

شـــــارك المادة

ثمة تساؤلات تطرح نفسها بعد هذا التقارب الأمريكي-الإيراني، والذي أسفر مؤخرًا عن الاتفاق النووي الإيراني، الذي أزعج دول الخليج، ودشن لمرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية الإيرانية، ولعل سعي أمريكا لاستئناف تطبيع علاقاتها مع إيران، هو ما جعل تلك التساؤلات ملحّة وعاجلة لفهم المشهد العام، وطبيعة التحولات التي أفضت إلي هذا الاتفاق وتداعياته، ومن هذه التساؤلات:

– هل غيرت أمريكا من سياساتها، وباتت تعيد النظر في دورها في المنطقة؟ أم أن لواشنطن أهدافًا ومتغيرات دفعتها إلى هذا المسار الجديد؟

– هل أصبحت إيران عصية على المواجهة الأمريكية ويجب أن ينظر لها على أنها قوة إقليمية وشريك أساسي في منطقة الشرق الأوسط ؟

– هل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة دفع إيران لسد هذا الفراغ باتفاق أمريكي بعد الفوضى التي تشهدها معظم دول الربيع العربي؟

وفقًا لرؤية الكثير من المراقبين، تعتقد طهران أن حاجة واشنطن وعواصم القرار في أوروبا للدور الإيراني الإقليمي ذات أهمية بالغة ومهمة.

وحسب التصور الإيراني، فإن هناك متغيرات إقليمية سرّعت من الوصول لهذا الاتفاق؛ يأتي في مقدمتها:

1- تنامي التوجهات المناهضة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وإفريقيا، بعد فشل في كل من العراق وأفغانستان؛ مما دفع بأمريكا إلى أن تسارع الخطى لتلميع صورتها المشوهة في العالم. وهو ما عده البعض تراجعًا عن دورها في المنطقة.

2- سقوط الدول المحورية العربية في أزماتها الداخلية الطاحنة بعد ثورات الربيع العربي.

3- الزج بالسعودية إلى المستنقع اليمني، وغرقها في حرب محتومة الفشل وصراع يقوم به الحوثيون لصالح إيران بالوكالة. وضرورة اقتناص إيران للفرصة التاريخية، التي تتمثل بمرحلة خريف العلاقات الأمريكية السعودية، وأهمية استغلال فرصة البرود الحاصل في هذه العلاقات، لتوظيفها  خدمة لصالحها.

4-  عدم استقرار مصر بعد الانقلاب العسكري وقرب انفجار وشيك للأوضاع الأمنية، الذي سيمهد بدوره لتفكك مؤسستها العسكرية، وتلاشي الدور الإقليمي لمصر في المنطقة حسب الرؤية الإيرانية.

5- فشل سياسات الحصار والعقوبات التي مارستها أمريكا تجاه إيران التي شكلت أبرز الأسباب. وهذا ما أكدت عليه الإدارة الأمريكية -حسب الزعم الإيراني- عندما قالت إن حصار إيران قد  فشل في التعامل معها وتركيعها.

6- المنافسات بين الدول الأوروبية لعقد الاتفاقيات الاقتصادية مع إيران قد زادت من حفيظة واشنطن التي فكرت في القيام بتحركات استباقية كي لا تبقى بعيدًا عن حمى التقارب والتطبيع الاقتصادي مع طهران، خصوصًا وأن أمريكا تواجه مجموعة تحديات اقتصادية وسياسية تهدد مكانتها في العالم.

هذه المتغيرات بمجملها تعتبرها طهران عوامل موضوعية زادت من الحاجة إلى إيران، وعزز قدرة إيران على التحكم بمصير ومنحى هذه الأزمات الإقليمية ونتائجها، الوصول إلى الاتفاق النووي مع الغرب.

ثمة حقيقة يجب أن ندركها أن هذا الغرام المتوهم بين إيران وأمريكا هو غرام الأفاعي؛ حيث إن الاتفاق شهد إنجازات وتنازلات من الطرفين واستخدمت فيه أمريكا سياسة العصا والجزرة، وزاد المشروع النووي الإيراني وزن إيران الاستراتيجي في المنطقة.

وحققت إيران العديد من المكاسب بهذا الاتفاق، ومنها:

1-  الاعتراف الأمريكي -والدولي أيضًا- بشرعية النظام الإيراني مع التعهد بعدم مد العون لأية معارضة إيرانية تمثلت بالإصلاح أو سعت للانقلاب على السلطة.

2-  إقرار أمريكي ودولي بانتماء طهران إلى النادي النووي وحقها بتخصيب اليورانيوم مع التعهد بإنهاء النظر في نشاطاتها النووية تحت عنوان «منع انتشار الأسلحة النووية» مع نفاذ قرار مجلس الأمن السابق المتوقع الأسبوع المقبل بعد مرور 10 سنوات عليه.

3-  تنصيب طهران قوة إقليمية بارزة في الشرق الأوسط تؤخذ مواقفها ومطالبها بجدية وتجاوب من الولايات المتحدة والأسرة الدولية، الأمر الذي لا مشكلة فيه لو تعهدت طهران بعدم التوسع خارج أراضيها سعيًا للهيمنة الإقليمية.

4- كسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ سنوات والاستفادة من أموالها المُجمّدة في المصارف الخارجية. التي تبلغ قيمتها نحو 120 مليار دولار أمريكي، وستتلمّس طهران الانتعاش عمليًا، بعد إلغاء الحظر على المصرف المركزي وعلى سوقها النفطية، في مقابل الالتزام بتعهّدات اتفاق لوزان النووي.

5- يرى الإيرانيون أن الاتفاق وجه صفعة قوية لدول الخليج التي كانت لا ترغب ولا تريد لهذا الاتفاق أن يأخذ طريقه إلى التطبيق، وبيّن مدى عدم فهم العرب للأمور من خلال القول بأن: “العرب خائفون من الاتفاق؛ لأنهم لا يعرفون ماذا يعني الاتفاق أو التفاوض”؛ لهذا سرعت طهران من عملية التفاوض لتفويت الفرصة على العرب، واقتناص نتائج وثمرات سنوات الصبر الاستراتيجي الذي مارسته إيران طيلة السنوات السابقة.

6-  ستكون مدة الاتفاق المبرم مع إيران عشر سنوات، يحقّ لإيران خلالها تشغيل خمسة آلاف جهاز طرد مركزي فقط من أصل 19 ألفًا تمتلكها البلاد، ويسمح لها باستخدامها في مفاعل “نتانز” حصرًا. ولا يمكن لإيران أن تُخصّب اليورانيوم بنسبة أعلى من 3.67 في المئة، كما سيسمح لها بتشغيل ألف جهاز طرد في منشأة “فردو” النووية، التي تم الاتفاق على تحويلها إلى مؤسسة للتحقيق والأبحاث العلمية الفيزيونووية، في مقابل أن تُزوّدها دول 5+1 بالتكنولوجيا التي تحتاج إليها، لتستفيد إيران من الطاقة النووية في المجالات الطبية والزراعية والصناعية.

من اللافت للنظر رغم هذا الود الذى صنعته موائد المفاوضات، لا زال الإعلام الإيراني يصدح ليلًا ونهارًا بأسطوانته المشروخة من أن الشعب الإيراني لايزال يعتبر أمريكا العدو الأول له، وهذا على خلاف معتقدات الشعب الإيراني المتعطش للانفتاح على الغرب عمومًا، وعلى الولايات المتحدة خصوصًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

– الاتفاق النووي: مكاسب وتنازلات وتحديات لإيران، فرح الزمان شوقي، العربي الجديد.

– الإعلام الإيراني والعلاقات مع واشنطن بعد الاتفاق النووي، د. نبيل العتوم، علامات أون لاين.

– الاتفاق النووي بين إيران والغرب.. المكاسب وحجم التنازلات، الجزيرة نت.

– الاتفاق النووي الإيراني.. المكاسب والخسائر، ساسة بوست.

– مكاسب إيران من الاتفاق النووي، راغدة درغام، الحياة.

– موقع إيراني: هذه أهم مكاسب طهران في بنود الاتفاق النووي، دوت مصر.

– (4) مكاسب إيرانية من الاتفاق النووي.. أهمها رفع العقوبات، شؤون خليجية.

– الاتفاق النووي واللحظات الحاسمة.. احتواء أمريكي ومكاسب إيرانية، الخليج أون لاين.
 

 

التقرير

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع