أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 9862
شـــــارك المادة
حياة العزة: ليست الحياة قصوراً تسكن، أو ملكاً يسود، أو أملاكاً تختزن، بل الحياة الحقيقة أن يعيش المرء عزيزاً كريماً، لا يقبع تحت أسر العبودية الآثمة للطغاة، أو قيود المذلة والهوان للظلمة، وإن كلفه ذلك أغلى شيء يملكه؛ روحه التي بين جنبيه..
فإما حياة تسر الصديق *** وإما ممات يغيظ العدى
هكذا كانت سيرة أحد أبطال الثورة السورية الأبية محمد عبود الفرهودي، من حي الصاخور، ابن الثلاثين ربيعاً، الملقب بالمختار؛ الذي اختار طريق موته، واختار طريق جهاد وكفاحه، حياة الموت بعزة وكرامة، ولا العيش في مذلة ومهانة؛ فاستحق أن يتشرف بهذا اللقب الثوري. الأب المفقود: لقد كان أباً لثلاثة أولاد تربوا على يديه، وتحت إشرافه ورعايته، وتكحل عيناه برؤيتهم، صبح مساء، وشنفت أذناه بسماع هتافاتهم الحانية وهم ينادونه بأعز مسمى لديه: بابا..، ولكن تلك الفرحة لم تدم الفرحة طويلاً، فلقد فارقهم إلى لقاء أخروي، يجتمعون فيه –بمشية الله تعالى-، ومعهم رابعهم؛ (محمد المختار) الذي ولد بعد استشهاد والده بيومين..
لئن لم نلتقِ في الأرض يوماً *** وفرّق بيننا كأس المنون فموعدنا غداً في دار خلدِ *** بها يحيى الحنونُ مع الحنونِ
المسيرة الثورية: كان شرطياً للمرور، ينظم حركة السير، ويشرف على المشاة، فكانت تلك هي بداية التكوين الثوري، ليصير بعدها أحد أبرز الناشطين في الحراك الثوري في حلب، فعمل على توحيد النشاط الثوري فيها، موظفاً كل طاقته وجهده من أجل ذلك، بل لقد سخر سيارته في خدمة النشاط الثوري، رغم حالته المادية البسيطة. ولا عجب أن جاد بسيارته، فلقد جاد بنفسه في طريق المخاطر مرات عدة؛ حيث اعتقله الأمن السوري أكثر من ثلاث مرات بسبب نشاطه الثوري، وفي أمثاله يقول الشاعر:
يجود بالنفس إن ظن البخيل بها *** والجود بالنفس أقصى غاية الجود
النهاية الصادقة: إن طريق الجهاد في سيبل رفع راية العزة والكرامة المتمثل بإعلاء راية الحق طريق وعر، شاق، طويل المفازة، مختتم بإحدى الحسنيين؛ النصر أو الشهادة. ولقد كانت الثانية؛ هي نصيب محمد –نحسبه من الشهداء والله حسيبه-؛ لينتصر على إرادة الطغاة، ويكسر قيود الظلمة؛ ويرغم أنوف الجبابرة. فاغتيل مساء يوم الخميس ( 3-5-2012)، عند إشارات المشهد، الذي ألجئ إليه بعد ملاحقته من قبل قوات الأمن التي كانت على متن سيارة بيك اب، محملة بـ 8 من عناصر الإجرام، الذين قست قلوبهم، وتحجرت أفئدتهم، وفاقوا الوحوش البهيمية وحشية وهمجية؛ فأمطروه بوابل من الرصاص، لتفيض الروح إلى بارئها، وتسلم الجثة إلى أهلها، ليجبروا سراً على دفنها.. فلا نامت أعين الجبان.
مدين ديرية
محمد مطيع الحافظ
رياض القيسي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة