..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

خرافة تدريب المعارضة (المعتدلة)

هشام رزوق

٢٠ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2918

خرافة تدريب المعارضة (المعتدلة)
usa-syria-jorda.jpg

شـــــارك المادة

بعد أربع سنوات ونصف من اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية، وبعد مقتل أكثر من مائتين وخمسين ألف مواطن سوري وجرح ضعف هذا العدد على الأقل، وبعد تهجير ملايين السوريين من قراهم وبيوتهم ومدنهم، وبعد الدمار الهائل الذي طال المدن والقرى بما فيها من مدارس ومساجد ومستشفيات ومصانع وبنية تحتية، وبعد أن دمر الأسد بنية المجتمع السوري وجعله فتاتا، وبعد أن أصبحت سورية مرتعا لمئات الميليشيات القادمة من جهات العالم الأربع تمارس القتل والتدمير.

كل ذك تحت العين الساهرة للإدارة الأمريكية وعيون العالم الغربي "المتحضر" وفي ظل صمت مطبق من جميع "أصدقاء الشعب السوري"، بعد هذا كله تفتقت العبقرية الأمريكية عن الحل السحري لحل كل تلك المشاكل دفعة واحدة، كيف؟ بتدريب خمسين أو مائة من عناصر "المعارضة المعتدلة". ما أروعه من اكتشاف ...
لا بد أن يكون الإنسان أحمق حقا كي يصدق تلك البدعة ويؤمن بجديتها.
أي استخفاف بعقول البشر وأي احتقار للعقل العربي ولدماء الأطفال الضحايا ولمشاعر الآباء والأمهات المكلومين بموت عزيز، طفلا كان أو أخا أو زوجا أو جارا؟
أربع سنوات ونصف والإدارة الأمريكية تمنع الجيش الحر من امتلاك الأسلحة النوعية الني تمكنه من التصدي لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية، تأتي الآن لتدريب عدد هزيل من أجل ، ليس محاربة النظام الذي سبب كل تلك المآسي، بل لتحارب "الإرهاب".
هل تعتقد الإدارة الأمريكية فعلا أن هذا العدد سيكون مؤهلا لحرب داعش الذي لم تستطع الولايات المتحدة وحلفها الخمسيني أن يقضي عليه؟ هل تستطيع تلك "القوة الضاربة" أن تسقط نظام بشار؟ أم هي لعبة ذر الغبار في العيون ؟
منذ اثني عشر عاماً ونحن نرى الولايات المتحدة تدرب "الجيش العراقي" وصرفت (نهبت) مئات المليارات من الدولارات من أموال العراق على تسليحه ومده بالمستشارين والخبراء الذين جمعتهم من كل دول العالم بغرض تمكين هذا الجيش من الانتصار على المقاومة العراقية البطلة، فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة هي ما رأينا في الموصل والفلوجة وفي بيجي والأنبار. ثم يأتي أوباما ويعد من جديد بتدريب الجيش العراقي.... فهل يريد تكرار تجربة العراق في سورية.
لقد كان الجيش العراقي من أقوى جيوش المنطقة وحين كانت أمريكا تهيئ لاحتلال العراق ادعت هي وحلفاؤها بأن الجيش العراقي يعتبر رابع جيش في العالم من حيث العدد والقوة والتنظيم، فهل يحتاج العراق وما يملكه من آلاف الضباط المسرحين والمهمشين إلى خبرة المدربين الأجانب لو أن النوايا صادقة فعلا؟ وفي سورية مئات الضباط المنشقين ومن أصحاب الخبرة العالية والكفاءة العسكرية المشهود لها يتسكعون الآن في أرض الشتات والمنافي فلماذا لا يستعان بخبرتهم وكفاءتهم؟ أليسوا قادرين على تدريب المئات بل الآلاف من المتطوعين للقتال؟
يبدو أن الولايات المتحدة تريد تدريب مرتزقة وعبيد يكونوا أداة طيعة تحت تصرفها لأمر في نفس يعقوب وليس الغرض تهيئة قوة لتحرير سورية من نظامها المستبد، والشيء نفسه ينطبق على العراق، فهي تجهز العملاء فقط وتدربهم وتسلحهم.
حين لم يكن هناك لا داعش ولا ماعش ولا حالش ولا نصرة ولا إرهاب ولم تكن قد تشكلت بعد أية فصائل إسلاموية مسلحة، لم تقف الإدارة الأمريكية لا مع الشعب السوري ولا مع الجيش الحر الذي لم يكن يضم إلا الضباط المنشقين عن الجيش النظامي، جيش الأسد.
ليس مستغربا من الإدارة الأمريكية هذا الموقف لأنها بالأساس لا تريد للشعب السوري أن ينتصر على الظلم والاستبداد وأن يسترجع حريته وكرامته. للولايات المتحدة وإسرائيل مصلحة مشتركة في تقسيم ليس سورية فقط،  بل كل الدول العربية، وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والقومية وتعمل جاهدة وبكل الأساليب لكي تستمر تلك الصراعات إلى ما لا نهاية، وهي بذلك تلعب لعبة رابحة من حيث أنها تستنزف طاقات وثروات كل الدول بما فيها أموال دول الخليج جميعها وتمنع ولعشرات السنين القادمة أي أمل لشعوب الأمة العربية في النهوض من كبوتها  أو الخروج من دائرة التخلف أو بناء أنظمة حكم ديمقراطية تحقق الأمن والاستقرار والكرامة لشعوبها، فهل نحلم أن يستفيق الساسة والحكام والمثقفون والأحزاب التي تدعي الوطنية والشخصيات الوطنية من وهم الاعتماد على أمريكا والغرب لتخليصنا من المصائب التي حلت وتحل بنا كل يوم؟ وهل تتكاتف كل فئات الشعب وقوى المعارضة بما فيها من طوائف ومذاهب وأقليات وتتصدى لأنظمة القهر والاستبداد معتمدة على قواها الذاتية من أجل بناء مستقبل واعد للأجيال القادمة؟ أملي أن تكون هناك فسحة ولو ضئيلة للأمل قبل فوات الأوان.

 

 

 

 

سراج برس

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع