أحمد موفق زيدان
تصدير المادة
المشاهدات : 3169
شـــــارك المادة
أحداث صغيرة قد تعلق بذاكرة الشعوب لتُشكل مخيالها ورؤيتها وقالبها تجاه دول، فما بالك بأحداث كبرى تجري اليوم على أرض الشآم، ستدفع أجيال دول متورطة إيجابيًا أو سلبيًا ثمن مواقف سياسييها ونخبها اليوم، يحدث هذا في الشام وتحديداً بما يتعلق بمواقف دولتين نأخذهما أنموذجاً لهذا المخيال وإن طالت بنا حياة سنراها واقعًا ملموسًا، لكن بالتأكيد ستراها أجيالنا المقبلة..
نبدأ بتركيا التي سعت العصابة الطائفية البرميلية على مدى عقود لترسيخ صورة العثماني المحتل المجرم بحق الشام وأهلها، ليأتي أحفاد بني عثمان اليوم مكذبين واقعًا وعملًا، ما سعت العصابة البرميلية إلى تزويره وتحويره.
فهل سينسى السوريون ممثل دولة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وهو يعتذر لطفل سوري ضربه صاحب مطعم تركي أصلًا وفصلًا كونه أزعج زبائن الأخير، ومن يدري فلعل الطفل يكون بالفعل يستحق ذلك، ولكن دائماً ما كررت أن أخلاق الدول من أخلاق أهلها والأخلاق الحقيقية للدول أكثر ما تتجلى بالتعامل مع الآخر لأنه مظلوم شريد طريد مقطوع من شجرة لا يفزع له أحد وهو ما يسهل التطاول عليه..
هل ينسى الشعب السوري استقبال الأتراك لهم في مخيمات اللاجئين ورفضهم إطلاق صفة اللاجئين عليهم وإنما أصروا على وصفهم بالضيوف؟!؟
وهل سينسى الشعب السوري وقفة الأتراك معهم وهم يعيشون حياة خمس نجوم مقارنة بحياة إخوانهم السوريين في مناطق الشتات الأخرى؟!، فضلًا عن رفض دول عربية استقبالهم لأنهم بحاجة إلى تأشيرات، وعلاوة على كل هذا هل سينسى السوريون ما فعلته وتفعله العصابة الطائفية بهم وهي التي تشدقت بالعروبة وتغنت بها واعتاشت عليها لتلغ بتاريخ ودماء بني عثمان، فتقوم اليوم بتهويش كل شذاذ وحثالات الأرض لقتل السوريين، بينما يستقبلهم ويطعمهم ويأمنهم من خوف ممن سعت العصابة البرميلية على شيطنتهم لعقود..
هل ينسى السوريون أنهم لم يخرجوا من سورية أبدًا كرامة وعزة وإباءً وهم يعيشون بين أهلهم وفي عاصمتهم الحقيقية لأربعة قرون اسطنبول، التي هي عاصمة كل مسلم حقيقي. حين أزورها لم أشعر يوماً أنني غريب عنها. لم يحصل هذا بعد الثورة الشامية العظيمة، وإنما حصل منذ الثمانينيات، كنت أشعر أنها كدمشق وحلب وإدلب وتفتناز وغيرها من البلدات السورية...
سيظل يذكر السوريون تركيا مثالًا للجار الحقيقي الذي شاطر جاره الشامي خبزه وكهرباءه وحتى دمه بتعرضهم لهجمات من كلاب النار أو من الطائفيين وعملائهم، وسيظل يذكر السوريون ومعهم العالم كله أن العقيدة أقوى رابطة ولذا وقفت مع المسلمين المظلومين، فأثبتت أنها أقوى من روابط العروبة التي كذبوا بها علينا لعقود، ويكذبون بها علينا الآن..
بالمقابل لنأخذ صورة أخرى لدولة مثل إيران التي لم يكن للشعب السوري مشكلة معها أبدًا، آوت عملاء الإيرانيين من حزب الله في حربهم المسرحية عام 2006 بجنوب لبنان، وكانت مدن الشام ممرًا لآلة الموت والقتل والخراب التي تُستخدم ضدهم اليوم، فكان أن كشّرت طهران عن أنيابها اليوم، فساوت بين العراقي والشامي واليمني لكن بثقافة موتها الممثلة ببراميل متفجرة وعصابات إجرامية تتقيأ تكفيرًا وإرهابًا وإجرامًا..
ستتذكر الشام عميل السي آي إيه قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي يعمل على تحريرها لكن من المسلمين كما يسعى إلى تحرير الشام والعراق واليمن منهم، بيد أنه خاب وخسر، فأجداده يزدجرد وكسرى وقيصر دفنت أحلامهم الشامُ وهي التي ستتولى دفن أحلامه اليوم.
ستتذكر الشام إيران بصواريخها التدميرية فيل وسجيل وغيرهما في قتل شبابها ونسائها وأطفالها.
ستتذكر هذه الصواريخ التي دمرت أجمل مدن العالم وأقدمها.
ستتذكر الشام البراميل الإيرانية المتفجرة وستتذكر كل ما أنتجته العقلية الإيرانية المجرمة من سوء وإجرام، ويبدو أن عقلية الملالي لم تنتج غيرها..
هكذا تُبنى مخيالات الدول ومخيالات الشعوب، وهكذا تُبنى التصورات عن الدول، فالموت والقتل والخراب وخذلان الشعوب والدول سيظلان يحكمان علاقات الطرفين، والمضحك أننا نسمع بين الفينة والأخرى عن طلب إيران لضمانات مستقبلية من أجل مصالحها إن هي تخلت عن زعيم العصابة البرميلية، فمن سيحفظ مصالحها إن كانت الشعوب ضدها، بالمقابل ستتذكر الشعوب مواقف تركيا وتعود شام شريف إلى سابق عهدها وعزها، وتعود اسطنبول وحلب توأمين كما كان يكرر قولًا وفعلًا سلاطين بني عثمان..
قد يكون تاريخ العلاقة الأسدية مع إيران يمتد لسنوات وربما لعقدين أو ثلاثة.. لكن تاريخ العلاقة الشامية الشعبية الأخوية تضرب جذورها مع بني عثمان لقرون، فهل تهزم سنوات قروناً، وهل يهزم الطارئ المفروض على الدائم المستقر الطبيعي..
قل موتوا بغيظكم..
ترك برس
مجاهد مأمون ديرانية
حسان الحموي
حسن الدغيم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة