..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لماذا لا يسمح اليهود بسقوط طاغية الشام؟

زياد الشامي

٩ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4278

لماذا لا يسمح اليهود بسقوط طاغية الشام؟
- اسرايل.jpg

شـــــارك المادة

لم يكن عبثاً اعتبار ثورة الياسمين في الشام مسقطة الأقنعة وكاشفة الحقائق المستورة ومزيلة مساحيق التجميل من على وجوه أعتى الطغاة وأكثرهم إجراماً وحقداً على وجه الأرض، فقد فضح جهاد أهل الشام الرافضة وأظهر حقدهم وعداءهم لأهل السنة بعد محاولات عدم إظهار ذلك خلال عقود مضت بعقيدة التقية، كما كشفت هذه الثورة عن حقيقة علاقة النظام النصيري الحاكم في سورية مع اليهود الصهاينة، التي لا يبدو أنها تقتصر على مجرد الرغبة بعدم زوال هذا النظام واستبداله بآخر، بل تصل إلى حد الاستماتة في الدفاع عنه، وتزويده بالسلاح والعتاد الكفيل بإبقائه وعدم إسقاطه، وربما التدخل عسكرياً لاحقاً لمنع سيطرة أهل السنة نهائياً على جنوب سورية.

هذا في الحقيقة ما طالعتنا به الصحف الصهيونية حديثا، فقد طالب جنرالات ومعلقون صهاينة، حكومة بنيامين نتنياهو للتدخل من أجل إنقاذ نظام بشار الأسد وعدم السماح بإسقاطه، وذلك عبر تقديم المساعدات العسكرية له، ونشرت الصحف والمواقع الإخبارية الصهيونية أكثر من مقال يحمل العنوان "أنقذوا نظام الأسد".

لم يكن هذا الخبر هو الأول من نوعه الذي يكشف عن مدى عمق ومتانة العلاقة التي تجمع النظام النصيري في سورية باليهود الصهاينة بعد عقود من ممارسة مسرحية العداء المتبادل بينهما، بل توالت التصريحات الصهيونية التي تشير إلى هذه العلاقة منذ بداية ثورة الياسمين، وقد وصلت إلى أوجها على ما يبدو في هذه الأيام التي تقترب فيها "عاصفة الجنوب" - التي أطلقها المجاهدون - من تحرير كامل المنطقة الجنوبية المتخامة للجولان السوري المحتل من قبل الصهاينة منذ أكثر من أربعة عقود.

ولعل من أشهر التصريحات التي تؤكد هذه العلاقة بشكل واضح وجلي، ما قاله الرئيس السابق لجهاز الموساد "الإسرائيلي" أفرايم هاليفي" في مايو 2013م : " إن بشار الأسد هو رجل تل أبيب في دمشق ، وإن "إسرائيل" تضع في اعتبارها منذ بدأت أحداث الثورة السورية أن هذا الرجل ووالده تمكّنا من الحفاظ على الهدوء على جبهة الجولان طيلة 40 سنة، منذ تم توقيع اتفاقية فكّ الاشتباك بين الطرفين في عام 1974".

ولعل مما يثير الانتباه فيما قاله "أفرايم" حينها: "أن تل أبيب سوف تتدخل في الأحداث بسوريا عند الضرورة فقط"، ويبدو أن الضرورة المقصودة هي اقتراب سقوط عميلهم في الشام، وقد حان وقت التدخل الآن لصالح بشار بعد أن وصل الثوار إلى حدودها الشمالية.

ومن هنا يمكن فهم خوف وهلع جنرالات الكيان الصهيوني من هذا السقوط، والذي عبر عنه "عيزر تسفرير" - الذي تولى مناصب مهمة في شعبة الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" "أمان" - بقوله: إن السماح بسقوط نظام الأسد يعني أن تتحول سوريا إلى "ثقب أسود" تعربد فيه الفوضى الضارة وتتحول المناطق المتاخمة للحدود إلى ساحات انطلاق لتنفيذ عمليات ضد العمل الصهيوني "

ومع هول الجرائم التي ارتكبها طاغية الشام بحق النساء والأطفال....، والتي لا يمكن لجميع مصطلحات قوانين حقوق الإنسان التعبير عن مدى هولها وبشاعتها، فإن الجنرال الصهيوني في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر أمس، لم يعتبر ذلك إرهاباً أو تطرفاً، بينما نوه "تسفرير" إلى أن سقوط نظام الأسد يعني خضوع سوريا لهيمنة جماعات سنية "متطرفة" تعلن صراحة عزمها على تدمير "إسرائيل".

إنها الطريقة المنكوسة في فهم "الإرهاب" و"التطرف" التي لا تقتصر على جنرات الصهاينة فحسب، بل تشمل جميع ساسة الغرب وحلفائهم من الرافضة وكل من يعادي أهل السنة لمجرد كونهم مسلمين موحدين.

نعم... قد لا تمانع "إسرائيل" في استبدال النظام النصيري السوري بغيره، ولكن بشرط أن يكون على شاكلته في العداء لأهل السنة والموالاة لليهود، أما أن يكون البديل هو من يهدد أمن اليهود واستقرارهم وتوسعهم الذي نعموا به في فترة حكم طاغية الشام ووالده، فهذا من الحماقة والجنون بمكان حسب رأيهم.

إن من يتابع ردود فعل النخبة في الكيان الصهيوني مما يجري في سورية منذ انطلاق الثورة المباركة، يلاحظ أن الشيء الثابت فيها هو الدفاع عن بقاء قاتل الأطفال، وأن المتغير هو أسلوب وطريقة ذلك الدفاع، الذي كان في البداية إطلاق يد بشار في ارتكاب المجازر بحق الشعب السوري وتدمير سورية حجراً حجراً، والاستعانة بالمرتزقة الرافضة لتنفيذ هذه المهمة، وقد وصل الآن إلى حد التصريح لا التلميح بوجوب تقديم الدعم العسكري له من أجل ضمان عدم سقوطه.

لقد سمح اليهود بسقوط أكثر من رئيس بلد عربي إسلامي خلال سنوات ما يسمى "الربيع العربي"، على الرغم من عدم خروج هؤلاء عن نطاق مراعاة مصالح اليهود والحفاظ على أمنهم واستمرار احتلالهم لفلسطين وغيرها من أراضيهم، ناهيك عن عدم ارتكابهم مجازر كتلك التي ارتكبها وما زال يرتكبها طاغية الشام، فلماذا لم يسمحوا إلى الآن – ولن يسمحوا على ما يبدو – بسقوطه ؟!!
إن الجواب على هذا السؤال يكشف عن مدى عمق العلاقة التي تجمع اليهود بالنظام النصيري السوري، والتي ما زال الزمن يكشف لنا المزيد من خباياها، ويُظهر كم كان المسلمون من أهل السنة مخدوعين بمسرحية حلف "المقاومة" الذي كان يتبجح به بشار ووالده وما زال!!

 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع