..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

العصيان المدني: رؤية شرعية

أكرم كساب

١٨ يونيو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3652

العصيان المدني: رؤية شرعية
كساب00.jpg

شـــــارك المادة

تعريف العصيان:

جاء في اللغة: (العصيان) ضد الطاعة. وعصى فلان أميره يعصيه عصيا وعصيانا ومعصية إذا لم يطعه، فهو عاص. والعاصي: الفصيل إذا لم يتبع أمه لأنه كأنه يعصيها وقد عصى أمه. عصا: العصا: العود. وعصى العبد ربه إذا خالف أمره .

ويعرف المتخصصون العصيان المدني بأنه: تعمد مخالفة قوانين وأوامر محددة لحكومة أو قوة احتلال بغير اللجوء إلى العنف، وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية .

وهذا العصيان المدني أو الإضراب العام يصيب الحياة العامة بشلل تام، إلا ما كان الناس في حاجة إليه كالمخابز والمطاعم والمستشفيات وما شابه ذلك.

أنواع الإضراب العام (العصيان المدني):

والعصيان المدني يمكن تقسيمه من حيث قبوله ورفضه إلى قسمين:

الأول: أن يكون العصيان عصياناً للحاكم في طاعة أمر بها، وهذا لا يجوز، طالما أن ما أمر به جاءت به النصوص الشرعية، بل يحرم العصيان في طاعة، لأن الطاعة حق للحاكم في غير معصية.

الثاني: أن يكون العصيان عصياناً للحاكم في معصية أمر بها، ويلزم المأمور عصيان الحاكم ما كان المأمور به معصية، إذ "لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "، لكن لا يتحول إلى عصيان مدني إلا بشروط سنبينها لاحقا.

القصد من العصيان المدني:

والقصد من العصيان المدني: زعزعة ثقة أفراد الشعب في النظام الحاكم ورجالاته، أو من يقوم مقامه من غاصب محتل، أو متسلط متجبر.

وقد أثبتت الأيام تحقيق نجاحات لمن قاموا بالعصيان المدني، ومن أشهر نتائج العصيان المدني إنهاء الاحتلال البريطاني للهند وإعلان الهند استقلالها. وكذلك تحقيق المساواة أو الكثير منها بين السود والبيض في أمريكا بعد العصيان المدني الذي دعا إليه القائد الأمريكي الأسود مارتن لوثر.

حكم الإضراب العام (العصيان المدني):

لا شك أن العصيان المدني صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن دعاة العصيان المدني يريدون أن يقولوا للحاكم: أوقف ظلمك، وأعدل بين رعيتك.

وهو كذلك صورة من صور الخروج السلمي على الحاكم إذ استخدام القوة غير معتبر.

ولا شك أن الحاكم إذا تجاوز حدود الشرع فأفسد في البلاد وظلم العباد. فالشرع أعطى الرعية عصيانه حال طغيانه وفساده، (فإذا شعرت الأمة بأن هذا الحاكم فاسق مستهتر أو جائر، أو لا يصلح للإمامة، وتقدمت له بالنصيحة، ولكنه أبى واستكبر، فما عليها إلا أن تقاطعه وتقاطع من له به أية علاقة، وحينئذ يجد نفسه منبوذاً من أمته، فأما اعتدل أو اعتزل).

أدلة جواز الإضراب العام (العصيان المدني):

العصيان المدني آلية من آليات مواجهة الظلم والاستبداد، ويبدو لي أن كل وسيلة تعمل على تقليل الاستبداد ومنعه يجوز استخدامها ما لم يحرمها نص، ويبقى الأمر على أصله وهو الإباحة، خصوصا وأن ذلك من العادات لا من العبادات.

ومن الأدلة على جواز العصيان المدني:

1. كل ما يقال في جواز المظاهرات والاعتصامات، وملخص هذه الأدلة:

أ‌- اعتبار العصيان المدني من أمور العادات لا العبادات، وما كان كذلك فلسنا بحاجة إلى دليل إباحة لأن العادات الأصل فيها الحل، وفي الحديث: "مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئًا" ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] ".

ب‌- اعتبار العصيان المدني من الوسائل التي يجوز الاقتباس فيها من الآخر، وقد اقتبس عمر وغيره من الصحابة ما احتاجوا إليه من الفرس والروم، ولم يقل أحد أن ذلك بدعة من البدع.

ت‌- اعتبار العصيان المدني من المصالح المرسلة: وهي التي لم يأت بها الشرع ولم ينه عنها، فالعمل بها وقت الحاجة جائز ما تحققت بها مصلحة، أو دفع بها شر وأذى.

ث‌- اعتبار العصيان المدني من باب التعاون على فعل الخير: والله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة: 2].

ج‌- اعتبار العصيان المدني وسيلة من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وفي الحديث: "مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ". فالاعتصامات إنكار باللسان، وهو أمر محمود لفاعله، غير أنه تغيير جماعي لا فردي، وليس هناك ما يمنعه.

ح‌- دخول العصيان المدني في قوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"، إذ من إنكار القلب أو دليل إنكاره مقاطعة الحاكم الظالم، ومقاطعة حكومته ونظامه، وعدم الاعتراف به مما يؤدي إلى سحب الثقة منه.

خ‌- كون العصيان المدني نوعا من أنواع الجهاد مع الحكام الظلمة: فهي كلمة حق جماعية عند سلطان جائر، وفي الحديث: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَام إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ"، بل ذلك من أفضل الجهاد كما في حديث البي صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ".

د‌- اعتبار العصيان المدني صورة من صور نصرة المظلوم: ففي الصحيح عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ ».

ذ‌- الاستدلال بالقواعد الفقهية، ومن ذلك:

- قاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وحيث أن دفع المفسدة أو جلب المصلحة لا يتم أحياناً إلا العصيان المدني فتعين استخدامها وقتئذ.

- قاعدة: الأمور بمقاصدها: وهذا يحتم مشروعية ما يقوم له العصيان المدني.

- اعتبار الذارئع والنظر في المآلات: إذ ترك الحاكم الظالم دون تذكيره بكلمة الحق يجعله يتمادى في ظلمه وبغيه.

2. ما جاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَقُولُ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ شَرَطَةٌ، يَغْدُونَ فِي غَضِبِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِطَانَتِهِمْ »، وروي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجَلَاوِزَةُ وَالشُّرَطُ وَأَعْوَانُ الظَّلَمَةِ كِلَابُ النَّارِ»، وفي حديث آخر: عن أبي سعيد قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُقَرِّبُونَ شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيا ولا خازنا ". فقوله صلى الله عليه وسلم "فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيا ولا خازنا" يستنتج منه ترك أعمال هذا الصنف من الحكام، فلا تعامل معه ابتدأ، ولا تعامل معه إن طرأ عليه هذا الفساد. وقد نصح ابن مسعود أحد تلامذته بهذا فقال له: كيف أنت يا مهدي إذا ظهر بخياركم، واستعمل عليكم أحداثكم، وصليت الصلاة لغير ميقاتها؟ قال: قلت: لا أدري قال: لا تكن جابيا، ولا عريفا، ولا شرطيا، ولا بريدا، وصل الصلاة لوقتها.

3. ما أفتى به الفقهاء من حرمة دفع الزكاة للحاكم الظالم، وهذه صورة من صور العصيان المدني. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إن أخذ الإمام الجائر الزكاة قهرا أجزأت عن صاحبها. وكذا إن أكره الإمام المزكي فخاف الضرر إن لم يدفعها إليه. واختلف الفقهاء فيمن كان قادرا على الامتناع عن دفعها إلى الإمام الجائر، أو على إخفاء ماله، أو إنكار وجوبها عليه، أو نحو ذلك: فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية إلى عدم جواز دفعها إلى الإمام حينئذ، وأنها لا تجزئ عن دافعها على تفصيل بين الفقهاء .

4. ويستدل لذلك أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ ".

ويبدو لي أن ذمّ النبي صلى الله عليه وسلم للداخلين على الحكام الظلمة المصدقين والمعينين لهم؛ فيه أمر بمقاطعة هؤلاء، وهو مقدمة لسحبة الثقة، والعصيان المدني إذا احتاج الأمر.

5. فكرة العصيان المدني قريبة الشبه بسحب الثقة من الحاكم، ويؤكد هذا أن اصطلاح سحب الثقة يقابله في الإسلام مبدأ عدم الطاعة، ثم الخلع ، ولا شك أن الأحاديث تشهد لهذا، ومن ذلك: قوله صلى الله عيه وسلم في رسالته التي أرسل بها مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين، وفيها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ رَسُولِ اللَّهِ وَنَبِيِّهِ إِلَى خَلْقِهِ كَافَّة, لِلْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْهِمُ، اتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ عَلَيْكُمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنْ يُلِينَ لَكُمُ الْجَنَاحَ وَيُحْسِنَ فِيكُمُ السِّيرَةَ بِالْحَقِّ، وَيَحْكُمَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ لَقِيَ مِنَ النَّاسِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْعَدْلِ وَأَمَرْتُكُمْ بِطَاعَتِهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَسَمَ فَأَقْسَطَ وَاسْتُرْحِمَ فَرَحِمَ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا وَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَتَهُ وَمُعَاوَنَتَهُ فَإِنَّ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ طَاعَةً وَحَقًا عَظِيمًا لَا تَقْدُرُونَ كُلَّ قَدْرِهِ، وَلَا يَبْلُغُ الْقَوْلُ كُنْهَ حَقِّ عَظَمَةِ اللَّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ، وَكَمَا أَنَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ عَلَى النَّاسِ عَامَّةً وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً حَقًّا وَاجِبًا بِطَاعَتِهِ وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَمَّنِ اعْتَصَمَ بِالطَّاعَةِ، وَعَظَّمَ حَقَّ أَهْلِهَا وَحَقَّ وُلَاتِهَا، كَذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى وُلَاتِهِمْ حَقًّا وَاجِبًا وَطَاعَةً فَإِنَّ فِي الطَّاعَةِ دَرْكًا لِكُلِّ خَيْرٍ يُبْتَغَى بِهِ، وَنَجَاةً مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُتَّقَى، وَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَنْ وَلَّيْتُهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ فَلَا طَاعَةَ لَهُ وَهُوَ خَلِيعٌ مِمَّا وَلِيَهُ وَقَدْ بَرِئَتْ لِلَّذِينَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْمَانُهُمْ وَعَهْدُهُمْ وَذِمَّتُهُمْ فَلْيَسْتَخِيرُوا اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لِيَسْتَعْمِلُوا عَلَيْهِمْ أَفْضَلَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ... ".

وواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الأمة بعصيان الحاكم الجائر الظالم، ويصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (خَلِيعٌ مِمَّا وَلِيَهُ)، وهذا دليل على سحب الثقة، وفقدان صلاحيته.

من يدعو إلى الإضراب العام أو العصيان المدني:

وبناء ذلك؛ فإن العصيان المدني أو الإضراب العام لا بأس به إن دعا إليه أهل الاختصاص، ودرس دراسة عميقة متأنية، ومن ثم فإن الدعوة إلى الإضراب العام أو العصيان المدني ينبغي ألا يستجاب لها من أي أحد طرحت، وإنما يستجاب لها إن طرحت من أهل الحل والعقد، وهم ذوو التخصص في كل مجال من المجالات، وعلم من العلوم، وفن من الفنون.

شروط العمل والمشاركة في العصيان المدني:

وللمشاركة في العصيان المدني شروط أوجزها فيما يلي:

1. أن يكون الحاكم قد بلغ من الاستبداد ما يتناسب مع هذه الوسيلة.

2. أن يستخدم الشعب كل الوسائل الممكنة قبل اللجوء إلى العصيان المدني.

3. أن يكون الداعون إلى العصيان المدني هم أهل الحل والعقد، والوطنيون المخلصون للبلد، ويدخل فيهم: البرلمانيون الذين جاءت بهم انتخابا نزيهة، والأحزاب والجماعات المخلصة، والنقابات والقضاة....

4. أن يحرص الناس على المحافظة على الممتلكات العامة.

5. أن تراعى حاجات الناس الأساسية من طعام وشراب ودواء وما شابه ذلك، فلا يباشر فيها العصيان.

6. أن يتجنب الناس كل مظهر من مظاهر العنف أو استخدام السلاح.

7. أن تكون هناك مطالب واضحة المعالم لدعاة العصيان.

8. أن يحرص دعاة العصيان المدني على دفع المفاسد قبل جلب المصالح، وعلى تحقيق المصلحة الكبرى ولو على حساب المصلحة الصغرى.

9. عدم تسبب الإضراب في إيذاء آخرين، كأن يكون الإضراب لأطباء أو صيدلانيين.

10. أن يرتب لهذا العصيان إعلاميا، حتى يكون أكثر أثرا وأجدى نفعا.

 

-------------

   القاموس المحيط/ ص 1312، ولسان العرب (15/ 67)، ومختار الصحاح/ ص 211.

   انظر المصطلحات السياسية والاقتصادية/ ص 107.

   رواه أحمد رواه أحمد (1094) عن علي، وقال مخرّجوه: صحيح على شرط الشيخين.

   النظام السياسي في الإسلام/ محمد أبو فارس / ص 273.

   رواه الدارقطني في السنن (2/137) والحاكم في المستدرك (2/406) و صحح إسناده، والبيهقي في الكبرى (10/12) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2256).

   رواه مسلم في الإيمان (50).

   رواه مسلم في الإيمان (49) عن أبي سعيد.

   رواه الحاكم في معرفة الصحابة (3/215)، وصحح إسناده، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده الصفار، لا يدرى: من هو؟، عن جابر، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (374).

   رواه أبو داود في الملاحم (4344) عن أبي سعيد، وصححه الألباني في الصحيحة (491).

   رواه البخاري في المظالم والغصب (2444).

   رواه الطبراني في الكبير (8/ 136) وصححه الألباني في الصحيحة (1893).

   رواه حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (4/ 21) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2651).

   رواه ابن حبان في صحيحه (4586) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (790).

   رواه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 383).

   الموسوعة الفقهية الكويتية (23/ 306).

   رواه أحمد في المسند (18126) عن كعب بن عجرة، وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

  انظر: كيف تحكم بالإسلام في دولة عصرية / محمد شوقي الفنجري / ط الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 1990م / ص 121.

   بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (2/ 665).

 

------------------

الكاتب: مستشار التدريب بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

 

رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع