..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ﻭﺍﺟﺒﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴﻦ

ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﻨﻴﻊ

١٦ يونيو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3731

ﻭﺍﺟﺒﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴﻦ
123.jpg

شـــــارك المادة

ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﻭﻣﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻐﻮﺭ، ﺗﺎﺭﻛﻴﻦ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ، ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﺪﻋﻢ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻭﺃﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ﺑﻤﺮﺍﻋﺎﺓ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺗﻠﻤﺲ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ، ﻟﺘﺰﺩﺍﺩ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﺤﻨﻴﻒ ﺍﻷﺟﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﻭﻫﻮ ﻟﻢ ﻳَﻐْﺰ، ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺠﻬﻨﻲ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ – ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻣَﻦ ﺧَﻠَﻒَ ﻏﺎﺯﻳﺎً ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮٍ ﻓﻘَﺪْ ﻏﺰﺍ " ‏( 1 ‏) .
ﻭﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻼﺣﻢ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ، ﻓﻘﺎﻝ : "ﻣَﺜَﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﺍﺩِّﻫﻢ ﻭﺗﺮﺍﺣﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ ﻣَﺜَﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴَّﻬَﺮ ﻭﺍﻟﺤﻤَّﻰ" ‏(2)، ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ، ﻓﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﻘﻮﻡ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺂﺧﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻲ ﺃﺧﻴﻚ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻭﻧﺔ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻓﺄﻋِﻨْﻪ ُ ﻭﺳﺎﻋﺪﻩ، ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﺧﻴﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺘﻚ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻋﻮﻥ ﺃﺧﻴﻪ.
ﻭﺇﺣﺴﺎﺱ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ، ﻧﺠﺪﻩ ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻭﺟﻠﻴﺎً ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻭﻃﺌﺖ ﻗﺪﻣﺎﻩ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﻘﺪ ﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺂﺧﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﻨﺠﺪ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻳﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺃﻣﻮﺍﻟﻪ، ﻭﻧﺠﺪ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﺇﺣﺪﻯ ﻧﺴﺎﺋﻪ ﻟﻴﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﺃﺧﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳُﺸﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺇﻟﻰ ﻗﺼّﺔ ﺍﻟﻤﺆﺍﺧﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤّﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻭﻟﻢ ﺗﺄﺕِ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺛّﻘﺔ ﻟﺘﺆﻛّﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ، ﻟﻘﻠﻨﺎ ﺇﻧﻬﺎ ﻗﺼّﺔ ﻣﻦ ﻧﺴﺞ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻣﺸﺎﻫﺪﻫﺎ ﻭﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ ﻓﺎﻗﺖ ﻛﻞ ﺗﺼﻮّﺭ، ﻭﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺑﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ، ﻭﻓﻲ ﻇﻠّﻬﺎ ﻗﺪّﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮٍ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺃﻣّﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ.
ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻤﺮﺍﻋﺎﺓ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺣﺎﻻﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﺠﺎﺭﻩ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺭ، ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺠﺎﺭ ﺣﻖ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺰﺟﺮﻩ ﻭﻻ ﺗﻀﺠﺮﻩ ﻭﻻ ﺗﻬﻤﻞ ﺣﻘﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻭَﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍْ ﺍﻟﻠّﻪَ ﻭَﻻَ ﺗُﺸْﺮِﻛُﻮﺍْ ﺑِﻪِ ﺷَﻴْﺌًﺎ) [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 36: ‏] ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﺍﻟْﺠَﺎﺭِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﺍﻟْﺠَﺎﺭِ ﺍﻟْﺠُﻨُﺐِ)

ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻬﻢ ﺻِﻠَﺔ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻭﻫﻲ: "ﺃﻛْﻤَﻞُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﺃﺣﺴَﻨُﻬﻢ ﺧُﻠُﻘﺎً" ‏(3)، ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺴﻦ ﺧُﻠُﻘﺎً ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﻤﻞ ﻓﻲ ﺇﻳﻤﺎﻧﻚ، ﺗﻠﻘﺎﻫﻢ ﺑﺒﺸﺎﺷﺔ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺭﺣﺎﺑﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﺣُﺴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﺘﻠﻄُّﻒ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻬﻢ، ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻚ ﺃﺏٌ ﻟﺼﻐﻴﺮﻫﻢ ﻭﺃﺥٌ ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺎﻭﻳﻚ ﻭﺍﺑﻦٌ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻚ ﻓﺄﻛﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘﺎً .
ﻭﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺗﺂﺧﻲ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﺮﺹ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺇﺧﻼﻑ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻬﻢ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ، ﺑﻞ ﻭﻋﻈﻢ ﺍﻷﺟﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻣﻦ ﺃﺧﻞ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮ ﻓﺈﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮﻩ ﻻ ﻳﻨﻘﺺ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ ﺷﻴﺌﺎً .
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ‏( 4 ‏): ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍ :" " ﺃﻱ : ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﺃﺟﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻐﺰﻭ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﺟﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻜﻞ ﺟﻬﺎﺩ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻗﻠﻴﻠﻪ ﻭﻛﺜﻴﺮﻩ، ﻭﻟﻜﻞ ﺧﺎﻟﻒ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮ : ﻣﻦ ﻗﻀﺎﺀ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﺇﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺃﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﻭﻳﺨﺘﻠﻒ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺑﻘﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﻭﻛﺜﺮﺗﻪ " ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺟﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺑﺄﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺰ ﻏﺎﺯﻳﺎً ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﺧﻠﻒ ﺃﻫﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮ ﺑﺈﺻﻼﺡ ﺣﺎﻟﻬﻢ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ، ﻭﻧﺼﺮﺗﻬﻢ . ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍ.
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ‏( 5 ‏) : " ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻧﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻟﻠﻐﺎﺯﻱ ﻏﺰﻭﻩ ﺇﻻ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻔﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻓﺼﺎﺭ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺒﺎﺷﺮ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻐﺰﻭ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻘﺘﺼﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻛﺎﻣﻼً ."
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ‏( 6 ‏) : " ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ : ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﻉ، ﻭﺍﻟﺴﻼﺡ، ﺇﺫﺍ ﺟﻬﺰﻩ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍ، ﺃﻱ : ﻛﺘﺐ ﻟﻪ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ، ﻷﻧﻪ ﺃﻋﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍ، ﻳﻌﻨﻲ : ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻐﺰﻭ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻫﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ، ﻓﺎﻧﺘﺪﺏ ﺭﺟﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﺎﻝ : ﺍﺧﻠﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻲ ﺑﺨﻴﺮ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﻋﺎﻧﻪ .
ﺇﺫﻥ ﻓﺈﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻴﻦ : ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﻪ، ﻭﻣﺘﺎﻋﻪ، ﻭﺳﻼﺣﻪ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﻠﻔﺎً ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ؛ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻌﻮﻥ، ﻓﺈﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺸﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻠﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺤﺎﺟﺎﺗﻬﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺧﻠﻔﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﺨﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ – ﺣﻴﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﺗﺪﻋﻨﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: "ﺃﻣﺎ ﺗﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨِّﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻏَﻴْﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪﻱ " ‏( 7 ‏) ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺧﻠﻔﻚ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻲ، ﻛﻤﺎ ﺧﻠﻒ ﻣﻮﺳﻰ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻪ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﻘﺎﺕ ﺭﺑﻪ.
ﻭﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﺎﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮﻩ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻋﻨﺖ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻢ ﻓﻲ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﺴﻜﻦ، ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﻥ ﻟﻚ ﺃﺟﺮﺍً ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮﻩ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﻩ ﺷﻴﺌﺎً، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎً ﻟﻮ ﺃﻋﻨﺖ ﻣﺼﻠﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭﺛﻴﺎﺑﻪ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻭﺿﻮﺋﻪ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻚ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﺟﺮ .
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ : ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﺎﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮﻩ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﻩ ﺷﻴﺌﺎً ."
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً : ﻓﺈﻥّ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺩﻧﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﻣﻨﺎ ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ، ﻭﺩﻋﻤﻬﻢ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً، ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﻧﺼﺮﺗﻬﻢ، ﻭﺇﺧﻼﻑ ﺃﻫﻠﻬﻢ ﺑﺨﻴﺮ، ﻭﺗﻔﻘﺪ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﺇﻋﺎﻧﺘﻬﻢ، ﻟﻴﺤﺼﻞ ﺍﻷﺟﺮ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ، ﻭﺩﺣَﺮَ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.
 

___________________
‏( 1 ‏) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﻗﻢ ‏( 2843 ‏) ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺭﻗﻢ ‏( 1895 ‏) .
‏( 2 ‏) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ‏( 4685 ‏) .
‏( 3 ‏) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ‏( 4062 ‏) ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ‏( 1082 ‏) ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﻴﺢ .
‏( 4 ‏) ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ 6/372 .
‏( 5 ‏) ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺝ 8/136 .
‏( 6 ‏) ﺷﺮﺡ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ 4/453 .455-
‏( 7 ‏) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( 4064 ‏) ﻭﻣﺴﻠﻢ ‏( 4419 ‏) .

 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع