الطاهر إبراهيم
تصدير المادة
المشاهدات : 2994
شـــــارك المادة
تناقلت الأنباء خبر سقوط أول قتيل من حزب الله اللبناني في اليمن. الحزب في عقيدته الباطنية كل مرة كان يترك الباب موارباً، فلا يصدق ولا يكذب. لكن تعليقات أمينه العام حسن نصر الله وهجومه على «عاصفة الحزم» التي بدأتها السعودية ضد الحوثيين باليمن، وقوله إن السعودية ستخسر الحرب، إنما يشن حرباً ضدها، وهو ما يشير إلى أنه كان يفكر جدياً في دخول المعركة إلى جانب الحوثيين في اليمن. بعيداً عن قراءة المحللين عما إن كان سينقل تدخله من سورية لليمن، يعيش نصر الله أوضاعاً نفسية غير مستقرة، ليست كالتي عاشها عند دخوله الحرب إلى جانب بشار أسد.
كان حزب الله يقاتل بأسلحة متقدمة تؤمن تفوقه. أما أسلحة الجيش الحر فكان يكسبها من النظام. ويومها كانت ساحة الحرب هي القصير قرب حدود لبنان وما حولها.
لكن حسن نصر الله يعيش اليوم تغيراً في الساحات التي يحارب فيها الحزب: من حلب وريفها شمالاً مروراً بإدلب ووصولاً إلى القلمون وإلى جبل الشيخ والقنيطرة ومعسكرات درعا، وكلها شهدت انحساراً لحزب الله فيها بعد أن تعفر ترابها بدماء قادة هذا الحزب وعناصره. ولمن يتابع إطلالات حسن نصر الله منذ ما قبل الدخول إلى سورية وأثناء اجتياحه الأراضي السورية، يشعر اليوم بانكفاء في حديثه؛ فبعد التغني بانتصاراته ما عادت إلا خيالات إنسان لا يرى أبعد من أنفه، على الأخص حين يزعم أن «سقوط قرية أو مدينة لا يشكل تحولاً جذرياً في مسار الحرب»، (في حديثه إلى الإخبارية السورية يوم 6-4-2015). وإلا، فإن اعتباره تحرير مدينة «إدلب» لا يشكل تحولاً جذرياً، فهو مثل من يضع غربالاً على عينيه ثم يزعم أنه لا يرى أمامه شيئاً. وعندما ترى إنساناً في لباس العلماء وفي هيئة الزعماء ويعلق على حديث رجل دولة مثل سعود الفيصل الذي يزن كلامه بميزان الحقائق، فيلجأ إلى تكذيبه وتسفيه مقولاته، عندئذ ستحكم أن نصر الله يتكلم كأولاد الشوارع. لو عدنا إلى تحرير مدينة إدلب ولست غريباً عنها فأنا ابنها، وقسنا هذا التحرير بميزان العمل العسكري سنجد أن الاستراتيجيين في مراكز الدراسات العالمية أكدوا أن مصير حلب المدينة، الكبيرة في الشمال السوري (عشت بها ردحاً من الزمن)، صار تحت رحمة قبضة المقاتلين السوريين وإن تحريرها أصبح مسألة وقت. على أن تحرير إدلب لم يأت عفو الخاطر. سبقتها هزائم في جيش بشار الانكشاري وفلول حسن نصر الله في القلمون وفي الجولان وفي درعا، بل في عقر دمشق التي أحاطتها قوات الجيش الحر إحاطة السوار بالمعصم. اهتمام حسن نصر الله اليوم فيما يجري في اليمن ينبع من أنه أصبح لا يستطيع تبرير هزائمه أمام قاعدته في الضاحية الجنوبية التي خدعها عندما دخل سورية، وقال إن أبناءها ذاهبون في نزهة ثم يعودون وعلى رؤوسهم أكاليل الغار.
لكن النزهة أصبحت كوابيس يتخللها حفلات تأبين توضع فيها أكاليل الغار، لكن فوق توابيت أبنائهم. استطراداً، تعودت طهران أن تفبرك المؤامرات وتسقط العواصم العربية واحدة بعد أخرى، ولا يتحرك في وجه هذا الاستهتار الإيراني أحد. عندما دفعت طهران عبد الملك الحوثي نحو صنعاء توقعت أن يدخل صنعاء فاتحاً ولا يعوقه أحد. لكن «عاصفة الحزم» قلبت حسابات إيران رأساً على عقب، جعلت مرشد إيران علي خامنئي يشن هجوماً كاسحاً ضد تحالف عاصفة الحزم قائلاً: «إن التحالف لن يخرج منتصراً من الحرب في اليمن». حسن نصر الله أراد أن يركب الموجة بعد أن بدأت أقدامه تغوص في وحل سورية. بشار بعد تململ بجبل العلويين من سياساته الخاطئة المميتة، وجدنا حليفه حسن نصر الله «طفل خامنئي المدلل» يفكر في مخرج له من الوحل السوري. في حديثه إلى الإخبارية السورية اتهم نصر الله السعودية: «أنها تريد استعادة الهيمنة على اليمن».
لو وضعنا هذا الكلام في سياق هجوم خامنئي على السعودية، نكاد نجزم بأن هناك انخراطاً لحزب الله في اليمن مثلما كان الأمر في سورية، لكن كيف؟
في هذا الصدد يتوقع مراقبون أن تحاول طهران تحريك مجموعات نائمة في مناطق رخوة في الخليج قد يوكل أمرها إلى حسن نصر الله الذي تخصص في بث الفتن في الأراضي العربية.
ويتوقع حسن نصر الله أن تحرك السعودية قواتها البرية باتجاه اليمن؛ لكي تغوص أكثر في عمق تضاريسه الطبيعية والبشرية.
الحريصون على أمن السعودية يستبعدون هذا السيناريو؛ لأنه منزلق خطر. وتبقى أن عاصفة الحزم تؤمن للسعودية مجالاً للمناورة من الجو تستطيع منه أن تتكيف بما تراه مناسباً، وتحاول أن تمهد الأرض للمقاتلين اليمنيين الذين يتابعون ضربات العاصفة في تدمير أسلحة الحوثيين وأسلحة علي عبدالله صالح، مبتعدة عما وقع فيه غيرها عندما دخل اليمن محارباً.
الحياة
سلوى الوفائي
غازي دحمان
أحمد دياب
راميا محجازي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة