عبد الرحمن عبد الله الجميلي
تصدير المادة
المشاهدات : 3310
شـــــارك المادة
لقد تداعت أُمَم الظلم والطغيان، وتآلفت وتآزرت، وحشدت الجموع، ورصَّت الصفوف؛ لإخماد وإطفاء نور الفجر، الذي بزغ من أرض الشام المباركة. فمِنْ ظالمٍ غشوم يُعلن جهارًا نهارًا مناصرته للطغيان البعثي الرَّافضي النصيري، ومنْ خبيثٍ يغطِّي ويعتِّم على جرائم هذه العصابة، ومنْ مأجور حاقد لا يعرف إلا توجيه سهام الاتهام إلى عناصر الثوار الأحرار، فيصفهم بالإرهاب تارة، وبالتشدُّد تارة أخرى... كلُّ ذلك يُفعل دعمًا للعصابة التي ما فتئت تصبُّ البراميل المتفجِّرة والصواريخ المدمِّرة والغازات السامة على أطفال ونساء وشيوخ سورية الجريحة.
والحق -أنه لا عتب على أولئك الغرباء- إنما العتب على أهل الإسلام، على أخوَّة الإيمان، على الذين وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، والعُتبى على الذين قال فيهم النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظْلِمهُ، وَلاَ يُسْلمُهُ. مَنْ كَانَ في حَاجَة أخيه، كَانَ اللهُ في حَاجَته، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً ، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ" متفقٌ عليه.
فأهل الشام اليوم يحتاجون هذه الأخوَّة، يحتاجون تحرُّكَ كافة أعضاء الجسد الواحد، يحتاجون العضو الذي يسهر لسهرهم، ويَحْتَمُّ لحُمَّاهم، يحتاجون العضو الذي ينصرهم ظلَّامًا كانوا أو مظلومين، فيردُّ الظالم إلى رشده، ويُعيد للمظلوم ظلامته.
الحاجة شديدة للأخ الذي لا يُسلم أخاه للمعتدين والمجرمين، ولا يدعه فريسةً تتناوشه أنياب وحوش الغاب، وتسلُقُه ألسنةُ المنافقين والأوغاد، ولا يخذله في وقت الشدائد والكربات، ولا يتغاضى عمَّا يصيب أخاه من الجور والطغيان؛ قال نبي الأنام -صلى الله عليه وسلم-: "ما من امرئٍ يخذُلُ امرَأً مسلمًا في موطن، يُنتقَص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يُحِبُّ فيه نصرتَه، وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يُحِب فيه نصرتَه" حسنه الألباني في الجامع الصغير.
لن ننتظر أعداءَ الإسلام، وخُصَماءَ التوحيد، أن يسعَوا في الإصلاح بين المسلمين، كيف يأتي منهم هذا، وصدورهم تتوقَّد بالحقد والأضغان على أهل الإيمان؟! قال ربنا العظيم: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران:118]. ولكننا نتطلَّع إلى إخوان العقيدة ورفقاء الطريق... كيف يتركون إخوانهم يُقتَّلون ويُبادون في أرض الشام؟!
فأين مشاعر الحب والودِّ التي أوجبها الله بين المؤمنين؟ وكيف يهنأ لمسلمٍ عيشٌ وأخوه يتعرَّض يوميًّا لأقسى أنواع الأذى والتعذيب، ويُسام بشتَّى أصناف القتل والتَّشريد؟ فأين نحن من قول النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-: "مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وقوله-صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
ولقد أيَّد اللهُ -تعالى- نبيَّه الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالمؤمنين المتآلفين المتآزرين، فأعزَّ الله بهم الإسلام، وحفظ بهم الدِّين، فكانت العزة للمؤمنين.. واليوم أهل الشام يتطلعون لحياة كريمة، ويسعون إلى انكشاف الظلم والظلمات، فتآمر عليهم المجرمون، ومنعوهم مما يريدون... وحاجتُهم عظيمة لأدنى شيء يصدُّون به الطغيان، ويدفعون عن بيوتهم وأبنائهم قذائفَ الطَّيران، فأين إخوة الدين من قول الله العظيم: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾!؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لقد أنهكت الخلافاتُ والمنازعات رجالَ الشام وثورتَهم، فاستغلها أهل الظلام أيَّما استغلال، فأين إخوان الدين والإيمان!؟ أين جهودهم في الإصلاح بين إخوانهم!؟ كيف يتقاعسون عن الإصلاح؟! والربُّ العظيم يناديهم: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات:10].
لأيِّ شيء يتركونهم؟! وإلى متى يتغافلون عن نصحهم وإرشادهم؟! وإن لزم الأمر إلى إكراههم على الصلح، وإجبارهم على وقف التنازع والاقتتال، قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات:9].
أيها المسلمون! أيها المؤمنون!
أهلُ الشام ينادون فيكم الولاءَ الذي جعله الله صفة للصادقين من أهل الإيمان، قال الربُّ العظيم: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة:71].
أهلُ الشام ينادون فيكم الإيثارَ الذي اتصف به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال جلَّ جلاله: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر:9].
أهلُ الشام يذكِّرونكم بيوم الله، يوم اعتلاء المنابر، وارتفاع أهل الإخاء وارتقائهم؛ فعن معاذ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "قَالَ الله -عز وجل-: المتَحَابُّونَ في جَلالِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ". رواه الترمذي، وصحَّحه.
اللهمَّ ربَّنا وربَّ كلِّ شيء، ألِّف بين المسلمين، ووحِّد صفوفهم، كما ألَّفت بين قلوب أصحاب نبيِّك صلى الله عليه وسلم، اللهم أنت ربُّ الشام، وأنت باركتها، اللهم فانصر أهلها الموحدين على عدوِّك وعدوِّها، وآخر الدعاء أن الحمد لله رب العالمين.
السوري الثائر
أبو بصير الطرطوسي
برهان غليون
يامن الناصر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة