زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 3591
شـــــارك المادة
كثيرة هي الخطوب التي ألمت بتركيا في الآونة الأخيرة، وكثيرة هي الجهات التي كشرت عن أنيابها وبدأت تعبث بأمن هذا البلد الذي حقق إنجازات اقتصادية مذهلة في غضون سنوات معدودة، أدت إلى استقرار واطمئنان وسط جوار ملتهب ومضطرب، ما أزعج الخصوم والمنافسين والأعداء الذين تحالفوا – على ما يبدو – لإغراق تركيا في أزمات داخلية أمنية تشغلها على الأقل عن متابعة دورها الداعم لعاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن، والمناصر لثورة الشعب السوري ضد النظام النصيري، والمناوئ للثورات المضادة في كل من مصر وليبيا.
فبالإضافة للتنظيمات الكردية المسلحة التي نشطت مؤخرا وكثفت من عملياتها الإرهابية ضد جنود وشرطة تركيا، وبالإضافة لأعداء الداخل المتمثل بالعلمانية اللادينية وأتباع فتح الله كولن من الإسلاميين، ناهيك عن النصيريين الكارهين لسياسة أردغان في سورية......... برز على الساحة عدو جديد لطالما لمح أو صرح البعض بدعم تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية له دون أي دليل أو برهان.
إن الهجوم المزدوج على تركيا الآن و الذي يشنه كل من: 1- "تنظيم الدولة الإسلامية" الذي توجهت أصابع الاتهام التركية إليه بمسؤوليته عن تفجير انتحاري استهدف منذ أيام مدينة سروج الواقعة في جنوب تركيا قرب الحدود مع سورية وأوقع عددا من القتلى والجرحى المدنيين.
2- وحزب العمال الكردستاني الذي أعلن منذ أيام تبنيه لقتل شرطيين تركيين في هجوم استهدفهما بمدينة شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية، كما تسبب في إصابة تسعة من الشرطة التركية من خلال هجوم بقنابل يدوية على دورية شرطة في ولاية هكاري جنوب شرقي البلاد، وإلقاء قنبلة مصنعة يدويا على حديقة مديرية أمن قضاء بيسميل في ولاية ديار بكر.
وإذا أضفنا إلى كل هذه العمليات ما تم الإعلان عنه اليوم من قبل مجموعة" ستار" الإعلامية الموالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بيان لها بأن خبراء المفرقعات أبطلوا مفعول قنبلة موقوته تم وضعها في حديقة المبنى المخصص لها، وقيام عناصر من حزب العمال الكردستاني باختطاف طاقم سيارة إسعاف فجر اليوم... فإنه يشير بوضوح إلى مدى شراسة الحملة التي تتعرض لها تركيا لإضعافها وإبعادها عن عرقلة المخطط الصفوي الصليبي الصهيوني الذي يراد للمنطقة، خصوصا بعد توقيع الاتفاق النووي بين الرافضة والغرب بمباركة صهيونية غير معلنة.
قد يستغرب البعض من الانقلاب الكردي على استكمال عملية السلام ووقف إطلاق النار مع الحكومة التركية الذي ما زال قائما منذ 2013م وحتى الآن لولا العمليات الإرهابية الأخيرة التي استدعت رداً تركياً بقصف مواقع للحزب في شمال العراق الليلة الماضية، إلا أن من يعلم شغف الأكرد بإقامة دولة مستقلة لهم في شمال سورية - والذي تعارضه تركيا بشدة - ويعلم مدى إغراء الدول المناوئة والمعادية لتركيا – إيران والغرب والصهاينة – الأكراد لإقامة دولتهم المزعومة حسب خطة التقسيم المعدة مسبقاً لسورية وبعض الدول العربية والإسلامية يدرك سبب المغامرة الكردية بسنتين من السلام مع الحكومة التركية، وبخطوة دخول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي سدة البرلمان التركي لأول مرة في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية.
أما بخصوص المواجهة التركية مع "تنظيم الدولة" الذي حاولت حكومة أردغان تجنبه قدر الإمكان، فيبدو أن القوى المتحكمة بهذا التنظيم من خلف الكواليس - سواء من خلال اختراقها لصفوفه أو صناعتها له – أبت إلا إقحام حكومة أردغان في هذه المواجهة، كما ارتأت أن الوقت قد حان للعبث بأمن تركيا الآن على يد التنظيم المريب الذي تزداد الشبهات حول وجوده ونشاطه وعملياته التي لا تستهدف عادة إلا أهل السنة، بينما تبتعد عن ألد أعداء الأمة من اليهود والصفويين.
لقد استغل عناصر وأنصار "تنظيم الدولة" قصف الجيش التركي لبعض مواقعهم في ريف حلب الشمالي، وشن الحكومة التركية عملية اعتقالات واسعة في صفوف من يشتبه بانتمائهم للتنظيم وعلى رأسهم "خالص بايانجوك" الملقب بـ"أبو حنظلة"، المشتبه بترؤس مجموعة تنتمي للتنظيم في اسطنبول، وذلك رداً على هجوم مدينة سروج الانتحاري، ليشنوا هجوماً عنيفاً على حكومة أوغلو التي وصفوها "بالكافرة"، بينما أطلقوا وصف "الطاغوت المرتد"، على الرئيس رجب طيب أردوغان، متوعدين تركيا بهجمات انتحارية تضرب أمن واستقرار وازدهار السياحة والاقتصاد التركي، من خلال تغريدات أبرزها ما جاء في الحساب الشهير "عيون الأمة" : " لا تلومي إلا نفسك يا تركيا، ولتودعي رخائك، ولك في سياحة تونس عبرة، والبادئ أظلم".
قد لا يبدو هذا الهجوم "الداعشي" على تركيا بهذا التوقيت مستغرباً إذا استعرضنا سيرة نشأة وممارسات هذا التنظيم المريبة، والتي كشف دبلوماسي إيراني منشق عن النظام - فرزاد فرهنكيان - استناداً إلى وثائق سرية اطلع عليها من قيادي كبير في الحرس الثوري مفادها أن تنظيم الدولة "داعش" يجري إدارته وتحريكه من غرفة عمليات عسكرية بمدينة "مشهد" شمال شرقي إيران، ويديرها قادة كبار بالمخابرات الروسية والإيرانية بهدف خلق فوضى كبيرة في العالم العربي عامة والخليج والسعودية بصورة خاصةً.
قد لا يكترث البعض بما كشفه "فرهنكيان" الذي عمل مستشاراً بوزارة الخارجية الإيرانية وسفيراً لطهران في كل من دبي وبغداد والمغرب واليمن قبل أن ينشق عن النظام في سبتمبر 2010 ويعلن انضمامه إلى "الحركة الخضراء" التي كانت آنذاك الحركة الرئيسية المعارضة للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، إلا أن الوقائع التي تجري على الأرض في كل منطقة يتواجد فيها التنظيم تؤكد أن ممارساته لا تصب أبداً في مصلحة أهل السنة.
وإلا فلمصلحة من يتم العبث بأمن تركيا الآن على يد التنظيم وبمشاركة الأكراد غير مصلحة الروافض في طهران التي ترى في تركيا المنافس الأقوى لها في المنطقة، واليهود في فلسطين المحتلة الذين أربكتهم مواقف أردوغان المعارضة لمحاصرة غزة، والغرب المنزعج من مواقف تركيا الكاشفة لنفاقهم وخداعهم للدول العربية والإسلامية؟!!
المسلم
عادل الطريفي
وليد شقير
نجوى شبلي
عمر كوش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة