الهيثم زعفان
تصدير المادة
المشاهدات : 1938
شـــــارك المادة
في حسم الصراعات بين القوى الكبرى يكون هناك مساران للحزم؛ الأول سياسي؛ والثاني عسكري، وفي هذه النقطة الحرجة من طموح المد الفارسي بصفة عامة، وفي اليمن بصفة خاصة، اختارت دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، الحسم العسكري؛ فوجهت الدول العربية ضربات عسكرية استباقية للمعسكر الحوثي الذراع العسكري لإيران في دولة اليمن.
وحسبي أن السؤال الرئيسي المركب الذي يفرض نفسه على الساحة الآن هو: كيف يفكر ملالي وقيادات إيران داخل غرفهم المغلقة الآن؟ وكيف سيردون على هذه الضربة العسكرية المعروفة بـ "عاصفة الحزم"؟. إيران بلا شك تفاجأت بالضربة وأربكتها؛ وخلخلت أوراقها في المنطقة العربية، حتى ولو كانت الخلخلة على المستوى التكتيكي.
فعلى المستوى الدولي تصادفت الضربة العربية مع المفاوضات الإيرانية الأمريكية حول الملف النووي؛ وبلا شك فقد أثرت الضربة على مفاوضات الغرف المغلقة الممهدة لتوقيع الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، وأضعفت الموقف الإيراني في لحظة تفاوضية حرجة. وعلى المستوى الإقليمي فقد أحدثت الضربة حالة من الاستفاقة السنية صوب المشروع الفارسي، الذي يحاول بسط نفوذه وتمدده في بنيان المجتمع الإسلامي منذ سنوات؛ استفاقة أدت ولو مرحلياً إلى إقامة حائط صد عسكري وثقافي ودعوي تجاه هذا التمدد الفارسي. لكن يبقى علينا أن نفكر فيما يفكر فيه الخصم الآن لاستعادة توازنه في المنطقة.
بظني أن طاولة النقاش داخل دائرة صنع القرار الإيراني تفكر الآن على مستويين؛ الأول رد مناسب يحسن موقفها على طاولة المفاوضات مع الأمريكان، وهو رد مطلوب أن يكون عاجلاً قبل الوصول للصيغة النهائية للاتفاق؛ أو التسليم بالخسارة وعدم الرد، أو استثمار التهديد بالضرب النوعي لمصالح إقليمية ودولية من أجل تحصيل مكاسب نووية إيرانية معينة، يظهر أثرها العسكري مستقبلاً، وإن كانت الأخيرة فرضية شديدة الضعف ولكنها واردة.
والثاني آجل يعيد لإيران توازنها في المنطقة ويحفظ ماء وجهها تجاه الصفعة السنية العنيفة التي تلقتها في "عاصفة الحزم"؛ فضلاً عن الانتقام الموجود طبيعياً في النفس الفارسية تجاه العرب بصفة عامة، والسنة منهم بصفة خاصة، والمملكة العربية السعودية بصفة أخص. القاسم المشترك بين الردين عند الإيرانيين الآن هو إطالة أمد المعركة على الأراضي اليمنية، مع محاولة استدراج الجيوش العربية إلى مستنقع "الحرب البرية".
الرد قريب المدى متوقف على طبيعة المفاوضات في الغرف المغلقة بين الإيرانيين والأمريكان، ودرجة الضغوط فيها وطبيعة اللعب بالأوراق، والتي بدورها قد تدفع إيران لسحب ورقة اليمن من على طاولة المفاوضات والمساومات النووية، ومن ثم عدم الرد العسكري. ولكن لو سلمنا بحتمية الرد العاجل المزلزل من قبل إيران كي يتم استثماره في الساعات الأخيرة من المفاوضات النووية؛ فلابد أن يكون الإنجاز العسكري الإيراني استراتيجي وليس تكتيكي، بمعنى أن الضربة الموجعة لابد أن تكون محققة لأهداف استراتيجية.
وساحة الصراع وبخاصة في ظل صعوبة إسقاط عدن بصورة سريعة لصالح الإيرانيين، فإن الساحة ترشح أن تكون الضربة العسكرية الإيرانية ذات تأثير بحري استراتيجي بامتياز؛ بدءًا من مضيق هرمز، مروراً بباب المندب، وانتهاءً بقناة السويس؛ هذا فضلاً عن التفكير الإيراني في عمليات اغتيالات نوعية تجيد تنفيذها باحتراف، ومن شأنها التأثير على مجريات الأحداث وقلب الأمور الإقليمية والدولية بالكلية.
وعليه فالتعبئة واليقظة الجوية والبحرية والأمنية العربية ينبغي أن تكون في أقصى أقصى درجات الاستعداد في الساعات والأيام القادمة.
أما على المستوى البعيد؛ وإدارة إيران للمعركة بسياسة النفس الطويل؛ فإن أوراق اللعب في يد إيران متعددة أهمها محاولة الاستدراج والتسويف وإطالة أمد المعركة لأطول فترة ممكنة كما في المشهد السوري من حيث الفوضى والتدمير. مع استدراج الجيوش العربية للمعركة البرية، والتي بنظري لو وقع العرب في "فخ المعركة البرية" فلن تحسم المعركة لسنوات طويلة.
وعليه فينبغي أيضاً حسم المعركة سريعاً وتفويت الفرصة على الإيرانيين في فخ "الاستدراج البري"؛ وأحسب أن الأجهزة الاستخباراتية العربية يمكنها لعب أدوار متعددة وممتدة في عملية الحزم هذه.
ليتم بعدها دعوة الفصائل اليمنية الشرعية لمائدة الحوار، كي تعود الأمور مرة أخرى إلى طاولة الحزم السياسي في ظل مكاسب "عاصفة الحزم".
إيران قد تظن أن بيدها أيضاً أوراق نقل المعركة للداخل السعودي في مناطق عدة منها الجنوب السعودي والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية؛ وهي على مستويين؛ إما التعمق الحوثي المدعوم عسكرياً من القوات الإيرانية في الجنوب السعودي؛ وهو ما أبدى المتحدث العسكري لقوات التحالف احتراز التحالف منه جيداً؛ لكن يبقى أن هذا التعمق من شأنه إرباك الساحة الإقليمية ودخول قوى دولية على خط النار؛ وهو الأمر الذي تتعامل معه إيران بحذر شديد، فهي الآن أفضل حالاً من المزاحمة الدولية.
والمستوى الثاني هو التلاعب بالورقة الشيعية في الداخل السعودي لكنني أحسب أن التلاعب بالورقة الشيعية في الداخل السعودي؛ قد تجد ممانعة من الشيعة العرب أنفسهم داخل السعودية لما يتوقعونه من ردات فعل حاسمة قد تفقدهم الكثير من المكتسبات داخل المملكة.
تبقى العمليات الإرهابية الفارسية في الداخل السعودي من أجل إثارة الرعب وإحداث الفوضى؛ وهي عمليات مزعجة وتجيدها إيران، فهي تطبقها باحتراف كل يوم في العراق وسوريا، وأحسب أن المملكة منتبهة لهذه الورقة الداخلية جيداً، لكن ينبغي ألا يفوتنا أن هناك مئات الإيرانيين رجالاً ونساءً يدخلون يومياً إلى مكة والمدينة بحجة العمرة وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وميسور لهؤلاء التجول في المدينتين المقدستين بأريحية تامة؛ فحبذا لو أوقفت المملكة منح التأشيرات لهؤلاء الفرس لحين انتهاء المعركة، وذلك حتى لا تتشتت جهودها داخلياً وخارجياً، مع وضع حزمة من الضوابط الصارمة التي تضبط توافد وممارسات الشيعة وبخاصة الفرس منهم داخل الحرمين الشرفين على مدار العام، والتي يتأذى منها الحجاج والمعتمرون السنة إذ يبغون الخشوع في تلك البقاع الطاهرة المباركة.
لا يفوتنا في هذا الإطار التشديد على تفويت فرصة الاستثمار الإعلامي والتوجيه المعنوي الفارسي عبر عشرات القنوات الشيعية المنتشرة على الأقمار الصناعية المحسوبة على الدول السنية؛ والتي تقتحم البيوت العربية سنة وشيعة على حد سواء، ذلك الإعلام الشيعي الذي يتم استثماره جيداً في هذه المعركة الحربية.
وعليه يجب فوراً اتخاذ قرار وقف القنوات الفضائية الفارسية والشيعية من على الأقمار العربية السنية؛ وذلك حتى لا تكون عوناً للإيرانيين وخنجراً في ظهر العرب في تلك العاصفة الحاسمة.
ولا يفوتنا أيضاً التشديد على محاصرة الدعم البترولي الإيراني للحوثيين، فلا مجال للتساهل بعد اليوم مع دوائر الفساد المحيطة بالعلاقات النفطية العربية الإيرانية.
أسأل الله أن يرد كيد الكائدين وأن يحفظ الأمة الإسلامية من كل مكروه وشر، وأن يهدي عوام الشيعة إلى صراطه المستقيم، وأن يعامل أكابر مجرميهم بما هم أهله.
المسلم
أحمد محمد نعمان مرشد
أحمد موفق زيدان
علي حسين باكير
أبو أمجد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة