قتيبة كعكة
تصدير المادة
المشاهدات : 5417
شـــــارك المادة
طالت الثورة، واشتدَّ ظلامها، وحلك ليلُها، واشتاقت الأنفس متطلعةً إلى النصر، وربما أصاب الكثيرين ما أصابهم، والكثير يسأل ويقول: متى النصر ..؟!
للنصر سبيل لا بدَّ من سلوكه، وطريق لا بدَّ من العبور فيه، ومن يتأمل حالنا يجد عجبًا؛ من بعدنا عن أسباب النصر. فمن يعدِّد ما فينا من أمراض يجد الكثير: ذنوب ومعاصي، تفرُّقٌ وتمزُّق وتنازعٌ، تسمع عبارات السخط، وتتعلّق بعض القلوب هنا وهناك بمبادرات ومجالس. لنقف إخواني مع أنفسنا وقفة، ولنراجعْها، لنرى هل حقَّقْنا أسباب النصر ؟ هل حالنا يرضي الله سبحانه ؟ هل نحن أهلٌ لهذا النصر ؟ أورد لكم باختصار بعض أسباب النصر تذكيرًا، وحتى نراجع أنفسنا، منها: 1- الإيمان والعمل الصالح: قال الله تعالى: {وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]. وعملوا الصالحات: اسأل نفسك: ما هو العمل الذي تداوم عليه ؟ هل تداوم على صلاة الضحى ؟ هل تصلي الوتر ؟ هل تقوم الليل ؟ هل تصوم الاثنين والخميس ؟ هل أنت مواظب على ذكر الله في الصباح والمساء وبعد الصلوات ؟ يعبدونني لا يشركون بي شيئًا: هل نعبد الله حقًّا كما يريد الله ؟ لنفتِّش قلوبنا: هل هي متعلّقةٌ بالله سبحانه أم اتَّكأت واتكلت على مجالس ومبادرات علَّقت فيها الحل ؟!! 2- نصر دين الله تعالى: قال الله تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِله عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 40، 41]. إنَّه وعدٌ من الله سبحانه بأن ينصرنا .. لكنَّ وعده مشروطٌ بنصره سبحانه !
كيف ننصر الله ؟
نصر الله بإقامة شعائر الله، من إقامة الصلاة وإتيان الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. لكن من ينظر إلى الكثيرين منَّا يجد أنه قام لينصر بلدته، وآخر قام حميَّةً، وآخر قام من أجل حزبه ! أما شعائر الله فهي مهملةٌ والله المستعان.
3- التوكل على الله ومشاورة المسلمين: قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
وشاورهم: فالشورى توفيق ورشاد كما ورد في الأثر عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-: من أراد أمرا فشاور فيه امرءًا مسلما وفّقه اللّه لأرشد أموره.
فتوكَّل على الله: والتوكل – كما قال الشيخ أبو بكر الجزائري -: الإقدام على فعل ما أمر الله تعالى به أو أذن فيه بعد إحضار الأسباب الضرورية له. وعدم التفكير فيما يترتب عليه بل يفوض أمر النتائج إليه تعالى.
4- الالتجاء إلى الله عز وجل: نظر صلى الله عليه وسلم يوم بدر إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً فاستقبل صلى الله عليه وسلم القبلة ورفع يديه واستغاث بالله، وما زال يطلب المدد من الله وحده مادًّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله - عز وجل -: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فأمده الله بالملائكة. [رواه البخاري].
5- الاجتماع وعدم النزاع: يجب على المجاهدين أن يحققوا عوامل النصر ولا سيما الاعتصام بالله، والتكاتف، وعدم النزاع والافتراق، قال الله تعالى: {وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
الحال لا يرضي فمازلنا كتائب وألوية متفرِّقةً، وتكتلات ثورية بمختلف أنواعها متمزِّقةً متناحرةً ! أين التكاتف والتعاضد ؟! أين اجتماع الكلمة والتطاوع فيما بيننا ؟!!
6- الصبر والمصابرة: لا بد من الصبر في الأمور كلها ولا سيما الصبر على قتال أعداء الله ورسوله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].
قال ابن القيم رحمه الله: "أمرهم بالصّبر، وهو حال الصّابر في نفسه، والمصابرة مقاومة الخصم في ميدان الصّبر، فإنّها مفاعلة تستدعي وقوعها بين اثنين- كالمشاتمة والمضاربة - وهي إذن حال المؤمن في الصّبر مع خصمه، أمّا المرابطة فهي الثّبات واللّزوم والإقامة على الصّبر والمصابرة، فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبّد بالتّقوى، فأخبر سبحانه أنّ ملاك ذلك كلّه: التّقوى، وأنّ الفلاح موقوف عليها، فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}" أ.هـ
وجاء في الخبر: "واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا". اسأل نفسك أخي وراجعها، فتِّش في نفسك عن ذنوبك عن معاصيك، عن قلبك وحاله مع الله، عن عملك الصالح، عن تعاونك بين إخوانك لعل الله عز وجل يفرِّج عنا ما نحن فيه. نسأل الله عز وجل النصر والثبات والفلاح في الدنيا والآخرة.
نجوى شبلي
أسامة أبو زيد
ناديا مظفر سلطان
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة