محمد صقر السلمي
تصدير المادة
المشاهدات : 2980
شـــــارك المادة
بدأت إيران التي تتخذ من المذهب الشيعي الإثني عشر مذهبا رسميا لها وتنصب نفسها المدافع الأول عن حقوق الشيعة في العالم، تكشف عن مخاوفها من زيادة عدد الإيرانيين السنة الذي بدأ يحدث تغييرا فعليا في تركيبتها السكانية من حيث الانتماء المذهبي. وفيما توقع بعض الباحثين والخبراء أن تتحول إيران إلى المذهب السني خلال ربع قرن بناء على إحصاءات سكانية موثوقة أظهرت أن الكفة أخذت تميل باتجاه السنة الذين يتراوح عددهم بين 20 مليونا و25 مليون نسمة بينهم مليون في طهران، برزت صرخات مدوية من شرائح اجتماعية مختلفة ورموز نخبوية مقربة من القيادة الإيرانية باستدراك الأمر قبل استفحاله وتحول إيران من المذهب الشيعي إلى المذهب السني أو «الوهابي» كما يحلو لإيران تسميته.
ولم يتوان بعض المسؤولين الإيرانيين عن اتهام السعودية وأمريكا بالوقوف وراء زيادة النمو السكاني لدى السنة، خصوصا في سيستان وبلوشستان على الرغم من الحرمان والفقر.
ولفتوا إلى أن الإيرانيين الشيعة التزموا بسياسة تحديد النسل التي فرضتها الحكومة منذ سنوات، بينما لم يلتزم بها السنة بناء لفتاوى حرمتها أطلقها مشايخهم.
1,000,000 سني في طهران: إيران تعود إلى المذهب السني خلال 25 عاما:
انتشرت في الأوساط الإيرانية خصوصا النخبوية منها خلال الفترة الماضية، أنباء وتقارير أثارت هواجس أمنية ومذهبية وسياسية لدى الدوائر الحاكمة في طهران. وهذه المخاوف ليست بسبب تهديدات عسكرية غربية أو شرقية أو عمليات مخابراتية أو استهداف أمني لنخبة البرنامج النووي وعلمائه، بل تبدو للوهلة الأولى أقل من ذلك بكثير، ولكن عند التعمق في تفاصيلها تجد أنها تهديدات حقيقية تكاد تهز عرش نظام ولاية الفقيه، والأصعب من ذلك تعذر الحلول الحقيقية للوقوف في وجه هذا الخطر، ذلك أن أي تعامل مباشر مع هذا التهديد قد يجر مشاكل إضافية للنظام دون محاصرة التهديد الرئيس أو تحجيمه.
استشعار الخطر:
فالخطر الذي تشعر به إيران يتمثل في تغيير في تركيبتها السكانية من حيث الإنتماء المذهبي، علما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتخذ من المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبا رسميا لها وتنصب نفسها المدافع الأول عن حقوق الشيعة في العالم، وبالتالي لا يمكن لهذا النظام أن يتصور حدوث تغير جذري في التكوين المذهبي، وبدأت الكفة تميل باتجاه أتباع المذهب السني في مجتمع كان إلى فترة طويلة يشكل الإنتماء للمذهب الشيعي فيه الغالبية العظمى في البلاد. إلا أن الأمر ليس محكوما بالأماني والرغبات الشخصية، فالواقع على الأرض يقود إلى الحقيقة المحضة سواء أكان المرء يتفق معها أو يختلف. ومن هنا جاءت الصرخات المدوية من شرائح اجتماعية مختلفة ورموز نخبوية مقربة من القيادة الإيرانية باستدراك الأمر قبل استفحاله وتحول إيران من المذهب الشيعي إلى المذهب السني أو «الوهابي» كما يحلو لإيران تسميته.
ضرب التركيبة:
وتزعم تقارير فارسية أن سياسة تنظيم النسل كانت مقبولة من غالبية الشعب (أي الشيعة) إلا أن أتباع المذهب السني يتجاهلونها. ويقول تقرير نشر مؤخرا: «إذا ألقينا نظرة على مؤشر النمو السكاني فنجد أن الكثافة السكانية في محافظات؛ طهران وقم وسيستان وبلوشستان ارتفعت بواقع 3%». ويضيف: لا نحتاج إلى توضيح أسباب النمو السكاني في العاصمة طهران، كما أن النمو السكاني في قم يعود إلى الهجرة المتنامية إلى هذا الإقليم، إضافة إلى قربه من إقليم طهران. ويتساءل عن ارتفع معدل النمو السكاني في سيستان وبلوشستان على الرغم من الحرمان والفقر؟ ثم يجيب: أحد أهم الأسباب الرئيسة الذي يمكن طرحه في هذا الخصوص هو سياسة زيادة تعداد أتباع المذهب السني في إيران وضرب التركيبة السكانية في البلاد، وهي سياسة تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية وتدعمها السعودية. عندما تم طرح هذه المسألة على أحد المهتمين، أكد أن الوضع أكثر سوءا من ذلك، فسيستان وبلوشستان اللتان تشكلان مركزا جغرافيا حساسا للنظام، وقاد استقبالهما لأفواج المهاجرين الشيعة إلى تركهما لدواع أمنية ومشاكل أخرى عديدة.
التقسيم المذهبي:
وتشير التقارير الصادرة من الداخل الإيراني، إلى أن معدل النمو السكاني في الأقاليم ذات الغالبية السنية أعلى من متوسط النمو السكاني في البلاد بشكل عام، وهذا مؤشر لمفاهيم معينة. فوفقا لبعض الإحصاءات، يتجاوز مؤشر النمو السكاني في المناطق السنية بثلاثة أضعاف متوسط النمو السكاني في البلاد. وتشير إلى أن تعداد أتباع المذهب السني في إيران يتراوح بين 20 مليونا و25 مليون نسمة. وبحسب موقع «نفس نیوز» الإيراني، فإن عدد التلاميذ السنة والشيعة في المرحلة الابتدائية في إيران قد تساوى، لافتا إلى أن معدل النمو السكاني للسنة بلغ 4 % بينما معدل الشيعة 1.7 % فقط. وهذه النسب والمعدلات تتفاوت نسبيا بين تقرير وآخر، وإن كانت جميعها صادرة عن جهات أو أفراد مرتبطين بالنظام الإيراني.
تراجع الشيعة:
ونقل موقع «شيعه أونلاين» المقرب من النظام الإيراني، عن الأستاذ الأكاديمي بجامعة مشهد الدكتور سيد حسين علوي قوله إن «معدل النمو السكاني في المناطق السنية يصل إلى 7 %، أما في المناطق الشيعية فيتراوح بين 1 % و1.3 %. وأضاف: في أحد أحياء مشهد توجد مدرستان للبنات واحدة ابتدائية ومتوسطة، والثانية ثانوية. يشكل الشيعة في المدرسة الثانوية 80 % من مجموع الطالبات، بينما يشكل السنة 20% فقط. أما في المدرسة الابتدائية فتشكل الطالبات السنة 80 % والشيعة 20 % فقط. وفي إجابة على تساؤل طرحه شخصيا حول سر هذا الاختلاف في النسب؟ يجيب الأكاديمي الإيراني قائلا: منذ أن اعتمدت سياسة تحديد النسل في البلاد، أصبح عدد أبناء الشيعة في تراجع مستمر مقابل ارتفاع في أعداد المواليد السنة، وتتراوح أعمارهم الآن بين 13 و14 عاما، لذا فجميعهن الآن يدرسن في المدراس الابتدائية والمتوسطة، ولكن بعد ثلاث سنوات سينتقلن إلى المرحلة الثانوية وستصبح نسبة طالبات السنة في المرحلة الثانوية 80 % ويصبح الشيعة أقلية لا تتجاوز نسبتهم 20 %.
دهشة المسؤولين:
وتحدث علوي عن النمو السكاني في بعض المناطق السنية، قائلا إن الوضع في بعض القرى والمدن المختلطة (شيعة وسنة) بلغ حالة «مفزعة للغاية». وأشار إلى قرية يعرفها جيدا كان الشيعة فيها يشكلون 65 % والسنة 35 %، أما في الوقت الراهن فأصبح 86 % من أهالي تلك القرية من أتباع المذهب السني. وفي السياق نفسه، يشير تقرير نشره موقع «شيعة أونلاين» في 2011، إلى أن عدد أتباع المذهب السني قد تجاوز المليون شخص في إقليم طهران الذي يعد عاصمة التشيع في العالم، أي أصبحت نسبة السنة في طهران نحو 10 %. وأضاف هذا المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن هذه الإحصاءات التي أجريت خلال تلك الفترة (2011)، أثارت دهشة وقلق بعض المسؤولين في إيران.
موقف المراجع:
ربما يعد أول من تحدث بصراحة عن هذه المخاوف بشكل علني، شخص يدعى حجة الإسلام مهدي دانشمند، وكان ذلك عبر مقاطع فيديو انتشرت على الانترنت قبل عدة سنوات، إذ وجه هذا الشخص اتهامات وعبارات سيئة تجاه أتباع المذهب السني، ومعدل النمو السكاني في المناطق السنية في إيران، وعدها مؤشرات مخيفة وتشكل خطرا على تميز المذهب الشيعي في البلاد، مطالبا بمواجهة جدية لهذا الخطر. من جهة أخرى، تلقي المواقع الإيرانية باللوم على بعض المدارس (غير معترف بها من قبل الحكومة) في المناطق السنية ووصفها بأنها مدارس وهابية باسم أهل السنة. وتزعم هذه المواقع أنها وصلت إلى بعض الوثائق والمستندات التي تؤكد تأسيس مدارس دينية باسم أهل السنة في بعض المحافظات الحدودية، إلا أن مناهج هذه المدارس لا علاقة لها بالمذاهب السنية الأربعة المعروفة، وهي مبنية على «الوهابية» بنسبة 100 %.
تفوق العربية:
ويضيف: تركز هذه المدارس على تعليم المعتقدات المعادية للشيعة وتدار بإمكانات عالية جدا. أما عن برامج هذه المدارس والنظام التعليمي فيها، فيقول التقرير: يمكث التلاميذ في هذه المدارس لمدة أربع سنوات من الصباح حتى العصر، ولكي يحصلوا على شهادة رسمية فإنهم يلتحقون بالثانوية الحكومية مساء ويستمرون في الدراسة حتى الحصول على الدبلوم. خلال 4 سنوات يقضيها الطلاب في هذه المدارس، يتم تدريس كتب التوحيد وشروح «العقيدة الوهابية» باعتبارها العقيدة الصحيحة، وبعد التخرج يلتحق بعض طلاب هذه المدارس وبسبب تمكنهم من اللغة العربية، بكليات المعلمين والأقسام الإدارية، إلا أن عددا من هؤلاء الطلاب يتجهون إلى مدارس الوهابية الأعلى، وبعضهم يتم إرساله إلى الخارج لمواصلة دراستهم في هذا المجال، وفقا للتقرير.
إلقاء التهم:
وعن الجهات التي تؤمن مصاريف هذه المدارس، يزعم التقرير أن هناك علاقة وثيقة بين «وهابية» (أي السنة) الداخل والدول العربية المجاورة خاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تعد الداعم الأول لهذا الفكر وتعمل على تمويله. بل إن التهم الموجهة لدول الجوار العربي تجاوزت ذلك بكثير، حيث يزعم تقرير نشرته وكالة أنباء «جنوب نيوز» الإيرانية أن السعودية تقدم لكل مولود من أتباع المذهب السني في سيستان وبلوشستان مساعدات مالية كبيرة، وأن علماء «الوهابية» أصدروا مجموعة من الفتاوى التي تشجع الرجل السني الإيراني على الزواج من 4 نساء وإنجاب 10 أطفال، بينما نجد المتدينين الشيعة ملتزمين. وتوضح هذه التقارير بجلاء مدى الهوس الذي يعيشه الإعلام الإيراني بسبب تصاعد أعداد أتباع المذهب النسي هناك، مما قادهم إلى تجاهل الأسباب الحقيقية والنظر إليها بواقعية والعمل على معالجتها إلى الهروب نحو إلقاء اللوم على جهات أجنبية وترسيخ فكرة المؤامرة واستهداف البلاد لدى المتلقي الإيراني. يذكر أن المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي قد حث الحكومة على معالجة مشكلة «شيخوخة المجتمع» والعمل على مضاعفة أعداد السكان. كما أن البرلمان الإيراني يسعى لحظر عمليات التعقيم للرجال والنساء، فضلا عن تشديد قوانين الإجهاض في البلاد.
نتائج النسل مسألة وقت:
«تجنبوا التفكير في هجوم استباقي على إيران، لأن الوقت والإحصاءات السكانية وتغير النسل ليست في صالح الحكومة الإيرانية مطلقاً» الباحث والمفكر الاستراتيجي الأمريكي زبغنيو بريجينسكي
الحكومة طبقت تنظيم النسل والسنة حرموه:
«إن شيخوخة المجتمع تؤدي إلى هلاك البلاد، وهذه نتيجة غير مقبولة. ولقد جمعني لقاء بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وتحدث خلاله عن الهموم العامة في البلاد ومن بينها مسألة تنظيم النسل. في عام 1989م كان توجه المرشد الأعلى آية الله الخميني يرمي إلى أن يصبح معدل أفراد الأسرة الواحدة 6 أشخاص، إلا أن المجتمع توجه، ومع الأسف الشديد، نحو سياسة الاكتفاء بطفل أو طفلين للعائلة الواحدة، وهذا الأمر أدى بعد ربع قرن من الزمن إلى نتائج في غاية الخطورة. عندما كانت سياسة الدولة قائمة على كبح معدلات النمو السكاني، أصدر علماء السنة فتاوى تحرم تنظيم النسل. إن هذه مؤامرة خطط لها الأعداء، وشجعت اليونسكو إيران على اتخاذ سياسة خفض معدل النمو السكاني، ونحن قمنا بتطبيق سياساتهم، وها نحن نحذر الحكومة من التساهل في ذلك، وأن تأخذ المسألة بجدية كبيرة، وألا يتراجع عدد أتباع المذهب الشيعي في إيران في عصر الجمهورية الإسلامية». ممثل إقليم خوزستان (عربستان) في مجلس الخبراء، آية الله حيدري.
سنّة إيران معضلة حقيقية:
«نحن قلقون من ظاهرة زيادة أعداد المنتمين للمذهب السني في إيران، نرى في الوقت الراهن أن أهل السنة يقومون بشراء الأراضي والمنازل من الشيعة في ضواحي مشهد ليتمكنوا من رفع نسبة وجودهم في هذه المدينة، وهذا يشكل معضلة حقيقية، ونحذر المسؤولين من التراخي حيال هذا الأمر وإذا لم تتخذ التدابير اللازمة بأسرع ما يمكن فإن الأمر قد يصل إلى مرحلة تصعب معالجتها. فارتفاع عدد أتباع المذهب السني في إيران يشكل تهديدا حقيقيا على الأمن القومي الإيراني، وإذا تم صرف ريال واحد لنشر أسس مذهب آل البيت، فإن ذلك في حقيقية الأمر سيساعد على أمن وثبات النظام الإسلامي في البلاد». مرجع التقليد المتنفذ آية الله مكارم شيرازي
كل سني ينجب 20 طفلا:
«الإحصاءات العامة للنمو السكاني في البلاد بشكل عام لا تشكل أي مؤشرات حقيقية لمخاوف القيادات الإيرانية من تغيير التركيبة السكانية في البلاد، إلا أن الخوف يبدأ عندما يتم مقارنة هذه الإحصاءات مع معدلات النمو السكاني في المناطق الحدودية خاصة بين أتباع المذهب السني بعدد الشيعة. بعد الحملة الدعائية للحكومة الرامية إلى خفض معدلات النمو السكاني، اتجه علماء السنة في البلاد إلى الترويج لرفع معدلات النمو السكاني في مجتمعهم بهدف تحقيق الغالبية في إيران وقد حققوا، حتى الآن، نتائج كبيرة في هذا الصدد. فالسنة يقومون في الوقت الراهن، وبصورة رسمية وغير رسمية، بحملة تشجع أبناء مجتمعهم على الزواج من امرأتين وانجاب 20 طفلا. إنهم يصرحون برغبتهم في تحويل إيران إلى دولة سنية. من يقم بزيارة واحدة لمحافظة سيستان وبلوشستان، فسيلاحظ أن الترويج للزواج من 4 نساء وزيادة النسل أمر متداول ومقبول بين أتباع المذهب السني هناك. ومن جهة أخرى هناك هجرة متزايدة لأهل السنة من مناطقهم إلى المدن الشيعية بهدف تغيير التركيبة السكانية وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها. ففي مدن كثيرة، أصبحت هناك مناطق مأهولة بالبلوش فقط، وقد انتشر ذلك في جرجان ورشت ومشهد علاوة على بيرجند وكرمان وغيرها». الأستاذ الأكاديمي بجامعة مشهد الدكتور سيد حسين علوي
بعد 40 عاما سنندم أشد الندم:
«إن الترويج لسياسة خفض النمو السكاني وأعداد المواليد في البلاد كان توجها خاطئا بكل المقاييس، وإذا استمرت هذه السياسة فإننا بعد 40 عاما سنندم أشد الندم على تطبيقها، لأن نسبة الشيعة في إيران حينئذ لن تكون متوازنة مع بقية الأقليات، وسنشهد تغييرات كبيرة وواسعة، الأمر الذي بدأنا نلحظه الآن في بعض المدن الإيرانية. هناك من أعداء الإسلام من قد يستغل الفقر والمشاكل الثقافية في مناطق. إن تغيير التركيبة السكانية وإزالة الغالبية الشيعية في إيران خاصة في المناطق الحدودية وكذلك توزيع أتباع المذهب السني في مدن مختلفة، تعد إحدى مخططات السعودية و»الوهابية» تجاه إيران. ونحن نحذر من نشاطات المجموعات «التكفيرية» التي تهدف إلى إيجاد اضطرابات وفتنة في بعض المحافظات الإيرانية، ويجب أن يكثف علماء الدين جهودهم في سائر قرى ومدن البلاد حتى يتم التصدي فورا لأي نشاط منحرف ومعاد للدين في هذه المناطق، كما يجب التنسيق والتعاون مع المسؤولين في سبيل بدء برامج توعوية في هذا الصدد. مرجع التقليد في قم آية الله جعفر سبحاني
تغييب الحقائق وتهييج شعبي:
تتجاهل تصريحات الشخصيات الإيرانية التي تحدثت عن مسألة تغيير التركيبة السكانية في إيران، جانبا مهما وبشكل متعمد، إذ تشير تقارير كثيرة إلى موجة تسنن في المجتمع الإيراني خاصة بين المنتمين إلى الأقليات العرقية غير الفارسية، بسبب التهميش الذي يمارسه النظام ضد هذه الأقليات. ويعترف الإيرانيون بأن المحافظات التي تقطنها الأقليات العرقية كالأقلية العربية والكردية والآذرية تعاني من نقص كبير في الخدمات العامة مقارنة بمحافظات وسط إيران حيث العرق الفارسي، كما أشار أحد التقارير صراحة عند حديثه عن إقليم سيستان وبلوشستان. لقد تجاهل رجال الدين في إيران الإشارة إلى ذلك خشية لفت الأنظار إلى هذه الظاهرة ومن ثم انتشارها بوتيرة أعلى، لذا فقد ذهبوا في تصريحاتهم حول ارتفاع أعداد المنتمين إلى المذهب السني في إيران إلى التركيز على ارتفاع معدلات المواليد فقط. وفي هذا الصدد، عمد النظام الإيراني خلال السنوات القليلة الماضية إلى الزج بالآلاف من رجال الدين الشعية إلى المناطق التي شهدت موجة من اعتناق المذهب السني وذلك لمواجهة هذه الظاهرة كما تم تأسيس قنوات تلفزيونية جديدة ذات صبغة مذهبية تبث بلغات الأقليات العرقية وكذلك مدارس دينية أيضا. إضافة إلى ذلك، شن مرجع دين شيعي في الأحواز ذات الغالبية العربية، هجومًا على دول الخليج العربي كالسعودية والإمارات والكويت متهما إياها بالعمل على نشر المذهب «الوهابي» (السني) بين الشيعة في الأحواز. وقد أشار مندوب خطيب الجمعة وممثل آية الله خامنئي في الأحواز آية الله موسوي جزائري إلى إن «الوهابية» المنتشرة في أنحاء الأحواز ستتراجع أمام مد التشيع، وذلك لحقانية مذهب الشيعة، وإن مصير «الوهابية» سيكون الفشل المحتم»، على حد زعمه. وفيما يتوقع خبراء بأن يشكل السنة الغالبية العظمى في إيران خلال 20 عاما فقط، أشار تقرير نشره موقع «نفس نيوز» الإيراني إلى مخاوف من تحول إيران إلى دولة سنية، قائلا: إن قراءة مثل هذه الأخبار أمر مؤسف لكل شيعي لأننا الدولة الشيعية الوحيدة في العالم. من المؤكد أننا لن نستطيع أن نجيب إمامنا الغائب (المهدي المنتظر) خاصة أن مقولة «أطفال أقل، حياة أفضل» قادتنا إلى نوم عميق، يجب أن نستيقظ منه. من جانب، آخر يشير أحد المواقع إلى المخاوف من تزايد أعداد السنة وارتفاع معدلات النمو السكاني بينهم بنسبة تصل أحيانا إلى 7 % ويؤكد أنه إذا ما استمرت هذه النسبة فإن أهل السنة في إيران سيشكلون الغالبية خلال 20 عاما، مبينا أن التركيبة السكانية في إيران ستصبح خلال 50 عاما 70 % للسنة مقابل 30 % للشيعة. ويضيف الموقع: لقد أبدى أحد الشخصيات البارزة في النظام قلقه من هذا التطور، وقال: كيف يمكننا التأكد من عدم مطالبة أهل السنة في القريب العاجل بالحصول على منصب وزير أو حتى رئاسة الجمهورية إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن؟ ويقول آية الله حيدري: سيصبح معدل النمو السكاني في البلاد صفرا بحلول 1395 هـ. ش./ 2017م، وبعد ذلك سيتحول إلى نمو سلبي، إلى درجة أن التوقعات تشير إلى تراجع عدد سكان إيران في 1415 هـ.ش «2026م» ليصبح 45 مليون نسمة، وقد يتحول السنة إلى أغلبية خلال ربع قرن تقريبا إن لم يتم اتخاذ إجراءات مناسبة في هذا الصدد.
مبررات:
يركز رجال الدين الشيعة الذين أخذوا على عواتقهم حملة التحذير من ما يرونه خطر تحويل إيران إلى المذهب على الخلافات المذهبية تارة والسياسية تارة أخرى. يقول الدكتور علوي، الأكاديمي بجامعة مشهد: قد يتساءل البعض قائلا: يعتبر أهل السنة والجماعة الحاكم المسلم «ولي الأمر» ويمتثلون له بالطاعة ويرون ذلك واجبا شرعيا، فكيف خالفوا سياسات الحكومة؟ الإجابة على ذلك واضحة جدا، لقد تحول السنة مع مرور الزمن إلى الوهابية التي تحرم طاعة الحاكم الشيعي وتبيح مواجهة الشيعة بكل طريقة ممكنة وترى ذلك أمرا يوجب الثواب. علاوة على ذلك، تحاول بعض تلك الشخصيات إبراز الأمر بالمؤامرة التي يحيكها الأعداء ضد إيران وأن أتباع المذهب السني في إيران يتعرضون لحملة تضليل وتوجيه من قبل جهات خارجية. فیزعم موقع «فرهنک نیوز» الإيراني أن الأعداء الدائمين والقدامى للأمة الإيرانية المسلمة يعيشون حالة من الذعر الشديد بسبب عظمة هذا الشعب لذا فهم يستهدفون الجمهورية الإسلامية في إيران بصفتها أكبر دولة شيعية في العالم الإسلامي استطاعت، على مدى العصور، أن تحمي الإسلام النقي وتحافظ عليه «هكذا يوصف المذهب الشيعي الإمامي في إيران». ويضيف التقرير أن السلطات الإيرانية اكتشفت رسالة بعثها زعيم «الوهابية» في باكستان إلى علماء أهل السنة والجماعة في إيران والمتأثرين بالفكر السعودي، ويكفي أن نورد جملة واحدة من هذه الرسالة لكي نبين أهدافهم: لا يهم إذا لم تجدوا عشاءكم ولكن اجتهدوا في إكثار النسل، فمستقبل إيران بين أيديكم.
المختصر عن هتلان بوست
أحمد أبو مطر
مجاهد مأمون ديرانية
يحيى العريضي
زهير قصيباتي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة