شؤون استراتيجية
تصدير المادة
المشاهدات : 2902
شـــــارك المادة
الديمقراطية نظام استفاد منه الغرب في ترتيب بيته الداخلي ووظفه لتثبيت وكلائه بالمستعمرات؛ بينما استفادت منه أنظمة القمع في إعادة إنتاج نفسها. الخداع الديمقراطي في الغرب يتم بشكل غير مباشر عبر التأثير في اتجاهات الناخبين أما الأنظمة القمعية فبشكل مباشر عبر التحكم بنتائج التصويت. تجارب شعوب الغرب مع أنماط الحكم الملكي والكنسي والإقطاعي والامبراطوري أورثتهم خبرة فجرت ثورة ثقافية أدت لتوازن قوى المجتمع.
الغرب أصبح ديمقراطي مع نفسه بفعل موروثه الثقافي إلا أنه استمر بشكله الاستعماري مع بقية الشعوب ليضمن سطوته بإدامة عوامل الضعف والجهل فيهم.
حكومات الظل في الغرب تتمثل بتحالف رجال المال والإعلام مع الأحزاب التي تتبنى برامج تخدمهم، فإن احترق الحزب الحاكم سياسياً انتقلوا لآخر وهكذا..
خبير الاقتصاد د.عبدالحي زلوم أثبت ووثق ونقل عن أرباب السياسة الأمريكية أن انتخاب الحزب الجمهوري أو الديمقراطي يقود لنفس النتيجة. الخداع الديمقراطي في الغرب بدأ ينكشف تدريجياً مع انتقال النقد له من المفكرين مثل تشومسكي إلى شريحة الشباب الذين شكلوا حركة "احتلوا وول ستريت" التي أدركت أن تحالف أرباب المال والإعلام هم أساس المشاكل الاقتصادية والسياسية المتكررة بفعل تحكمهم في العملية الديمقراطية. الغرب حافظ على إدامة تجهيل وإضعاف بقية شعوب العالم لكي تبقى مقيدة بأنماط فكر وأنظمة حكم تضمن عدم تحررها مما سهل تزوير إرادتها بالانتخابات.
الخداع الديمقراطي في الأنظمة القمعية يتم عبر السيطرة على جهاز تنظيم الانتخابات فمن خلاله يتم إبعاد المرشحين المنافسين وتتم فبركة النتائج. فلجنة الانتخابات هي من تحدد كشوف الناخبين وشروط الترشيح، وتحكم بفساد أوراق التصويت ومنها تخرج النتائج ولذا فهي مفتاح للخداع الديمقراطي.
في إيران يستحوذ المرشد على مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يبعد من خلاله مرشحي الإصلاحيين كلما أراد تحجيم قوتهم أمام حلفائه المحافظين، والحزب الوطني بمصر أزاح خصومه عبر فبركة أرقام التصويت، أما بعد الثورة فقد لجأ العسكر للجنة العليا للانتخابات لإزاحة بعض الخصوم كالشيخ حازم.
وجود مراقبين دوليين في أول انتخابات بعد ثورة مصر حرم العسكر من التزوير إلا أن وجود المحكمة الدستورية معهم مكنهم من إلغاء المجالس المنتخبة.
الخداع الديمقراطي في العراق بدأ بتزوير إحصائيات الشيعة ليحجزوا مقاعد أكثر ثم بسطوة المالكي على لجنة الانتخابات ليعيد ترشيحه وبدون أغلبية!
الجزائريين أشعلوا ثورة ضد فرنسا ثم ثورة ضد الجيش وهذا ما جعل فرنسا والعسكر يبتعدون عن الأضواء ليحكموا من خلف الستارة عبر الدمية بو تفليقة، في الجزائر تترك الأحزاب تتنافس في الانتخابات البرلمانية ليشعر الشعب بالديمقراطية أما الرئاسة فتحسم بالتزوير وهذا سبب بقاء بوتفليقه ٢٠ عاماً.
فيلم وثائقي يشرح كيف قامت فرنسا بإدارة الخداع الديمقراطي في أفريقيا. برنامج وثائقي: افريقيا فرنسا القارة المستباحة الجزء 1 برنامج وثائقي: افريقيا فرنسا القارة المستباحة الجزء 2
هناك دول تتبع نظاماً نصف ديمقراطي كالأردن والمغرب والكويت، والخداع هنا يكمن بأن السلطة غير المنتخبة لها حق قبول ورفض قرارات السلطة المنتخبة.
الخداع الديمقراطي في لبنان يكمن بأن اختيار الحكومة أو الرئيس لا يمكن دون توافق الدول الراعية وهذا ما يجعل أقلية كحزب الله تتحكم بالأغلبية.
النظام الروسي يعتمد على خداع ديمقراطي مباشر وغير مباشر ولذا يخلط بين التزوير والتوجيه الإعلامي وهذا ما ساعد بوتين على البقاء ١٥ عاماً.
موقع تركيا جعلها مزيجاً ثقافياً يجمع حريات أوروبا بتسلط الشرق وهذا ما حرم العسكر من تزوير إرادة الشعب ولكنه لم يمنعهم من الانقلاب عليها ! الجيش التركي كان ينقلب على الإسلاميين تحت غطاء حماية علمانية الدولة وهذا ما جعل أردوغان يمزج نجاحاته بغطاء الانضمام لأوروبا ليزيح العسكر.
الخداع الديمقراطي مسألة تخضع لمدى وعي الشعوب، ولذا كانت موجة الربيع العربي كفيلة بدفع الغرب لإظهار وجهه الاستعماري المعادي لحريات الشعوب!
والله أعلم.
أحمد محمد نعمان مرشد
حسان الحموي
نجوى شبلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة